Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Feb-2019

خلط أوراق أميركي في وارسو!* ماجد توبة

 الغد

رغم كل التهويمات الأميركية ومحاولات استدراج أوسع مشاركة دولية وإقليمية لمؤتمر وارسو، الذي افتتح بالعاصمة البولندية أمس، ويختتم اليوم، فإن الولايات المتحدة لم تستطع التمويه كثيرا على هدفها من المؤتمر، حيث تسعى لبناء جبهة دولية واقليمية من الحلفاء ضد إيران، باعتبار تحديها هو أساس عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، فيما لم يشتر أحد جديا ترويجها لإدراج القضية الفلسطينية على اجندة المؤتمر، فهي آخر الاهتمامات الآن! 
الدفع الأميركي بالملف الايراني كملف رئيسي بل ووحيد عمليا على اجندة المؤتمر قوبل بانحفاض مستوى التمثيل من قبل الدول الاوروبية التي يفترض بها انها حليفة لأميركا، لكنها تختلف مع التقييم الأميركي باتجاه العلاقة مع ايران، وترى ان الاخيرة ملتزمة بالاتفاق النووي واشتراطاته، وبالتالي لا تؤيد القرع الأميركي لطبول الحرب والحصار والاستهداف، فجاء تمثيل اغلب الدول الاوروبية على مستوى اقل من وزير الخارجية. 
الاحتفاء الابرز بمؤتمر وارسو هو الاحتفاء الاسرائيلي، حيث يشارك نتنياهو بالمؤتمر، الذي يريد حشد العالم والاقليم ضد ايران، فيما تبدو المشاركة العربية على مستوى وزراء الخارجية منقسمة الدوافع والملابسات، ففي حين يمكن القول ان بعض الدول تؤيد منح الملف الايراني الأولوية تبدو دول ومن ضمنها الأردن، مضطرة للمشاركة بالمؤتمر، رغم تأكيدها ان ملف الصراع مع اسرائيل هو الأولوية، وان أساس عدم الاستقرار بالشرق الاوسط هو استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية، وعدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية. 
واحسنت القيادة الفلسطينة صنعا عندما اعلنت مقاطعة مؤتمر وارسو، وذلك ضمن قرارها المتواصل بمقاطعة الاتصالات مع الادارة الأميركية منذ اتخاذها قرارها العدائي بالاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الاسرائيلي، فهذه المقاطعة الفلسطينية تسحب من تحت ايدي الادارة الأميركية البساط للادعاء بانها ما تزال تمارس دور الوسيط النزيه، وان اصحاب القضية منخرطون بالجهود الاميركية للتسوية المفترضة. 
لا أحد يقلل من اهمية الموقف الأميركي المستند الى قوتها ونفوذها الكبير، لكن جهودها لحرف الصراعات والازمات في المنطقة باتجاه ايران والتغاضي عن الملف الاساسي وهو القضية الفلسطينية، لا مستقبل لها، فالخلافات مع رؤية الكتلة الاوروبية، سواء في ملف العلاقة مع ايران او القضية الفلسطينية وطبيعة التسوية المطلوبة، اكبر من ان يتم رتقها من قبل ادارة ترامب الهوجاء، التي تحاول أن تقود السياسة الخارجية وفق عقلية التاجر الشاطر الذي يريد ان يستحوذ على كل شيء دون ان يترك لحلفائه، باستثناء الكيان الاسرائيلي، سوى فتات المصالح والكثير من الازمات. 
اعتقد ان امام الدول العربية، خاصة تلك التي لا ترى مصلحة عربية بقرع طبول الحرب مع ايران واهمال القضية الفلسطينية كمنبع لكل الازمات، الرهان على مواقف الكتلة الاوروبية والسعي للتنسيق معها بادارة ملف الخلافات والتباينات مع واشنطن وادارة ترامب، كما ان الولايات المتحدة رغم اهمية حضورها دوليا لم تعد تنفرد بالعالم كما في فترة ما بعد انهيار الشيوعية والاتحاد السوفياتي مطلع التسعينيات الماضية، فالتكتلات العالمية والتحركات الدولية، كما في قمة سوتشي الروسية التركية الايرانية التي تأتي بالتزامن مع مؤتمر وارسو وبالضد منه، وغيرها. 
رغم الضعف العربي والانقسامات الخطيرة والتي تعمقت في العقد الاخير بين الدول العربية فإن ثمة مساحات من الحركة والمرونة يمكن للأردن ومصر والقيادة الفلسطينية وغيرها من دول عربية استغلالها والمناورة فيها، لتجنب الانجرار الى ما يروج له من “صفقة قرن” او التحالف تحت يافطات جديدة ضد ايران او غيرها!