Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Feb-2019

ما وراء دخان مطيع* جميل النمري

 الغد

السؤال الذي يدور على لسان الجميع في قضية الدخان هو : ماذا عن الفترة من 2005 الى 2015 ؟ فنشاط مطيع وأعوانه بدأ بين عامي 2004 – 2006 ولائحة الاتهام تذكر بالتفصيل سير النشاطات حتى العام 2018. لكن تواطؤ مسؤولين وتلقي رشاوي يظهر فقط في آخر 3 سنوات مع اسم مدير الجمارك وغيره.
لندع جانبا الضخ الجائر من تسريبات ومعلومات على وسائل التواصل، لكن التساؤل اعلاه مشروع ومنطقي ويستحق التعامل معه والاجابة عليه !
من المشروع التفكير في أن التعاون مع مطيع وبأشكال مختلفة والحصول على المال شمل آخرين كثرا. ربما أن التحقيق لم يصل اليهم، ولم يتمكن بالنتيجة من توجيه الاتهام لأحد من المسؤولين أو النافذين غير ما ورد في لائحة الاتهام، وربما أن الاعترافات اقتصرت على تلك الدائرة الضيقة في الفترة المحددة. وربما أن البينات والشهادات لم تتوفر بحق آخرين رغم العلاقة الظاهرة مع مطيع والظن بضلوعهم في دعمه ومساندته ونحن لم نسمع عن استدعاء الكثير من الاسماء للتحقيق.
والمهم في النهاية أن الجهات التحقيقية والقضائية لا تستطيع أن تتعامل مع الشبهات والظنون بل مع الوقائع والبينات والاعترافات التي وصلت إلى ما تضمنته لائحة الاتهام. لكن في ضوء هذه النتيجة نتمنى ألا يغلق ملف القضية بل يبقى مفتوحا واعتبار لائحة الاتهام وتحويل المعنيين إلى القضاء محطة أولى قد انجزت.
لا شك أن الجهات المسؤولة كانت تحت ضغط شديد من الرأي العام للوصول إلى نتيجة وهي بالفعل فعلت ذلك في وقت قياسي، لكن الآن يمكن المضي قدما بهدوء وتصميم وعلى مهل. وإذا كان هناك متواطؤون ومستفيدون آخرون لم يتمكن التحقيق من صيدهم فيجب ألا يرتاحوا بقفل الملف.
قضية مطيع أعادت إلى الصدارة مشكلة الفساد التي بقينا نختلف على تقدير حجمها ودورها في ما تعانيه البلد اقتصاديا ومعيشيا. شخصيا كنت دائما ممن يعتقدون بأن هناك مجتمعيا مبالغة في التصور السائد عن الفساد ودوره في في تضخم المديونية وتفاقم العجز وكذلك في الشعارات الاحتجاجية عن البلد والمقدرات المنهوبة والأرقام التي تضع تقديرات لا تقل عن المليارات في كل قضية منفردة من الكهرباء إلى شركات التعدين إلى الاتصالات إلى النفط والطاقة الى التبغ ولو جمعتها فهي تفوق حجم الاقتصاد الأردني بأضعاف. لكن قصة مطيع التي امتدت حتى الأمس وبعد كل الاستراتيجيات الخاصة بمكافحة الفساد والتشريعات والخطط طوال عقد ونيف ووصلت مؤخرا إلى حد اطلاق التطمينات عن خلو البلاد من الفساد الكبير، يعيدنا إلى نقطة الصفر ويعطي مصداقية للشائعات التي تسري كالنار في الهشيم.
هل اشتغلنا حقا بطريقة صحيحة وبما يكفي لمكافحة الفساد والأهم هل نحن على الطريق الصحيح لدرء الفساد وتجفيف منابعه وهل قضية مطيع تشكل استثناء وفي نهاية المطاف انكشفت وتم القبض على كل المتورطين بما يظهر الارادة السياسية الحاسمة في منع الفساد والمحاسبة الصارمة عليه؟ لا يبدو الأمر كذلك في ذهن الرأي العام . وواقع الحال الراهن أن هناك مساحات نفوذ يختلط فيها النفوذ الاقتصادي مع السياسي مع البلطجة تثبت حضورها وسطوتها ولا يمكن القبض فيها على جريمة محددة. كل واحد فينا يعرف ويرى هذه الظاهرة التي يتم محاباتها وهي تفسد الحياة العامة وتضعف مصداقية الدولة في الشفافية والنزاهة وتشجع ثقافة المحسوبية والتكسب والفساد الاداري في مرافق مختلفة وقد نمت ظاهرة مطيع في هذا الوسط وتظللت به. وأعتقد ان أمام الحكومة بل والدولة عموما استحقاق وقفة جديدة للتقييم والخروج بالاستخلاصات الصحيحة.