Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Apr-2017

تركيا: هل سيبقى «الفوزُ».. فوزاً؟ - محمد خروب
 
الراي - في محاولة لإبعاد شبح الاتهامات والتشكيك الذي يلاحق الرئيس التركي بعد استفتاء السادس عشر من نيسان ، خرج اردوغان على الناس وعبر محطة CNN الاميركية, لينفي ان تحول تركيا من النظام البرلمان الى النظام الرئاسي يجعل منه ديكتاتوراً، مُبرِّراً ان التعديلات الدستورية التي تشمل 18 بنداً من دستور العام 1980 الذي وضعه قائد الانقلاب العسكري وقتذاك الجنرال كنعان ايفرين، لا تتمحور حول شخص الرئيس, محاولاً إضفاء لمسات «قَدرِّية» على تصريحاته بالقول: بالنسبة لي انا بَشَر, ويمكن ان اموت في اي وقت.
 
لا تبدو ذرائع السلطان الجديد.. مُقنِعة لِأحد، ليس فقط بعد ان شكّكت دول عديدة بنزاهة ذلك الاستفتاء الذي لا يتوافق والمعايير الدولية المعروفة, وخصوصاً تلك الاوروبية التي دأب زعيم حزب العدالة والتنمية (العائد لرئاسة الحزب نهاية الشهر الجاري, بعد ان منحته التعديلات الدستورية تلك الفرصة, التي يتحكم فيها ايضاً بما يجري داخل الحزب كي يقوم لاحقاً بتطهيره من اي معارضة لنهجه، بعد ان راجت شائعات بأن هناك جناحاً, وإن ليس قوِيّاً ابدى عدم حماسته للتعديلات, وهو امر لا يغفره اردوغان أو يتساهل معه؟)
 
الاتحاد الاوروبي وبعد التقرير الذي رفعه وفده لمراقبة الاستفتاء, قال: ان معايير هذا الاستفتاء لم تتوافق مع المعايير الاوروبية، كذلك أعلن حزب المعارضة الاكبر (حزب الشعب الجمهوري) طعن فيه امام المحكمة العليا, وشاركه في ذلك حزب الشعوب الديمقراطي, الذي تقول تقارير «غير مُؤكَّدة» ان ما رجّح كفة «نعم» في الاستفتاء هي اصوات «الكرد» المؤيدين لحزب العدالة والتنمية, وليس اصوات محازبي حزب الحركة القومية التي يتزعمها دولت بهشلي والتي قد تندثر (الحركة) بعد أن انقسمت وخرج كثير من كوادرها على طاعة زعيم الحركة المتطرفة, التي كان «تحالفها» مع حزب العدالة موضع سخرية وتندّر وأتى باتهامات لاذعة للحزب الحاكم، كون هذا التحالف جسّد انتهازية اردوغان ورغبته في الفوز بأي ثمن, حتى لو كان بِدعمِ حركة عنصرية كحركة بهشلي، وان كان الاخير ما يزال «يحلم» بأن يكون نائباً للرئيس كما «وعَدَه» اردوغان، إلاّ انّ اردوغان لن يفي بوعدِه, كذلك «حركته»... ستلفظه.
 
أن ينجح الاستفتاء بأصوات كرد تركيا وإن بنسبة أقل مما كان يحصل عليها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية والبرلمانية، يعني ان حركات واحزاب المعارَضة الكردية على اختلاف توجهاتها وبخاصة (حزب الشعوب الديمقراطي) لم تنجح في أن تكون كتلة شعبية وازِنة.. صلبة ومانعة، كي تُعاقِب اردوغان وحزبه على سلسلة الارتكابات التي قارفها الجيش التركي بحق الاكراد في جنوب شرقي تركيا, بتدمير القرى والبلدات بالقصف المدفعي والغارات الجوية, وتهجير اكثر من نصف مليون شخص,كما وثّقته المنظمات الحقوقية الدولية.
 
