Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Apr-2018

أطفال الأناشيد... كلاكيت:ثالث مرّة - م. باهر يعيش

الراي-  تمرّ السّنون وصاحبنا في مرحلة الأعدادية على مشارف الثانويّة.صاحبنا هذا..أتذكرونه !ذلك التلميذ الصغير ذو البنطال القصير والسفرطاس في مرحلة الأبتدائيّة,ذاك التلميذ الذي نشأ في بيت من بيئة طيبة عريقة,نبت في أرض كريمة معطاءة جلود صبور و...أبيّة,من تتلمذ على يد معلّمين بثوا فيه روح الوطنيّة النّظام الأخلاق الحميدة التهذيب الأباء والرجولة... رجولة الأطفال قبل الأوان.كان أطفال البلد أذ ذاك و ما زال قدرهم ,أن ينشؤوا في حقل لا يعرف هدوءا،في بيدر زُرعت أشواك

فيه،تحيطه تحاصر قمحه وأزاهيره زيتونه وتينه أشواك غريبة عجيبة تمصّ غذائها بجذور واهية تغرزها في جدران جذور أشجارنا شرايين الورد والدذم منّا.فتّح عينيه كغيره من الأطفال على سوار الأشواك حول معصميه وطوق الشوك على محيط رأسه.كانت تلميذاتنا في تلك المرحلة وما زالت وهي أمرأة,فتاة صغيرة تلعب في روضة الأطفال في بيدرها في حوش دارها في الطريق لعبة القفز بين الخطوط وقد خطّت مع رفيقاتها بحجر الطٌبشور خطوطا طولية عرضية أفقية رأسية مائلة كلّها تؤدي ألى الكرم..كرم أهلها.هي/هو,لم يعش الطّفولة كغيره في بلادهم هنااااك(أهل الشوك)فوق بحرنا.قلعوا الشوك من بيادرهم وزرعوه في بيادرنا...هكذا.
فتحت الطّفلة/الطّفل عينيه على برق في سمائه,فتح أذنيه سمع أبويه ينشدان فأنشد من بين أسنان اللّبن: موطني موطني،نحن الشّباب لنا الغدُ،بلاد العرب أوطاني وبلادي بلادي..لك حبّي وفؤادي في الهجمة الأولى للجراد على البيدر,ثمّ وقد وعي:قسما أن تحيا الجزائر وفلسطين تفدي حماك الشّباب.إستمرت الأناشيد تُولد من رحم الوطنيّة وهو يرى زملاءه: من نبت معهم فى أرض واحدة...متباعدة,ينهضون كمثله،ينشدون كمثله:أناشيد تحفّز تستحلف تنادي تناشد(أليست هي أناشيد؟!)الكون الغافي النائم أن ينصفه يقف معه يحميه ويؤازره...لكن!!
كانت الأرض تدفع بساقي صغيرها عبر قدميه فوركيه فسلسلة من حجر الجبل من عَظمٍ الفقار في ظهرٍ تصلّب وهو بعد خداجًا،عبر عنق أستطال عن حدّه ورأس تصلّب كالصوّان وصولا إلى أعلى قمم البلاد فيه حيث كانت تنمو تنبت تباعا على قمّة رأسه إلى السموات العُلى عبر كثير من سّحاب من ضّباب لينضج قبل ألأوان وعلى نار حامية.كان في السابعة عشرة حماسا وهو بعد في السابعة,كان في العشرين همّة ونشاطا وتضحية وهو بعد في العاشرة,كان في الثلاثين الأربعين الخمسين رجولة مثابرة عطاء فداء وافتداءا وتضحية وهو بعد في العشرين.كان في السّتين السبعين الثمانين حكمة خبرة هدوءا في قراره في أنفعاله وهوبعد في الثلاثين,حين كان الكثيرون من شيوخ الآخرين في المهد يرتعون.
وقف صاحبنا منضبطا إنضباط ذلك الزّمن الجميل بمعلّميه ذوي الطرابيش الحمر صفًوفا مع زملاءه في
ساحة مدرسته وقد وخط شاربه أشتدّ عوده أسمرّ وجهه وزنده والبطين الغربيّ من قلبه حيث تغرب
الشّمس.ينتظرون مرور مديرهم يحيّهم يستعرض فيهم الرّجولة والكرامة وهو مطمئن إلى أن ما زرعه
زملائه،من حسن خلق نظام إيثار رجولة وسعي نحو العلم والعلا وفداء الوطن قد أثمر.
كان موسم الأناشيد على أشدّه وقد زيّنه المغنى الوطني.أنشد غنّى مع عمالقة النشيد والغناء الوطني للنهر...للنيل للفرات لدجلة لبردى لحاصباني لوادي مأرب لوادي الشلف..هناك في جزائرنا،غنّى لنهر العوجا هناك وسط الأشواك ولنهر الأردنّ متوسّطا...منبع البطولة والتاريخ نهر التّضحية والرّجوله,لكلّ نهر وسيل وجدول يتبخترعلى أرض بلاده,حتى الوادي الكبير هناااك في الأندلس...أتذكرونها؟!أنشد وغنّى لهديره الحزين.
لماذا يعشق طفل الأناشيد هذا,النهر؟!لأنّه لا ينضب,جحافل من شباب تندفع أمواجا أفواجا أجيالا في واديه كما الماء هادر منشد على وقع مزامير الوطن وحداء العير وصهيل حصان أو فرس عليه خالد أو شراع سفين عليها طارق يخبّ يجري يسعى لبلوغ رفعة عزّة وسمو الوطن هنا,وحدود حريّة الوطن هناك,و...سيبلغها.
mbyaish@gmail.com