Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-May-2017

شعوب ذكية.. ولكن ! - ناديا هاشم العالول
 
الراي - اطلعت مؤخرا على تقرير مفاده ان باحثين أمريكان توصلوا للجين المسؤول عن زيادة معدلات الذكاء لدى البشر وهو جين ينتج نوعا معينا من البروتينات تُستخدَم بعلاج العديد من الأمراض أبرزها «الزهايمر والفوبيا»، معززا بالوقت نفسه قدرات الدماغ مثل التفكير وتقوية الذاكرة والتعلّم بشكل أسرع..
 
ونحن نقول بهذا الصدد: يا جبّار! فهكذا اكتشاف سيحقق زيادة بمعدلات الذكاء نتيجة متابعة العلماء للوصول لأفضل الطرق العملية لتحفيز الذكاء وتنميته من خلال القراءة والاطلاع وكيف لا؟
 
فكل كتاب يتم قراءته يعمل على تزويد العقل بالمعلومات محفزا نمو الذكاء، وكل لعبة ذكاء يمارسها الافراد تزيد من نسبته عندهم، ناهيك عن تنمية الذكاء الاجتماعي وهو ذكاء شديد الأهمية يحتاجه الجميع سواء للنجاح او لعيش حياة اجتماعية صحية وسعيدة حيث يؤكدون: انه من أفضل الطرق لزيادة نسبة الذكاء الاجتماعي هو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي استخداما «ايجابيا»!
 
كما لا يهمل المختصون أهمية تحسين أسلوب الحياة عبر غذاء صحي ورياضة..وصدّقونا او لا تصدّقونا ان «النوم الكافي» مطلوب ولو ان الكثيرين عندنا يربطون النوم بالكسل دون ان يدركوا بان العبرة بالإنجاز ونوعيته، فقد يواصل الواحد ليله بنهاره مضيعا وقته، وبالنهاية لن ينجز شيئا سوى العصبية والصراخ والمزاجية وحوادث السيارات!
 
باعتقادي الجازم اننا كشعوب عربية لا ينقصنا اي قدر من الذكاء سواء الفطري او المنهجي المبرمَج فنحن نتمتع بدرجة عالية منه، ولهذا ترانا نبدع كمفكرين وعلماء عندما يفتح لنا المجال بالخارج فالذكاء عندنا موجود ولكن تجييره لحل المشاكل مفقود..
 
فما فائدة الذكاء ومخزونه المتنامي إن لم يتم تجييره لحل المشاكل بأنواعها من صغيرة الى مستعصية، بخاصة ان المتخصصين ما فتئوا يواصلون ابحاثهم لتحقيق مقولة إن الذكاء مهارة، يمكن تعلمها واكتسابها عن طريق تعليم التفكير المنهجي العلمي الذي يقود الإنسان إلى التفريق بين الغث والسمين في الأفكار والخروج من دائرة المكرور والمحفوظ في المعرفة.
 
فالذكاء مطلوب لكونه الأداة التي تمكننا ـ أفرادا ومجموعات ـ من التأقلم بشكل أفضل مع الظروف المحيطة، عن طريق استغلال ما هو موجود لحل مشكلة او مشاكل معينة تتحدى الإنسان..
 
نعَم الذكاء موجود وجاهز ومستعد للإنطلاق ولكن «هوبْ « «ستوبْ « يتم تجميده بقدرة قادر!
 
ولهذا نراه يتذبذب بين نقيضيْن: فهو تارة ينفصل عن الواقع المحيط دون تأقلم معه، وتارة اخرى يغيب كل الغياب عن ايجاد حلول مناسبة للمشاكل المتفاقمة من خاصّة لتصبح عامة محليا إقليميا عالميا لتصبح عامّة طامّة..
 
وصدقوني المشكلة ليست بغياب الذكاء أبدا على الإطلاق بل المشكلة الحقيقية تكمن بعدم تجييره، فيكمن الذكاء بواد والحياة المعاشة من سلوك وفعل وعمل وإنجاز وتنمية وتطور وتقدم كلها بواد آخر.. في حين يتألّق الذكاء دوما محلقا متفذلكا متألقا بأجواء التنظير ولا شيء سوى التنظير!
 
ولهذا نقترح من وجهة نظرنا المتواضعة «غير المتفذلكة» بعقد قران بين الذكاء والعمل.. ولا شيء آخر.. إلا اذا كان المطلوب عكس ذلك!
 
ما المانع من الإنجاز على احسن وجه عبر تجيير الذكاء بأفعالنا وسلوكنا وانجازنا؟
 
المانع ؟ خير ان شاء الله خير!
 
لماذا يحصل طلاب اذكياء على أعلى العلامات لكن عندما يخرجون للحياة العملية قد يفشلون على الرغم من ان اختبارات ذكائهم تشير إلى أنهم يملكون معدلات ذكاء عالية بعكس آخرين من اصحاب ذكاء متواضع لا يستفيدون من ذكائهم الفائق؟ فيتألق محدود الذكاء بحياته العملية، لكونه يجيّر كل جزء من ذكائه المحدود المتواضع بالتأقلم مع الظروف وحل المشاكل..
 
فعلى صعيد الاستثمار هنالك شعوب ذكية لكنها تفتقر لسياسات ذكية مما يجعلها طاردة للاستثمار وفاشلة باستقطاب المستثمرين.. فتعجز عن جذب رجال الأعمال لبناء قاعدة تعاون واستثمار في حين تجد بلدانا جيّرت ذكاءها بجذب الاستثمار عبر سياستها الذكية المستقطبة للكثيرين..
 
فما احوجنا لأن نقرن الذكاء بالعمل بغض النظر عن الأوضاع المحيطة والبيئة الإستثمارية العربية المتأثرة بها مما ينعكس سلبا على خططنا وطموحاتنا معرقلا بذلك فرصة الاستفادة من كل ما هو متاح..
 
ولكن: أما آن لنا الأوان لتجيير الذكاء المتاح لإيجاد الوسائل للخروج من عنق الزجاجة.. زجاجة الظروف الإقليمية المحيطة المعرقِلَة لمجرى الطموح والتخطيط والإنجاز الذكيّ، لنتجنّب المطبّات التي اوصلت بعض بلدان العالم العربي للالتهاب والاحتراق؟
 
مضيفين من وجهة نظر ذكائنا المتواضع: اننا بحاجة لعقد قران أبدي بين الذكاء والأخلاق، فالذكاء وحده يكون مدمرا بغياب الوازع الأخلاقي، والمقصود هنا من « الأخلاق «: الأخلاق الجمعية بمحصلتها النهائية المندرجة تحت مظلّة حُسْن الخلُق!
 
فما فائدة مواثيق الشرف الموقّع عليها دونما تطبيق لأبعادها واقعيا؟ مذكّرين متذكّرين: (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا).
 
hashem.nadia@gmail