Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jan-2017

ترامب وفوكوياما.. واشياء اخرى ! - محمد كعوش

 

 
الراي - يقول فرانسيس فوكوياما في كتابه « نهاية التاريخ والأنسان الأخير :» أن السعي لرئاسة الجمهورية ، أو تسلق قمة أفرست ، في وسعهما أن يغريا البعض من ذوي الطبائع الطموحة «. تذكرت هذه العبارة وانا أتابع نشاطات الطموح بطبعه الرئيس المنتخب دونالد ترامب عشية دخوله الى البيت الأبيض.
 
والغريب ان فوكوياما ، المنحاز الى جانب اليمين الأميركي ، ويبشر بفكر المحافظين الجدد ، وعولمة الديمقراطية الليبرالية والليبرالية الأقتصادية والفضائل التي تمجدها الحروب ، قد ذكر اسم جورج بوش السياسي ودونالد ترامب المتعهد ، في الفصل الأخير من كتابه الذي نشره قبل 23 عاما مبديا اعجابه بهما كرمز للمثالية الأميركية التي لا تنضب.
 
هنا لا اريد مناقشة محتوى كتاب « نهاية التاريخ « ، الذي يحاول فيه الكاتب توظيف حركة ومحركات التاريخ ، لتأكيد الذات الأميركية وانتزاع اعتراف الآخرين بها بالقوة ، لأقتناعه بانها « سيدة الكون «. ولا اريد مناقشة افكار فوكوياما المؤمن بأن الحروب هي الدافع القوي لعقلنة المجتمعات ، ويروّج للحرب ، ويبسّط الفكرة ، بحيث يزعم أن البشر يقاتلون بسبب الضجر ، لأنهم لا يتخيلون انفسهم في عالم بدون صراعات ، وانهم بحاجة الى معركة بدون أهداف محددة وبلا مكاسب !!، ووظّف بعض أقوال ومعتقدات الفلاسفة ، من ارسطو وافلاطون الى هيغل ونيتشه ، لخدمة معتقداته وقناعاته.
 
ولكن اخشى من الرابط بين فوكوياما وترامب. لأن من يقرأ سيرة ومسيرة الرئيس المنتخب ترامب ومعتقداته ، واستمع لأٌقواله وتصريحاته ، خلال الحملة الأنتخابية وبعدها ، يساوره القلق والخشية ان يكون الرئيس الجديد من معتنقي افكار ومعتقدات وقناعات فوكوياما ، أو يبادله الأعجاب. لذلك لم اشعربالدهشة عندما عبر العالم عن قلقه الشديد عقب فوز ترامب ، لأن لا أحد يستطيع معرفة حجم أوحدود ردود فعله ، خصوصا أنه محاط بحلقة من المستشارين والمقربين ( الصقور ) ، اضافة الى تضخم ( الأنا الأميركية ) لديه ، ووعد ناخبيه بأميركا الأقوى.
 
لذلك القلق يشمل حلف شمال الأطلسي ، والدول الأوروبية ، وجيران الولايات المتحدة وأعني دول اميركا اللاتينية ، التي لم تسلم من تلميحاته وتصريحاته الأرتجالية ، اضافة الى اندفاعه في العداء لأيران ، والتلويح بالأنسحاب من الأتفاق النووي مع طهران.
 
هذا النمط من رؤساء الولايات المتحدة غير مسبوق ، حتى انه يتجاوز بحماسه واندفاعه بعض الرؤساء من الحزب الجمهوري مثل رونالد ريغن ، وجورج بوش الأبن ، أي أنه بحاجة الى ضوابط ، لأنه قادم من التجارة الى السلطة ، ولم يخض معترك الوسط السياسي والحزبي.
 
لذلك أقول أنه رئيس غيرعادي ، خصوصا انه يدخل الى البيت الأبيض معصوب العينين ، أو كمن يمشي في حقل ألغام نتيجة الملفات الشائكة الصعبة المعقدة المرحلة من عهد الرئيس اوباما ، مثل قضية أوكرانيا والعقوبات على روسيا والصراع في سوريا وحل الدولتين العالق بين السلطة الفلسطينية واسرائيل ، خصوصا بعد وعده بنقل السفارة الأميركية الى القدس المحتلة.
 
واللافت أن فوز ترامب في الأنتخابات ، احدث هزة كبيرة في المجتمع الأميركي ، كان لها تداعياتها وارتداداتها داخل المجتمع الأميركي الذي انقسم بشكل واضح ، بحيث سارت مظاهرات احتجاجية ضد فوز ترامب ، كما خرجت مظاهرات مؤيدة له ، وهذا المشهد غير مسبوق في الشارع الأميركي.
 
عشية دخول الرئيس المنتخب ترامب الى البيت الأبيض، واستلامه السلطة في أقوى دولة ، اقتصاديا وعسكريا ، سيخطف الأضواء ، والكل سيكون بانتظار الأعلان عن برنامج ادارته ، وخططه المستقبلية ، واسلوب نهجه في الحكم ، لأن حساب الحقل غير حساب البيدر ، وما يرفعه ترامب المرشح في حملته الأنتخابية ، قد لا يتناسب مع مسؤوليته كرئيس للولايات المتحدة ، أو يضرب بالمصالح الأميركية العليا.
 
على كل حال ، اليوم العالم ينتظر، ونتمنى أن لا يكسر الرئيس ترامب عصاته من أول غزواته, حسب القول الشعبي الذي يقترب من الحكمة.