Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Feb-2019

متسابق أردني یتقدم بمنافسات ”أمیر الشعراء“
أبوظبي- الغد- في دار زاید التسامح وعلى مسرح ”شاطئ الراحة“؛ التقى لیلة أمس الثلاثاء؛ أربعةٌ من فرسان ”أمیر الشعراء“، معلنین بدء منافسة شعریة جدیدة فیما بینھم، ممثلین أربعة دول، وھم
أماني الزعیبي من تونس، شیخة المطیري من الإمارات، علي حسن الحربي من البحرین، ومبارك سید أحمد من مصر.
ّ وقبل أن تبدأ المنافسة بین الشعراء الأربعة؛ تم الإعلان عن اسمي الشاعرین اللذین تأھلا إلى المرحلة الثانیة عن الحلقة الثانیة، وذلك بعد جمع درجات لجنة التحكیم التي حصلا علیھا مع درجات تصویت الجمھور، فحصل الشاعر الأردني ھاني عبدالجواد على 63 درجة، فیما حصل الشاعر المالیعبدالمنعم حسن محمد على 62 درجة، لینضما بذلك إلى زمیلتیھما الشاعرة ابتھال تریتر التي سبق لھا وتأھلت بدرجات اللجنة، ولتغادر خلود بناصر المسابقة وھي التي. قدمت نصاً متمیزاً كانت الأمسیة مفعمة بالحماس كسابقتیھا، وقد شھدھا كل من عیسى سیف المزروعي نائب رئیس لجنة إدارة المھرجانات والبرامج الثقافیة والتراثیة، والشاعر حبیب الصایغ رئیس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، الأمین العام لاتحاد الكتاب العرب، وسلطان العمیمي مدیر أكادیمیة الشعر، إلى جانبھم عدد من الشعراء والنقاد وجمھور الشعر الذي ملأ مدرجات المسرح.
وخلال الأمسیة أطلت الفنانة الأردنیة زین عوض، وغنت قصیدة الشاعر نزار قباني (اغضب)، وعزفتھا على البیانو بمصاحبة فرقتھا الموسیقیة. والقصیدة من ألحان الموسیقار حلمي بكر، وقد سبق للفنانة أصالة نصري غناءھا.
من جانبھا قدمت لجین عمران أعضاء لجنة تحكیم ”أمیر الشعراء“، د. صلاح فضل، ود. عبدالملك مرتاض، ود. علي بن تمیم، الذین قدموا نقداً وافیاً عن قصائد شعراء الحلقة، ومنحوا الشاعر المصري مبارك سید أحمد 44 درجة، ما یعني انتقالھ إلى المرحلة الثانیة من المسابقة، فیما منح أعضاء اللجنة كلاً من الشاعرة الإماراتیة شیخة المطیري والشاعرة التونسیة أماني الزعیبي 43 درجة، أما الشاعر البحریني علي حسن فحصل على 39 درجة. وبناء على تلك النتائج؛ سیكون أمام الثلاثي أسبوعاً من انتظار نتائج تصویت الجمھور، لتُجمع مع درجات لجنة التحكیم، ومن ثم یتم الإعلان عن اسمي المتأھلین أو المتأھلتین بدایة الحلقة القادمة. التسامح عنوان المجاراة بین النبطي والفصیح
لیلة أمس استضاف ”أمیر الشعراء“ نجمین من نجوم برنامجي ”أمیر الشعراء“ و“شاعرّ الملیون“، وھما الشاعر العراقي ھزبر محمود والشاعر الكویتي ماجد لفى الدیحاني. فقدما قصیدتین عنوانھما التسامح. فقال الشاعر ھزبر محمود:
ُزرعت بأرض خصبة الّلمعان
لتكون شمساً والعطاء فروعھا
فتشابكت خیراً على الجیران
ّ وثمارھا ضوئی ّ ة تزھر بعطر العز
ّفواحاً من البستان
ٌ سامح لم تقف طیر
من بعضھا لولا التّ
ولا غنّت على الأغصان
ٍ ھي باختصار بسمة الأوطان للأوطان
والأدیان للأدیان
ّ لكم أھلي لأن عروبتي
شكراً
ٌ نھر بكم متدفق الجریان
من ھا ھنا انطلق العناق
ولم تكن من قیمة علیا سوى الإنسان
فیما ألقى الدیحاني قصیدة نبطیة قال فیھا:
ھلّ ّ ت مزون الغیمة الش ّ عریةواروت شعوري واثمرت قیفاني وطارت حمامات السلام وحامت تستوحي الألحان من وجداني في دار زاید للتّسامح موطن بصمة فخر للموقف الإنساني
ٍ ت نسایمھا بشكل ثاني تشج ّ ر الطیب ربا في حماھا وغنّ ھا محد ّ یحس بغربة حتّى الغریب یعیش فیھا ھاني
في ظلّ
ّ شعب الإمارات الأصیل والوافي للض ّ یف حي وبالكرم متفاني
”تراتیل الضوء“ لآمال الزعیبي
والحلقة التي نقلتھا قناتا الإمارات وبینونة على الھواء مباشرة كما ھي العادة؛ بدأت مع الشاعرة
آمال الزعیبي التي ألقت قصیدتھا ”تراتیل الضوء“ فخطفت إعجاب النّقاد، وھو ما أكده الناقد د.
