Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Dec-2018

معضلة الأداء الجماعي - د. أحمد يعقوب المجدوبة

الراي - أصبح واضحاً أن الأداء على المستوى الفردي في مجتمعنا أفضل بكثير منه على المستوى الجماعي. هذا أمر لا يجادل فيه اثنان.

لا بل إن المفارقة بين تميّز العديد من الأفراد في العديد من القطاعات مقارنة بضعف الأداء أو فشله على المستوى الجمعي في تلك القطاعات أمر معروف منذ سنوات.
وهو لغز محيّر بعض الشيء، فالأصل أن يُبنى تميز المجتمعات على تميّز أفرادها.
بيد أن المتمعن في الأمر لا يجد الأمر بهذه البساطة، فيبدو أن للتميز الجمعي متطلبات وشروطاً غير تلك التي تخلق التميز الفردي.
والأمثلة هنا لا تعد ولا تحصى.
فلو قارنت مستوى أداء الأفراد - من حيث المؤهلات والقدرات والمهارات - في العديد من مؤسساتنا بمستوى أداء الأفراد في العديد من مؤسسات دول تفوقنا تطوراً على المستوى الجمعي، لوجدت أن أداء أفرادنا لا يقل في جودته وتميزه عن أداء أفرادهم.
ولو قدر لأي من أفرادنا – وهذا يحدث كثيراً – أن يعمل في مؤسساتهم لوجدته يتميز على نحو لافت. وهذا ما حدث في حالة أحمد زويل وإدوارد وسعيد وهشام شرابي وعمر حتاملة وغيرهم – أناس بدأوا حياتهم عندنا ثم التحقوا بمؤسساتهم فأبدعوا أيّما إبداع.
وهنالك أمثلة أخرى، منها أننا في الأردن نبدع في الرياضات الفردية أكثر من الجماعية.
فأحمد أبو غوش حصل على الميدالية الذهبية في الألعاب الأولومبية في مجال التايكواندو بإمكانات متواضعة، وحصل ويحصل عدد متزايد من لاعبينا على ميداليات مرموقة في مجال التايكوندوا نفسه والسباحة وبعض الرياضات الأخرى.
أما في الرياضات الجماعية فلم نتميّز على نحو لافت وعالميّ في أي منها. لا بل لم يتميز أحد من المنتسبين للفرق الجماعية سوى على المستوى المحلي، وبدرجة أقل الإقليمي، بعكس لاعبي الفرق في عدد من الدول العربية، من شمال أفريقيا بالذات، الذين أصبحوا لاعبين أساسيين في أهم الفرق الأوروبية في مجال كرة القدم، على سبيل المثال.
أحد أكبر معضلاتنا أننا لا ننجح على المستوى الجمعي، على النحو المرجو. وهذا سرّ عدم قدرتنا على التقدم في المجالات المختلفة، وسرّ تأخّرنا عن العديد من الأمم.
لا بد، إذاً، من دراسة هذه الظاهرة والتركيز عليها بهدف التوصل إلى المفتاح السحري الذي يفجر طاقاتنا على المستوى الجمعي والمجتمعي، ويحدث النقلة التي ننشد منذ سنوات، النقلة التي حققتها دول كانت لزمن قريب أقل مستوى في أدائها منّا.
ولعل البداية تكون في التركيز على المهارات الجماعية إضافة لتركيزنا على المهارات الفردية.
فمن الناحية التربوية تركز العديد من الدول في مدارسها وجامعاتها على مهارات عمل الفريق والعصف الذهني والتنسيق والمشاريع الجماعية ومهارات حلّ المشكلات التي تشارك فيها المجموعات والحوارات والمناقشات بين الفرق والمشاريع البحثية الجماعية، وغير ذلك كثير.
ولقد تنبهنا نحن في الجامعة الأردنية لهذا الأمر منذ مدة، وبدأنا نركز في المواد وفي نتاجاتها وفي أساليب التدريس والبحث العلمي على الأداء الجماعي في محاولة لتعزيز العمل الجماعي إضافة إلى الفردي.
والمطلوب أن يتم الاهتمام بهذا البعد على مستوى الدولة، من أجل التعامل بفاعلية مع مفارقة ومعضلة نعيها وتؤرقنا منذ أمد، بهدف القضاء عليها والتوقف عن الحديث عن «الأجواء» السلبية وعن «الظروف» القاهرة وعن «البيئة» المثبطة، وننطلق في فضاء رحب قوامه التميز، كغيرنا من الأمم.