Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    18-Jan-2018

سوريا .. حرب تلدُ أخرى!! - صالح القلاب

 الراي - لم يصدق البعض بأن هذه الحرب، التي رد بها بشار الأسد على مظاهرة أطفال في مدينة درعا السورية الجنوبية، سوف تستمر كل هذه الأعوام من 2011 وحتى الآن وقد لا يصدق هؤلاء وغيرهم أن هذا البلد لن يستعيد استقراره ومسيرته العادية ويعود إليه أهله، الذين فرّوا إلى الخارج هروباً بأرواحهم وأرواح أطفالهم وأصبحوا لاجئين وبالملايين في دنيا االله الواسعة، لا في عشر سنوات وربما ولا في عشرين سنة وأكثر.

 
كانت هذه المأساة قد بدأت بحرب واحدة، عندما رد هذا النظام الإستبدادي القمعي على أطفال درعا وعلى المظاهرات السلمية التي تبعتها بالرصاص وبالمدافع والصواريخ، لكن تلك الحرب ما لبثت أن ولدت حرباً جديدة وحيث أن هذه الحرب الجديدة أصبحت حروباً بعدما تحولت سوريا كلها إلى ساحة صراع داخلي وإقليمي ودولي زادها اختراع «داعش» وتدخل «القاعدة» وأيضاً: «كل ما هب ودب» إشتعالاً ومأساوية وهكذا إلى أن أصبحت الأوضاع على ما هي عليه الآن وأصبح هذا البلد و «من الوريد إلى الوريد»، كما يقال أكواماً من الحجارة والأتربة.
 
والأخطر أن هناك الآن عمليات تقسيم كان بدأها هذا النظام، الذي بات مجرد واجهة للغزاة الذين جاءوا من الخارج ومن كل حدب وصوب، بما يسمى:»سوريا المفيدة» التي يجري ترسيمها الآن بإشراف روسي ومشاركة إيرانية وهذا يعني أن حالة عدم الإستقرار في هذا البلد قد تستمر حتى منتصف هذا القرن فالمتدخلون الذين جاء بعضهم من وراء الحدود البعيدة كلٌّ منهم له أهدافه وتطلعاته والمثل يقول:»عندما تقع البقرة يكثر السلاخون» وحقيقة أن الطامعين قد تكالبوا على هذا البلد العربي كتكالب الأكلة على القصعة مما يعني أن عودته إلى ما كان عليه قبل آذار (مارس) 2011 لا تزال أمامها مسافات طويلة.
 
لقد أصبحت سوريا مثقبة بالغزاة من وراء الحدود البعيدة ومن بعض دول الجوار كقطعة جبنة فرنسية والمشكلة هنا أن كل ثقب أصبح بمثابة قاعدة متقدمة لبلده مثل قاعدة «حميميم» وقاعدة «طرطوس» الروسيتين وأصبح له مستوطنات كالمستوطنات الإسرائيلية وبخاصة في دمشق الأموية التي باتت تفقد ملامحها التاريخية وتم تحويل جزء كبير منها من الطابع العربي الأصيل إلى طابع «قم» الإيرانية.
 
إنه ليس نوعاً من التطيَّر ولا نوعاً من الهواجس الظلامية.. إنه الحقيقة التي لا غيرها حقيقة والحقيقة أن عودة قلب العروبة النابض قد لا تعود إلى ما كانت عليه في عام 2011 قد لا تكون حتى بعد عشرين عاماً وربما أكثر والمعروف أنه في حال عودتها فإن هذه العودة ستكون أكواماً من الأتربة والحجارة وستكون الملايين من اللاجئين الذين أفقدتهم سنوات الغربة القاسية ذاكرة المكان وذاكرة الزمان.. وكل شيء!!.