صلاح فضل الذي قال إن أماني قادمة من بلد الجمال تونس الخضراء الفیحاء.
ومما قالتھ أماني في الأبیات الأولى من قصیدتھا:
ّ ألقى إلي نشید البرق واستترا ضوءاً ُ ھممت ّ بھ فانسل واندثرا
ُشھرت ولھاً تحفّھ ھدأةٌ ّ بالروح قد نُثرا
ٍ أسرى إلى سدرة قد أ
یمشي على غمغمات الماء ینزعھا من طینھا وحدهُ كان الخطو والأثرا
ّد من أثوابھا بشرا
ّ قد صافح الشمس إذ قامت تصافحھ كأنّھ قُ
ّ فارتد ّ في خافقي الط ُ وفان منكدرا
وشق في البحر بھواً موغلاً أبداً
ّ ھ فسرى، قیدتھ انتشرا
ّ خبأتُ
ّ وضج في الط ٌ ور صوت یعتلي قبساً
ّ لھ البدایات رؤیا الأنبیاء ولي رؤیاي سویت من أشتاتھا دررا
ورأى د. فضل رأى أن أماني قالت شعراً جیداً یدعو للتأمل، لكنھ یحتاج إلى شيء من التفسیر،
لأن لعبة الضمائر لدیھامحیرة. حیث وجد في القصیدة ثلاثة مقاطع. ففي البدایة یوجد المتكلم
ّ (ھو وأنا)، وذلك عندما قالت: (ألقى إلي)، فلم یعرف د. فضل من ھو الذي ألقى إلیھا.ثم تنتقل
ّ ار تكوین الرماد ولي/
إلى ضمیر المتكلم في بیت جمیل استحق تشجیع الجمھور (لي رعشة النّ
لیل أصیر على أعتابھ قمرا)، وھو طیب ومفھوم وشفاف. لكن عندما تنتقل إلى ضمیر (ھم)
لقیس والنّذرا)؛ لا یعرف
ِ
ّ بقولھا: (ھم صو ّ روا من شعاب الروح ھدھدھم/وأخرجوا من غدي ب
ّ القارئ من ھم الذین تعنیھم، ومن ھم الذین أخرجوا بلقیس من مستقبل تونس، فتعمي كلامھا
قلیلاً. وبرأیھ أن ذاك التھویم الشعري یضعف رسالة الشاعرة، ومع ذلك فإن القصیدة في جملتھا
.
محكمة البناء على ما في ضمائرھا من إبھام. ثم دعا أماني إلى جعل الضمیر ظاھراً
ّ فیما بدأ د. علي بن تمیم من عنوان النص (تراتیل الض ّ وء)، وقال إنھا تراتیل مجودة تشبھ تونس
وأھلھا، والقصیدة التي قدمتھا أماني متشحة بالغموض الشفاف الذي یثري المعنى، ویجعل
القارئ یقرأ النص قراءة تفاعلیة لیصل إلى المعنى ویكشف عن جمالیاتھ، وھذا ما وجد فیھد. بن
.
تمیم ملمحاً جمالیاً
والقصیدة – كما قال – تتحدث عن الإلھام الشعري، وتحاول أن تبحث فیھ، وتصفھ بعبارات
مجنِّحة، فھو یأتي لمحاً كالبرق الخاطف، ویأخذ بصاحبھ إلى سدرة الشعر ولیس إلى سدة
ّ المنتھى (ألقى إلي نشید البرق واستترا/ضوءاً ُ ھممت ّ بھ فانسل ٍ واندثرا)، (أسرى إلى سدرة قد
ُشھرت ولھاً/تحفّھ ھدأةٌ ّ بالروح قد نُثرا).
