Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-May-2018

إرث أوباما... المنطقة تدفع الثمن - فيصل ملكاوي

 الراي - زرع الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما بعد ثماني سنوات من وجوده في البيت الابيض، بذرة انهيار النظام العالمي، بعد ان ترك الفراغ الشامل في العديد من القضايا الدولية، وخاصة في منطقة الشرق الاوسط ، ورأى العالم من زاوية ثلاثة قضايا فقط هي التي سعى الى تحقيقها كبرنامج انتخابي اراد تنفيذه وهذه القضايا هي الاتفاق النووي مع ايران واجراء مصالحة مع كوبا بعد عداء تاريخي استمر عقوداً وعلى المستوى الداخلي برنامج التامين الصحي المعروف ب «اوباما كير».

ومع ذلك فان هذه القضايا الثلاثه كانت هشة وقابلة للكسر والرجعة عنها، لانها لم تكن قابلة للحياة في اساسها، لان الادارة السابقة ادارة الرئيس أوباما كانت من الضعف والتردد ومحاولة البحث عن اي انجاز كيفما اتفق، لذلك فان محو هذه الانجازات ان كانت فعلا تشكل انجازات على مستوى الداخل الاميركي والمحيط العالمي وفي منطقة الشرق الاوسط كان سهلا، لانها لم تقم على اسس متينة بل كانت تشوبها ثغرات وعيوب هائلة وجاءت على حساب خلق فراغ على الساحة الدولية ادت على فوضى واوضاع قابلة للتفجر على شكل صراعات وحروب فضلا عن انفتاح الازمات السابقة الى مآلات غير مسبوقة وغير ممكن التنبؤ بعواقبها وتبعاتها.
في حين سارع الرئيس اوباما الى حشد التأييد للاتفاق النووي الايراني، واستطاع ان يتمم الاتفاق بالتوقيع عليه في تموز عام 2015 ،الا انه كمن اطلق العنان بلا كوابح لايران، لان تستغل الصفقة، ليس لاعادة تاهيلها في الاسرة الدولية انما استغلت الاتفاق كما استغلت نحو 150 مليار دولا بعد رفع العقوبات عنها، لاجل زيادة نفوذها وتمددها في المنطقة ودعم اذرعها وميلشياتها من طهران حتى بيروت، ثم اصبحت الصواريخ البالتستية بايدي كافة الميلشيات الايرانية او الحليفة لها، لتضرب بها النقاط والاهداف التي تختارها قيادة الحرس الثوري في اي دولة في المنطقة.
وفيما لم تقدم الزيارة الشكلية الى كوبا، كملف صراع تاريخي بين واشنطن وهافانا، اي شيء سوى
الشكليات فان صراعات اهم واكثر تاثيرا على الامن والسلم الدوليين لم يتعرض لهما الرئيس السابق اوباما بل ترك لمن يات بعده ارضية سهلة وفراغاً واسعاً لتفعل به ما تشاء وغالبا ما ستكون النتيجة الى مزيد من السوء، لانه لم يتم وضع اسس صالحة للبناء عليها لاجل المعالجة والحلول انما الى مزيد من التأزم والخراب.
ففي الازمة السورية التي تشكل ماساة القرن، كانت ادارة الرئيس اوباما بمنتهى الضعف، وتركت الفراغ كله لمن اراد الدخول الى الساحة في لعبة الصراع والنفوذ، فازدحمت الساحة باللاعبين وكانت الفرصة سانحة لروسيا لان تكون اللاعب صاحب العيد العليا في الازمة لكن بلا توازن، اذ كان الانحياز كاملاً للنظام السوري، كما ان ايران تمددت في معظم انحاء سوريا، وضاعت في ظل هذا الوضع اي فرصة لايجاد حل سياسي للازمة التي بات عمرها ثماني سنوات ومرشحة لمزيد من التصعيد، واستخدام كافة الاسلحة المحرمة دوليا والتي مسح الرئيس السابق اوباما في العام 2013 الخط الاحمر لاستخدامها واكتفى بنزع سلاح الجريمة وترك المجرمين فيما تبين حتى ان السلاح الكيماوي لم ينزع من سوريا وكان بالامكان استخدامه مجددا وهو ما تم بالفعل عدة مرات آخرها في الغوطة الشرقية في نيسان الماضي.
وفي ملف عملية السلام، انسحب الرئيس اوباما سريعا، من كافة السياقات المتعلقة به، ورد الفعل الوحيد الذي تم على مدى ثماني سنوات له في البيت الابيض ان الكيمياء الشخصية لم تكن على ما يرام مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، بل ان هناك رأيا يقول ان اوباما قايض اسرائيل (الملف النووي بعملية السلام )، رغم رفض اسرائيل عمليا لتلك الصفقة ونجاحها مؤخرا بدفع الرئيس ترمب بتمزيقها، كما ان الرئيس اوباما ودع اسرائيل في نهاية ولايته الثانية ب 38 مليار دولار مساعدات شاملة فيما ترك ملف السلام في أسوأ حالاته وفي حالة موت سريري الى ان جاء الرئيس ترمب واطلق عليه رصاصة الرحمة ودفنه مرة واحدة والى الابد.
في المحصلة لم يجد الرئيس ترمب ارثا صلبا وراسخا وموثوقا، لسلفه الرئيس اوباما، سواء على صعيد الداخل الاميركي، وكذلك على الساحتين الدولية والاقليمية بل وجد هياكل اتفاقات مليئة بالثقوب، وفراغات هائلة في قضايا حاسمة ما هيأ الفرصة للرئيس ال 45 لاميركا دونالد ترمب لحرق كل ذلك الارث ونقل اميركا والعالم الى مراحل اشد خطورة في أقل من عام.