تداعيات الاستفتاء لم تتوقف, وبصرف النظر عن «الاحتفالات» التي سارع الحزب الحاكم الى تنظيمها, وإن على نطاق أقل صخباً مما كانت عليه احتفالاته, عندما كان ينتصر في الانتخابات البلدية او البرلمانية ويُحقق نسبة مُرتفعة من الأصوات ما يمنحه فرصة تشكيل حكومة من لون واحد, والتحكُّم برئاسة بلديات مدن كبرى كاسطنبول وانقرة، اللتين خَذَلَتاه هذه المرة, وكانت صفعة مدوية وذات مدلول سياسي وشخصي لدى اردوغان, الذي بات يدرك ان ناخبيه في اسطنبول التي ترأس بلديتها وجاءت له بالشعبية الكاسحة ذات عقد من السنين وبخاصة بعد تشكيل حزب العدالة والتنمية.. قد تخلّوا عنه لان غالبيتهم باتت على قناعة بان الرجل قد بدأ خطواته الفعلية لبناء سلطة «الرجل الواحد» في الفضاء التركي.. ولم تعد مقبولة من كثيرين، تبريرات اردوغان بان «النظام الرئاسي يمثل تغييراً وتحوُّلاً في التاريخ الديمقراطي لتركيا»,كما قال رداً على سؤال لمحطة CNN الاميركية التي منحها اول مقابلة له بعد الاستفتاء, عندما سألَته عن سلطاته الجديدة التي جاءت لِرغبة منه في تمكين «نفسه» عوضاً عن تحسين النظام السياسي التركي.
 
قد لا يدرك المتحمسون لاردوغان، وقد وقعوا في نشوة انتصار الرجل، حيث سارع «المتأسلمون» في المنطقة الى تهنئة»خليفتِهم» في أنقرة، ان الصلاحيات الجديدة والواسعة التي منحتها له التعديلات الدستورية, ستكرسه ديكتاتوراً حقيقياً,لا رادَ لِفرماناته السلطانية,حيث لا وجود لمنصب رئيس الوزراء, والرئيس سيُعيِّن اعضاء في مجلس الوزراء, كذلك نسبة من القضاة في السلك القضائي (وهناك مَن سيسأل عن استقلال القضاء ومَن سيدافع عنه؟) ناهيك عن ان التعديلات حدّت من سلطة البرلمان في تدقيق التشريعات.
 
دفاع اردوغان عن النتائج الهزيلة التي حقّقها, تبدو مُتلعثِمَة ومُتكلِّفة, سواء زعَم إن «الفوز يظل فوزاً» عندما فسّره بانه «لا يهم إذا فزت بنتيجة (واحد مقابل صفر) او (خمسة مقابل صفر).. الهدف النهائي هو الفوز في المباراة»، ام ادّعى ان (لدينا صندوق اقتراع.. الديمقراطية تحصل على قوتها من «الشعب»، وهذا ما نسميه الارادة الوطنية).
 
ليس الأمر على هذا النحو المُتذاكي وغير الواقعي، لِأن المباريات الرياضية التي استحضرها لاعب كرة القدم السابق، لها قوانينها الناظِمَة، فيما هو يأخذ تركيا وبداية من العام2019, الى سلطة «الرجل الواحد» المُستمر في سلطته وتسلُّطه حتى العام1929, مُمسِكا بخيوط «اللعبة» التي يسميها «ديمقراطية», والتي باتت موضع شك لدى نصف الشعب وخصوصاً لدى الخارِج التركي, الذي لا يستطيع اردوغان مواصلة تجاهل انتقاداته او الإستمرار في الاستهتار به,على النحو الغاضِب الذي يتساءَل فيه السلطان الجديد: إلزموا حدودَكم... مَن أنتم؟ في ظِل التنكيل بالمعارَضة ومصادرة الحريات ومُطارَدة الصحفيين والأكاديميين وإعادة عقوبة الإعدام,واقتصاد بدأ يدخل دورة... الركود.
 
kharroub@jpf.com.jo