أ
ّ ثم إن القصیدة تستعیر من مفردات القرآن، وتشیر إلى السمو والعلو ّ والتفرد، بعد ذلك تحرص
على التنبیھ إلى أن الإلھام ھنا ھو بشري، فتتحدث عن الطین والماء لتعود وتصعد إلى الشمس،
ّ ثم تعود من جدید إلى المفردات القرآنیة، فتستعیر الطور الذي اعتلاه النبي موسى، والقبس الذي
ذھب النبي موسى لیستعیره، ولتجمع لحظة الإلھام بالماء والنار والطین والروح.
ووجد د. بن تمیم أن القصیدة تلج باب التصوف على ھذا المنحى، وخاصة في الأبیات الأخیرة
منھا، لتصف تجربة الإبداع، وتذكر ھدھد النبي سلیمان، وحكایة بلقیس، أما الرجفة البیضاء
التي تشیر إلى لحظة الومضة الشعریة؛ فتتناص مع الید البیضاء التي أخرجھا موسى من جیبھ
فتتوھج.
وختم بالقول: إن ذاك النص یتسم بنفحة شعریة تشابھ شعر المتصوفة بسعیھ للوصول إلى
الحقیقة، لكن الشعر ھو لحظة الكشف ولحظة المشتھى كما تجلت ھا ھنا.
وأوضح د. عبدالملك مرتاض أن القصیدة تحتاج إلى تدقیق من جھة اللغة العربیة، حیث فیھا
بعض الھنات اللغویة. ثم علّق على البحر البسیط الذي كتبت علیھ أماني، باعتباره من أكثر
البحور الشعریة رتابة وبرودة، وبالرغم من أن الشاعرة حاولت تدفئة ھذا الإیقاع البسیط
التقلیدي الرتیب بإلقائھا الجمیل، إلا أنھ ظل بسیطاً ورتیباً. ورأى أن القصیدة تقلیدیة إلى حد
كبیر، فبالإضافة إلى عمودیتھا؛ لا یوجد فیھا شغل ولا تشكیل. وأعاد ذلك د. فضل إلى احتمالیة
عدم قراءة الشاعرةلفحول شعراء التفعیلة العرب، ولذلك غرقت في عمودیة ثقیلة. لكنھوجد في
ّ رى فاساقطت
ّ ، كما البیت (جمعت من رغوة النیران قافیتي/أشرعتھا للثّ
قصیدتھا أبیاتاً جیاداً
ّ مصرا)، ففیھصورة شعریة أنیقة ومبتكرة، حیث جعلت الشاعرة القافیة مشكلة، و(رغوة
النار)ھي بحد ذاتھا انزیاح لغوي بدیع وجمیل، معتبراً أن ھذا البیت وحده یشفع للشاعرة التي
قدمت قصیدة جمیلة في أمسیة بدیعة.
”حصار“ شیخة المطیري شعر حدیث
وتحت عنوان ”حصار“ ألقت الشاعرة الإماراتیة شیخة المطیري قصیدتھا المملوءة بروح
إنسانیة مفعمة بحب الطفولة، والمسكونة بالدفاع عن الطفولة كما رآھا د. علي بن تمیم. ومما
جاء في مطلع ھذا النص:
كفّنت أحلام الصغار
ّ المتعبین من الطفولة والبراءة
ّ والرغیف اللا یجيء
ٌ زمن یعبث برأسھم
ّ زمن الظلام
من أین یكبر طفلھم
ّ وبأي ٍ مدرسة یموت
ُد ّق الجرس
ُدقّت قلوب الخائفین
ّ لذاك الحي ٍّ كم حي بھا
ستعود حافلةٌ
ستعود تجلس قرفصاء الموت
وأضاف د. علي بن تمیم أن النزعة المتشائمةتبرز في النص الذي بدأ بأحلام الصغار، وانتھى
بحالة حصار على حد تعبیر الشاعر محمود درویش في أحد دواوینھ، ولو أنھ قد حاصر
حصاره.
