یدیعوت أحرونوت

 

الغد- تبشر نھایة عھد أیزینكوت وبدایة عھد الانتخابات بتحول حادة في السیاسة الإسرائیلیة تجاه الجبھة الشمالیة. صحیح ان أحدا لم یبذل في ذلك مجھودا فكریا كبیرا ولم تجر مداولات معمقة في الموضوع، ولكن فجأة، بتلویحة سیف، تنازلت إسرائیل عن سیاسة الغموض في كل ما یتعلق بنشاطھا العسكري تجاه الإیرانیین وحزب الله في سوریة.

لھذا التنازل معنى واحد: رفع احتمال التصعید في الجبھة الشمالیة، حتى وضع المواجھة الشاملة. ربما یرید أحد عندنا ذلك. أجندة أمنیة عدوانیة تجاه سوریة وإیران كفیلة بان تكون ورقة مظفرة في الطریق إلى صندوق الاقتراع.

عندما یعلن رئیس الأركان مسؤولیتھ عن آلاف الھجمات التي نفذت في سوریة – فھذه بصمات یرید أن یتركھا وراءه في الوعي: أدرت حربا ناجحة، احبطت المخططات الإیرانیة، صحیح أن ھذا الكشف یذیب سیاسة الغموض، ولكنھ ما یزال بمثابة اعتراف عمومي لا یلزم الطرف الثاني برد فوري.

ولكن نتنیاھو في المقابل، أعلن أمس المسؤولیة عن ھجوم محدد نفذ في المطار في دمشق.

الفرق بین الإعلانین شاسع إذ إنھ إذا كان في ذاك الھجوم في دمشق قتلى للإیرانیین وللسوریین، فإن إعلان رئیس الوزراء المسؤولیة، كان سیستدعي ردا عسكریا باحتمالیة عالیة.

قبل نحو سنة، عندما أعلنت إسرائیل مسؤولیتھا عن قتل الإیرانیین في مطار T4 ،شعر الإیرانیون بواجب الرد بالصواریخ نحو ھضبة الجولان. وكانت إسرائیل أعلنت في حینھ مسؤولیتھا لأنھ في اثناء الھجوم اسقطت طائرة لسلاح الجو. وبالمقابل، في حالات أخرى ھاجمت فیھا طائرات سلاح الجو أھدافا إیرانیة، اتخذت إسرائیل جانب الحذر ولم تعلن المسؤولیة كي لا تلزم الطرف الآخر بالرد.

في اللحظة التي تسمح فیھا إسرائیل للعدو للنزول من ”مجال النفي“ الذي لدیھ، فإنھا في واقع الأمر تتخلى عن عقیدة الحرب ما بین الحروب. أحد المبادئ المركزیة للحرب ما بین الحروب ھو ضرب العدو دون اعطائھ مبررا للحرب. اما إذا كانت الحرب ما بین الحروب تتدھور إلى حرب استنزاف أو إلى حرب شاملة، فإن العقیدة تكون قد انھارت. إحدى الأدوات المركزیة في ھذه العقیدة ھي الغموض. لا نعلن مسؤولیة.

وبالتالي في اللحظة التي مزق فیھا أیزینكوت ونتنیاھو الغموض، فإنھما یكونا قد مسا بالردع.

وذلك لأنھ عندما تمس انت بالعدو دون ان تعلن عن ذلك، فإنھ مردوع وحذر على اي حال لأنھ لیس لدیھ الیوم قدرة على ان یرد بشكل ناجع. ولكن عندما تركض لان تروي للرفاق، فإنك تلزم العدو بعمل شيء ما، اذ ھو ایضا لھ رأي عام في البیت.

ھجوم آخر وإعلان آخر للمسؤولیة الإسرائیلیة، وإذا بأحد لا یعرف متى سیتفجر كل ھذا. یحتمل الا یكون مكانا للغموض بعد الیوم، إذ أن إسرائیل على أي حال تبلغ الروس بكل ھجوم. اما حالیا، رغم كل الغضب على المس بمصالح المرعي السوري، فإن الروس لم ینفذوا أي عملبالقوة لوقف إسرائیل. وھكذا فإن التنازل الإسرائیلي عن سیاسة الغموض یدفعھم ھم ایضا إلى الزاویة.