Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Mar-2017

إعادة بناء تنظيم «القاعدة» - حسن أبو هنية
 
الراي - ثمة سوء فهم والتباس في فهم تنظيم القاعدة ذلك أن المنظمة التي أطلقت على نفسها تسمية «قاعدة الجهاد» منذ 2002 تختلف عن تنظيم القاعدة الذي تشكل عام 1988 ويختلف عن «الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين» التي ظهرت عام 1998 ففي بداية التأسيس كان التنظيم مركزيا ونخبويا وفي مرحلة الجبهة كان ائتلافا جهاديا من حركات تناهض العولمة وفي حقبة ما بعد سبتمبر 2001 تحول إلى مزيج من مركزية القرار والإيديولوجيا ولا مركزية الفروع بدمج الأبعاد المحلية والعالمية ومناهضة العدة القريب والبعيد.
 
لقد تحول تنظيم القاعدة بعد ثورات الربيع العربي إلى «رسالة إيديولوجية» كناد للجهاديين يمكن أن يأخذ أشكالا تنظيمية متعددة دون الخروج عن نسق القاعدة التي تقدم نفسها كطليعة مقاتلة عن الأمة الإسلامية تتكيف مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية لكنها تتوافر على سلطة مرجعية إيديولوجية تستند إلى تراث السلفية بترسيمتها القطبية ومفاهيمها الأساسية المؤسسة كالحاكمية والجاهلية والجهاد والطاغوت والتي تستلزم ضرورة الكفر بما يناقضها من مبادئ الديمقراطية والتعددية والحقوق والحريات والمواطنة.
 
هكذا فإن تعدد التسميات لا تعني الخروج عن «القاعدة» وتقع في سياق عمليات من التكيّف لإعادة التموضع وكسب أنصار جدد كما حدث عقب الربيع العربي بإعادة تموضع القاعدة مع نموذج «أنصار الشريعة»، والتي قدمت نفسها في دول عربية وإسلامية عديدة كحركات جديدة تهدف على المدى البعيد إلى السيطرة المكانية وتطبيق الشريعة ومناهضة الغرب والأنظمة، فالقاعدة تقدم نفسها كمشروع سياسي يتوافر على مرونة في إطار إيديولوجية صلبة تسعى لبناء إئتلافات مع حركات جهادية محلية كما هو حال قيادة القاعدة المركزية في أفغانستان وباكستان التي تعمل في إطار تحالف مع حركة طالبان.
 
سوف نجد سلوك فروع تنظيم القاعدة يتطابق مع سلوك التنظيم المركزي بالاعتماد على بناء ائتلافات محلية سواء أعلنت ولاءها أم أعلنت فك ارتباطها فعندما أعلنت جبهة النصرة الفرع القاعدي في سورية عن فك ارتباطها بالقاعدة وتسمية نفسها «جبهة فتح الشام» تمت العملية بالتنسيق والتشاور مع جهاديي القاعدة وعندما بدلت تسميتها وعدلت قياداتها وأعلنت عن ضم فصائل جهادية وأعلنت عم تأسيس «هيئة تحرير الشام» بزعامة الأمير السابق لحركة «أحرار الشام الإسلامية» هاشم الشيخ الملقّب بأبي جابر الشيخ ومباركة دعاة وشيوخ في مقدمتهم القاضي العام في «جيش الفتح» السعودي عبدالله المحيسني وضمت إلى جانب «جبهة فتح الشام»، «حركة نورالدين زنكي» و»لواء الحق» و»جبهة أنصار الدين» و»جيش السنة» كانت تتكيف مع حركات محلية نافذة لإعادة التموضع كما هو حال القاعدة في أفغانستان وباكستان.
 
تكيفات القاعدة مع الوقائع الجديدة وتبديل الأسماء وإعادة نسج روابط محلية هو نهج أساسي في سلوك القاعدة وقد ظهر في حالة اليمن مع بروز «أنصار الشريعة» ثم «أبناء حضرموت» وغيرها من التسميات وفي قاعدة المغرب الإسلامي وإمارة جنوب الصحراء التي شهدت بروز ائتلافات عديدة مع حركات محلية كان آخرها في 3 مارس 2017 عندما أعلنت تنظيمات جهادية عديدة في شمال مالي الناشطة في منطقة الساحل والصحراء عن الاندماج في تنظيم جديد اطلقت عليه جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» وضم أربعة تنظيمات رئيسية هي «انصار الدين» و»كتائب ماسينا» و»المرابطون» و»امارة الصحراء» وتنصيب القيادي الإزوادي البارز إياد غالي قائد تنظيم «انصار الدين» اميرا للمكون الجديد والذي أعلن في شريط مصور بيعته لأيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة» ولأمير فرع تنظيم القاعدة في «المغرب الإسلامي» ابو مصعب عبد الودود وبيعة أمير حركة طالبان الملا هبة الله أخوند.
 
خلاصة القول أن تنظيم القاعدة يحاول منذ تحوله إلى قاعدة للجهاد أن يقدم نفسه كرسالة إيديولوجية جهادية وليس كتنظيم مركزي يعمل في إطار أمة إسلامية متعدة القوميات والإثنيات ولذلك فهو يعتمد دائما على بناء تحالفات مع قوى محلية تعمل في نسيج اجتماعي متجانس كما هو حال التنظيم في أفغانستان وباكستان الذي يرتكز بصورة أساسية على قومية «البشتون» وكما هو حال فرع القاعدة في منطقة الصحراء والساحل التي ترتكز إلى التحالف مع قومية «الأزواد» لكن القاعدة تجد صعوبات في حال الدولة القومية مهما بدت فاشلة الأمر الذي يبرع فيه تنظيم الدولة الإسلامية الذي يعتمد على الأساس الهوياتي الديني والانقسامات المذهبية ويقدم نفسه كممثل للسنة.