ووجد د. بن تمیم أن النص یرسم واقعاً حزیناً ملیئاً بالأسى والخوف والفزع والجوع والموت
وغیاب الأمن، وكان ینبغي لكل ما سبق أن یحث الشاعرة على استكناه ذاك الوجھ الغائب من
التفاؤل الباعث على الإیجابیة والأمل.
أما حركة القصیدة فھي بارعة في تتبع عناصر الألم في المشھد، لكنھا براعة قادت إلى بناء
نص تقریري على الرغم من حضور مشاھد شعریة جمیلة، ومنھا (شعري تعرى من حمام
الروح/ثم بدا وحیدا/یا أنت كفّني ببعض الماء كي أحیا). ورأى د. بن تمیم أن لغة النص وصفیة
جداً وفیھا نبرة تسجیلیة وغیاب لرمزیة ضروریة من شأنھا أن تصنع حالة شعریة موازیة لقسوة
الواقع ومتعالیة علیھ، وأن الشاعرة كفّنت أحلام الصغار في البدایة، وفي النھایة كفّنت أحلام
الكبار، وھي لیست صغیر أو كبیرة،فنجت أحلامھا من الموت المحقق.
ّ ووصف د. عبدالملك مرتاض شیخة بأنھا حفیدة تماضر الخنساء. وقال إنھا قدمت قصیدة حدیثة
وبدیعة وجمیلة جداً، فیھا شغل وتشكیل كما في البیت: (لا أم تنتظر البقایا من صغار العائدین/لا
ّ أم تسأل إن تأخر طفلھا عن بیتھ).
ووجد في النص قلق الوجود، وھو ما تمثل في قول شیخة: (من أین نأتي بالغیوم لكي نعیش/من
ّ أین نأتي بالتراب/لكي نغطي موتنا)، مشیراً إلى أن ھذا الشعر بدیعاًوحدیثاً جداً. أما بالنسبة للغة
ُ أن للمرة الأولى یدخل شاعراً النفي على الفعل،
فتقول: (والرغیف اللا یجيء)، مشیراً
ِ
َ الح َكم
ِ
َت ب
ن�'
َ
َ والمعروف أن (ال) تدخل على المضارع الثابت غیر المنفي كما قال الفرزدق (ما أ
ُھ)، فأبدعت الشاعرة في اللغة، و(والرغیف اللا یجيء) أي الذي یجيء، لكن
�'ر َض ُى ح ُك َومتُ
التُ
العروض لم یسمح للشاعرة بقول غیر ذلك، وھي التي قدمت قصیدة جمیلة.
ّ لكنھ وجھ عتباً لھالوقوعھا في بعض الھنات مثل (دق الجرس/ دقت قلوب الخائفین)، والأصح
.
(دقق). وختم بأن الشاعرة قدمت شعراً بدیعاً وحدیثاً وكثیفاً ورفیعاً
من جانبھ أشار د. صلاح فضل إلىأن القصیدة عنیفة ومرھقة قلیلاً، لأن شیخة تعتمدفیھا على
شعر التفعیلة، وھو شعر عارم لا فضول فیھ ولا غطاء لھ، والشاعرة تدرك ذلك بقولھا: (شعري
تعرى من حمام الروح)، وھذا جمیل. وتمثّل د. فضل تلك القصیدة؛ وكأن إماراتیة تقوم برحلة
إنسانیة إلى بلد منكوب، وبلمسة أمومیة تتعلق أھدابھا بأطفال كفّنوا أحلامھم، وتقصر اللغة على
ما لا ترضى عمداً لتولید الغرابة، مثل (الرغیف اللا یجيء)، فكان بوسع الشاعرة قول أوصاف
كثیرة غیر ذلك.
أما التقابل الإیقاعي والدلالي بین زمن یعیش وزمن یعیث فھو ممتع، والعرق الدرامي في
صراع صوت القصیدة مع الواقع الكارثي ینبض بقوة، وینتھي إلى رؤیة الأرض كأنھا زنزانة
كبرى، لنلامس بذلك حدود المیتافیزیقیا، وتظل طیبة الكفن العنیفة ممتدة فیطلب صوت القصیدة
من الآخر أن یكفنھ بالماء كي یحیا. ثم تشفق الشاعرة على جمھورھا من وطأة التجریة فتقول:
(لا تتبعوني إن كتبت قصیدة أخرى) وتدخل في دائرة صمت الحصار. وفي ختام رأیھ قال د.
فضل: إن الحركة الشعریة قویة ومتماسكة، لكن الرؤیة كفكاویة، ولا یغیر ذلك من جمال
القصیدة.
