تقرير يحذر من ظهور جيل من الأطفال السوريين "مجهولي النسب" بعد انتهاء أزمة بلادهم
رانيا الصرايرة
عمان-الغد- تنتهي اليوم الاثنين مهلة الإعفاء من غرامات الزواج غير الموثق، التي اعلنت عنها دائرة قاضي القضاة قبل شهرين في محاولة لمساعدة اللاجئين السوريين، ممن أجروا عقود زواج دون توثيقها في المحاكم، بحسب مفتش المحاكم الشرعية في الأردن أشرف العمري.
وقال العمري لـ"الغد" إن هذه هي الحملة الثانية التي تنفذها دائرة قاضي القضاة، حيث نفذت الحملة الأولى في الشهرين الأخيرين من العام 2014، واستفاد منها حوالي 2000 عائلة، فيما استفاد من الحملة الثانية 1300 عائلة.
ونفذت الحملتان بالتعاون ما بين دائرة قاضي القضاة، ووزارة الداخلية، ومديرية شؤون اللاجئين السوريين، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة أرض-العون القانوني التي نفذت اكثر من حملة كسب تأييد تهدف لتوثيق الزيجات.
وجاءت الحملتان بعد موافقة رئاسة الوزراء، وبتنسيب من دائرة قاضي القضاة، وتضمنتا إعفاء كل من الزوجين وشهود عقد الزواج غير الموثق من الغرامة المالية المترتبة على عدم توثيقه بحسب قانون الأحوال الشخصية والتي تبلغ 1000 دينار.
وقال العمري إن القرار يهدف إلى تصويب أوضاع غير الموثقين لعقود زواجهم، ويشمل جميع الجنسيات، مبينا أهمية توثيق العقود كونها تحفظ حقوق الأطفال، وتتيح للاجئين حق الاستفادة من خدمات مفوضية اللاجئين وغيرها من المنظمات للمتزوجين والتي تشترط إبراز وثيقة الزواج.
ولفت إلى أن عدم توثيق عقود الزواج في المحاكم الشرعية في حالة اللاجئين السوريين مرده ثقافة وعادات سائدة، لكنه يشكل مخالفة لقانون الأحوال الشخصية الأردني.
ويشير تقرير صادر عن منظمة أرض العون القانوني إلى أن المنظمة نفذت عدة حملات كسب تأييد لتسليط الضوء على ملف القضايا القانونية، مثل التحديات القانونية الناتجة عن عدم توفر الوثائق، والذي ينجم عنه عدم حصول السوريين على العون الضروري.
ويقول التقرير "إذا استمر الوضع القائم، ستتعرض المملكة لخطر ظهور جيل من الأطفال السوريين مجهولي النسب ضمن حدودها بعد انتهاء الأزمة السورية".
بالعمل سويا مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، نبهت المنظمة إلى حقيقة أن السوريين الذين لا يسجلون رسميا واقعات زواجهم، وبالتالي لا يسجلون مواليدهم، يعملون بذلك على زيادة عدد النساء غير المحميات اجتماعيا، وأطفال يفتقرون إلى وثائق الهوية والأهلية الاجتماعية في الأردن أو في مكان آخر.
وبين التقرير ان السوريين كانوا يفتقرون لآليات وصول ميسرة للتسجيل الرسمي، كما أنهم يفتقرون، ربما للفروقات بين العادات الثقافية للأردنيين والسوريين، إلى تقدير حاجتهم للقيام بذلك.
وتعاونت المنظمة مع مفوضية اللاجئين لتشجيع السوريين على تثبيت عقود زواجهم، انطلاقا من الترويج لفكرة انه إذا بقي السوريون غير قادرين على أو غير راغبين في تسجيل واقعات زواجهم وفي النهاية عدم تمكنهم من الحصول على شهادات ميلاد، فـ"إن عددا لا يحصى من الأطفال سيكونون غير قادرين مستقبلا على العودة إلى سورية"، بحسب التقرير.
واشار الى اتفاق الأطراف المعنية بالأزمة السورية، بمن فيهم المسؤولون المحليون، على حقيقة أن أعواما كثيرة قد تمر قبل أن تتهيأ الظروف لعودة اللاجئين الى بلدانهم، وعندها سيكون قد ولد عدد "لا يحصى من الأطفال السوريين في الأردن، وبالتالي فأي جهود لتسهيل مهمة عودتهم بدون وثائق ستكون محفوفة بمخاوف تجارة الأطفال".
واثنت المنظمة في تقريرها على اقامة الحكومة الاردنية لمرافق اضافية في مخيم الزعتري تتضمن مكاتب لكل من دائرة الأحوال المدنية والمحكمة الشرعية، لتسهيل تسجيل واقعات الزواج وإصدار شهادات للمواليد وتثبيت واقعات الوفاة أيضاً.
وقال التقرير "كان الانتصار الآخر الذي تحقق هو اعتراف الحكومة بأن زيادة المرافق وحدها كانت غير كافية لمواجهة أطياف الصعوبات المتعددة التي يواجهها السوريون"، ومن ذلك مثلا حاجة اللاجئين في الزعتري إلى محامين محليين متخصصين لمواجهة تلك التحديات وتقديم المشورة والإحالة، إضافة إلى عملية الرصد والاستجابة للتحولات الناشئة.
ويؤكد تقرير صدر عن المفوضية يحمل عنوان "مستقبل سورية، ازمة اللاجئين الأطفال" وجود عدد كبير من الاطفال السوريين الذين لا يحملون شهادات ميلاد.
وأضاف، "في الوقت الذي تسمح فيه حكومة الأردن للاجئين السوريين بتسجيل الاطفال المولودين في الأردن، فإنه لا يتم تسجيل العديد من المواليد لأسباب عديدة، لكن إدراك أهمية تسجيل المواليد وكيفية اجراء ذلك يعد معوقاً رئيسياً".
وإضافة إلى ذلك، يرى التقرير أن عدم قدرة بعض اللاجئين على تقديم الوثائق المطلوبة لتسجيل المواليد يشكل واحدا من المعوقات الكبيرة الأخرى، ومن هذه الوثائق "أوراق الهوية وشهادات الزواج"، لافتا إلى تركيز المفوضية على رفع وعي اللاجئين بأهمية تسجيل المواليد، والإجراءات المتعلقة بذلك بالتعاون مع المنظمة.