إلى فتى النّسیان“ علي حسن الحربي
الوقفة الثالثة مع شعراء الأمسیة كانت مع الشاعر علي حسن الحربي الذي ألقى ”إلى فتى
النسیان“الذي أعجب د. عبدالملك مرتاض، فوصفھ بأنھ نص جمیل، ومما جاء في مطلع ما ألقاه
علي حسن:
ّ سیكبر قبل المستحیل المعد لھ
وینزف أحلاماً تموت وأسئلة
ٌ فتى موغل ّ في السھو
إلا حبیبةً
ّ یفر ّ إلیھا وھي في السھو موغلة
ّ تلبسني حتّى التباسي
َ راي من؟
تُ
أجبني
ّ جنون الشك ّ أخشى تحملھ
توقّف
 فما أنا سوى عاشق
ّ كفاك البحث في ٍ
�'جِده حیلة الولھ
لم تُ
د. مرتاض أشار إلى أن النص یشتمل على قدر كبیر من التشكیل الفني، لكن ثمة ھنات في
ّ اللغة، و(تسولھ) لا علاقة لھ بالسؤال بمعنى الشحاذة، فالتسویل ھو التزیین والتحسین. وبعیداً
عن ذلك فقد أنشدالشاعر قصیدة جیدة إلى حد كبیرمن ناحیة التشكیل والصیاغة والتكثیف في
اللغة الشعریة. ووجد فیھا عنایة شدیدة باللعب في القافیة، وإن أوقعت الشاعر في بعض التكلف
�'جده حیلة الولھ)، فھذه العبارة نزلت بالمستوى الفني للنص.
حین قال: (لم تُ
ّ أما في قول الشاعر (أذوب احتمالات مغایرة الر ّ ؤى/تصر ّ على رفض الظ ّ نون المؤولة) فیوجد
تكیثف لغوي بالغ الجمال. لكن البیت الثالث فیھ قلق وجودي. ولم یعدم الشاعر من استحضار
بعض التعابیر القرآنیة كقولھ: (كـ ”یوسف“ أحزان ّ و“بئر معط ّ لة“)، فحلق علي في شعریة عالیة
ٍ
وبعیدة.
فیما قال د. صلاح فضل إن الشاعر كتب النص سھواً، وھي أیضاً حالة شعریة، فتوغل في
السھو، وحبیبتھ مثلھ، كما نسي الشاعر إثبات حرف النون حین قال (تُراي من). وبالنسبة للقافیة
فھي تعینھأحیاناً وتخذلھ أحیاناً، فبقولھ:(الجھات مؤجلة) إنّما یصیب القول الشعري، لكن حین
یقول:إن (الحقیقة عثرة/سقوط على الأنقاض/حرب مغفّلة)، فھذا أمر یضحك.
وأضاف د. فضل موجھاً كلامھ للشاعر: أخشى أنك قد ذھبت بعیداً حین قلت (كثیر على دنیاي
وھي قلیلة)، ثم إنك تستخدم مفارقات لفظیة لا ترقى بالشعریة ولا تصنع فلسفة، كما تتناقض
ّ عندما تقول إن الشیطان یتلبس روحك في بیت (خذلت الله)،وھو بیت عنیف، لتزعم في البیت
التالي (شفاھي مبللة بوحي الأنبیاء)، وكأنك نسیت أن تختار بین الموقفین.
وبرأي د. علي بن تمیم فإن القصیدة تظھر أن الشاعر یعتمد على النسیان والسھو، لكنھا في
الواقع شدیدة التذكر. فالنسیان شرط من شروط العیش، كما أن الإفراط في التّ ّذكر قد یقضي على
الإنسان، بمعنى أن شدة حضور الماضي یعرقل ھویة الذات.
وأشار د. علي إلى أن القصیدة تقوم على ثلاثة ضمائر (ھو) الذي یحكي قصة الفتى، و(ضمیر
المخاطب المفرد) الذي یبحث في تاریخ ذلك الفتى ومفتشاً في أعماقھ ومنقّباً عنھ، وضمیر
(الأنا) الذي تتجمع عنده المعاناة، وھذاالتقسیم موھماً، فالقصیدة كلھا تتحدث عن ذات مثقلة
بالمعاناة والقلق، واللجوء إلى القرآن واضح، حیث توجد إشارة إلى النبي یوسف وحزنھ، وھي
إشارة تتناسى أنیوسف صعد من الجب إلى سدة الحكم،وإشارة إلى البئر المعطلة التي تعني
غیاب القدرة على الفعل المنتج، وإلى ابن نوح الذي یجيء في النص مطابقاً لصورتھ القرآنیة
رمزاً للعناد والمكابرة. كما توجد إشارة إلى التفاح بوصفھ رمزاً للغوایة وإلى الشیطان ورفض
السجود، وھذه إشارات تدل على ثقافة جیدة، لكنھا لم تسھم في بلورة المعاناة، بقدر ما جاءت
كأمثلة علیھا، لتؤكد أن ذاكرة الشاعر معافاة. وعندما ذكر الشاعر قصة یوسف توقف عند
الجانب المأساوي منھا، مع أن بقیتھا تشیر إلى قصر مشید، فتعجز القصیدة بذلك عن اكتناه
لحظة الخروج، وترسم الحیاة بوصفھا لحظة كربلائیة مستمرة.
أعلى الدرجات لمبارك بـ“مختصر العبارة“
ختام الأمسیة كانت مع الشاعر مبارك سید أحمد، فألقى قصیدتھ ”مختصر العبارة“ التي قادتھ
إلى الحصول على أعلى درجات أعضاء لجنة التحكیم، خاصة وأن د. عبدالملك مرتاض وصف
ّ الشعریة فیھا بأنھا طامیة، تذكر بفحول قصیدة التفعیلة الكبار. ومما قالھ سید أحمد في مطلع
نصھ:
َم ُ اذای ُرید ُّ فؤادك القمري َ من ضوء المنارة؟
َ اره
ُ ھ بأن ی ِبدي اعتذَ
ّقب َ لت ُ رأس الج ِرح َ بعد ِش َ فاك منھ،و َم َ اارتض َیتلَ
ِھ َ قراره
َ فیمشاعرِ
َو َ نبذت قلبك بالعراء وقلت: حتماً سوف یأخذُ
َ فغدوت ّ أو ُ ل من ی ُ علم خ َرس ُ أدمِع َ قلبھ لغةالإش َ ارة
َ المعنىالب َك َ ارة
ِ
َ ىتستعید ّ لثیب
ٌ ھا أنت مرتھن ِ لدىالكلماتحتّ
َ ھا أنت
ّ ىتدعي فقھ المرارة
ّ یكفییاأخیللآن لم تدخل بدین الحب حتّ
ُ الأمر ُ أكبر َ من وصولي للمنارة
ِ فاخر حین تنقط ُعالإنارة
ِ بأعمدةالتّ
أھلي ھناك یعلّقون اسمي مصابیحاً
ِ حل یستقص َ ي من الأطفال أخباریلیرجع للمزارع بالبشارة
ّ ویقال أن النّ
كانت البدایة في النقد مع د. صلاح فضل الذي قال لمبارك: أنت مسكون بنزعة وطنیة شدیدة
مبالغ فیھا، فتكتب قصیدة تفعیلة لتتخفف من القافیة التي تغرق فیھا أكثر بمھارة. أما أن تعلم
َ أدمع الخرساء لغة الإشارة فھذه صورة عجیبة (فغدوت ّ أو ُ ل من ی ُ علم خ َرس ُ أدمِع َ قلبھ لغةالإش َ ارة).
ثم تنفجر بعدھا نافورة الصور لدیك، أھلك الذین علقوا الآمال علیك (أھلي ھناك یعلّقون اسمي خل یستقصي من الأطفال خل (وی ّ قال إن النّحین تنقط ُع الإنارة)، والنّ
ِ بأعمدة التفاخرِ
مصابیحاً
ّ یل لف َ عمامة التّاریخِ
ُ بالبشارة)، والعمامة (ویقال إن ابن الأصول النّ
َ أخباري لیرجع للمزارعِ
ّ :/ھذا ابن عمي عن جدارة)، والحمام (حتّى الحمام على سطوحِ
َ حول دماغھ وأشار َ نحوي قائلاً
ُ وی ُ طعم ِ ھا ص َ غاره).
ِ منازل الجیران رف ُ ینثر ّ قص َ تي حًباً
ووجد د. فضل في النص بزخاً في التصویر والتدفق الشعري الجمیل. وأضاف: تزغرد قصیدتك وھي تشعل شرارة الأمل في قلب مصر، وتطمح أن (تدر ّ س صرختي في كل مدرسة وحارة)،
فما أشد طموحك وجموحك، والأمر فعلاً أكثر من قصیدة. ثم ختم د. فضل بعبارة النفري (إذا اتسعت الرؤیة ضاقت العبارة).
ّ ق د. علي بن تمیم. فالمعنى ثیب والشاعر یحاول أن یرد لكن الرؤیة حسیة جداً في النص كما علّ
البكارة إلیھ، وھذا معنى فحولیاً رھیباً. ووجد د. بن تمیم أن النص یعتمد على تقنیة القرین، ویتجلى فیھ صراع بین الواقع والرغبة والحلم، أي بین واقع الشاعر وبین ما یحلم بھ. والقرین في الوقت نفسھ ینشطر ویتشظى، لیقول الشاعر: (م ُ اذای ُرید ُّ فؤادك القمري َ من ضوء المنارة؟)، لكن تقنیة القرین في النص تخلو من الجدة وعمق الصراع، وھو ما یتجلى بقول مبارك: (الأمر ُ أكبر ّ من وصولیللإمارة/ الأمر یعني لي الكثیر وكل ما یعنیھ لي:وطني/بمختصر العبارة)، إذ لا یرى د. علي تعارضاً بین الوصول إلى الإمارة وبین الانتماء إلى الوطن، لكن الشاعر یخفي نزعة براغماتیة لیستنھض ھمم الجمھور.
ّ ى تدعي فقھ
وعلى مستوى الشك یقول الشاعر: (یكفي یا أخي للآن لم تدخل بدین الحب حتّ المرارة)، مشیداً د. بن تمیم أن الكلام ھنا یخلو من الشعریة، لا بل ھو ركیك نوعاً ما. وحین
ِ حین تنقط ُع الإنارة)؛ یستخدم مفردة
ِ بأعمدة التفاخرِ
یقول: (أھلي ھناك یعلّقون اسمي مصابیحاً (مصابیحا) للضرورة الشعریة، وبالتالي لو حذفھا لما اختل المعنى، وما لجأ للضرورات.
وأضاف د. علي: إن الأنا الشعریة المتضخمة في النص كان ینبغي أن تتراجع قلیلاً لیبرز الوطن أكثر للذات. موضحاً أن كل ما سبق من ملاحظات لا یضر في عمق النص وشعریتھ.
وانتھى د. عبدالملك مرتاض بالقول إن القصیدة بالغة الجمال ورائعة رغم بعض الأخطاء اللغویة التي سبق لزملائھ أن وقعوا فیھا. مؤكداً د. مرتاض أن الشعریة في القصیدة طامیة، تذك ّ ر بفحول قصیدة التفعیلة الكبار، وأكد ذلك اختیار البحر الكامل، والقافیة التي كانت بمنتھى ّالرشاقة والأناقة والجمال.
ّ ىتدر ّ س صرختي في كل مدرسة وحارة/وتصیر لحناً قالھ القصب المرابط
وأما قول الشاعر (حتّ جسده عبارة)، وھذا قول من السھل الممتنع لا یقال إلا لشاعر یوشك كبیراً إن لم في دمي واللهُ.
یكن كبیراً من جھة ثانیة علّق د. مرتاض على مسألة تدویر النصبكفاءة وبراعة واقتدار، وذلك حین جعل الشاعر عنوانھ ھو آخرما جاء (مختصر العبارة)، مستخدماً َ عبارة دارجة من قبل الناس، ف َرِق َي بھا إلى منزلة رفیعة. وھو ما جعل د. مرتاض یتوسم في مبارك عبقریة الشاعرین علاء جانب وأحمد بخیت، فھو نسخة من شعریتھما، ولا یغدو یبرح شعریتھ بالعطاء الفني الرفیع والتصویر البدیع.
في الحلقة القادمة
اختتمت الحلقة بالحماس الذي بدأت بھ، على أمل اللقاء یوم الثلاثاء القادم 19-2-2019، ّ للإعلان عن اسمي الشاعرین المتأھلین بعد تصویت الجمھور، وللتعرف على أربعة شعراء جدد سیتنافسون أمام أعضاء لجنة التحكیم وھم: أحمد محمد عسیري من السعودیة، وعبدالسلام حاج من سوریا، وھبة الفقي من مصر، ویارا حجاوي من الأردن.