Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Feb-2019

وارسو: الفلسطينيون قد يكونون” الحاضر الغائب”* د.أحمد جميل عزم

 الغد

“قفزت” فلسطين إلى مشهد الاجتماع الوزاري، الأميركي- الشرق أوسطي، الذي ينعقد يومي 13 و 14 شباط (فبراير) الجاري، في العاصمة البولندية وارسو. وهذه الاجتماع، وتفاصيل انعقاده، يجسّدان التصور الأميركي، في عهد إدارة دونالد ترامب، لا للتعامل مع الشرق الأوسط وحسب، بل وحتى ربما استراتيجية عالمية، ففي “مشهد” الاجتماع أيضاً هناك مساعي للتصدي لكل من الصين وروسيا. واللافت أيضاً أن هذا لقاء إقليمي رفيع المستوى يحضره الإسرائيليون ويغيب عنه الفلسطينيون.
دعا وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إلى هذه القمة، أثناء جولته العربية منتصف شهر كانون ثاني (يناير) 2019، واختار وسط أوروبا، وكلا المنطقتين (وسط أوروبا والشرق الأوسط)، تشكلان محورا أساسيا في السياسة الأميركية حالياً.
يمكن تلخيص السياسة الأميركية العالمية الراهنة، أنّها الابتعاد عن مؤسسات النظام الدولي التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، وتحديداً الأمم المتحدة وما انبثق عنها من مؤسسات، إذ رغم أنّ هذه المؤسسات لا تستطيع العمل دون موافقة أميركية، فإنّ واشنطن لا ترتاح لمواقف تنشأ عن هذه المؤسسات حتى إن كانت مجرد مواقف نظرية دون معنى عملي. والأهم لا ترى واشنطن بالأطر الجماعية مصلحة لها، وتفضل العمل مع الدول بشكل ثنائي، فهذا يعطيها هامش قوة وتأثيرا أكبر. من هنا يأتي العمل مع الدول العربية، كل على حدة، ومع دول وسط أوروبا، مع محاولة خلق آلية مؤتمرات واجتماعات إقليمية – أميركية، فقمة وارسو هي ثاني أكبر اجتماع شرق أوسطي- أميركي، بعد قمة ترامب – العربية الإسلامية، في الرياض، في 21 آيار (مايو) 2017.
الأمر ليس جزءا من تصور عالمي، أو أميركي- أوروبي، بل انفراد أميركي، يقوم أولا على علاقات ثنائية مع الدول، ومثل هذه المؤتمرات، لتكملة العمل الثنائي، خصوصاً حيث يتطلب الأمر تنسيق بين هذه الدول، وفي صلب وظيفة هذه المؤتمرات العمل على إدماج إسرائيل فيها. ولعل اختيار أوروبا مكاناً لانعقاد الاجتماع الحالي، هو حتى تكون مشاركة الإسرائيليين أسهل.
في لقاءات بومبيو مع قادة سلوفاكيا، وهنغاريا، (قبل القمة)، ثم مع بولندا، ثم بلجيكا وأيسلندا بعد القمة، محاولة لملء ما يسميه مسؤولو إدارة ترامب “الفراغ”، ويقصدون أن السياسة الأميركية أهملت هذه المنطقة لعشر سنوات تقريباً، ما سمح بدخول الصين وروسيا لها بقوة. وسيحاولون منع تطور مشاريع للطاقة الروسية في المنطقة، ووقف الدخول الصيني، مع اهتمام خاص بمنع قطاع الهواتف الخلوية الصينية، ولا سيما هواوي، من التغلغل بالمنطقة، ويروجون أن عملها في دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، خطر لأنّ الشركة تنقل معلومات خطرة.
تريد إدارة ترامب جعل هذه الدول، الأوروبية، مدخلها للتأثير في سياسات اللاجئين والمناخ والاقتصاد في الاتحاد الأوروبي، تماماً مثلما يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استغلال دول شرق أوروبا، للتأثير في موقف الاتحاد في المسألة الفلسطينية.
الدول العربية لم تعبر عن مواقف محددة بشأن الاجتماع، ولكن بينما صرّح مسؤولون فلسطينيون أنّه جرت دعوتهم، متأخراً، من قبل بولندا، وأنهم لن يشاركوا، ولن يسمحوا لأحد بالحديث باسم الفلسطينيين، كما جاء في تصريحات لمسؤولين مثل أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، وعضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، حسين الشيخ، فإنّ هذا تزامن مع حديث مسؤولين فلسطينيين أيضاً، عن رفض عربي، خصوصا سعودي للبدء بالتطبيع مع إسرائيل دون حل الموضوع الفلسطيني.
الخطة الأميركية الإسرائيلية، هي أن يسيطر العامل الإيراني على السياسة الإقليمية، بعيداً عن المسألة الفلسطينية، وتحويل الموضوع الفلسطيني، إلى موضوع غير سياسي، بل إلى موضوع أمني وإنساني. بمعنى حصر القضية الفلسطينية في مساعدات إغاثية وفرص عمل مشروطة بمنع المقاومة. وبالتالي يجري ترويج المصلحة العربية الإسرائيلية المشتركة بمواجهة إيران، ويجري التشديد أن تمويل الفلسطينيين يصبح بمثابة تمويل للإرهاب، إذا لم يجر ضمن قنوات وشروط محددة، من بينها عدم مساعدة الأسرى وعائلات الشهداء. فالمطلوب إهمال الشق السياسي في القضية الفلسطينية، وانعقاد قمم ومؤتمرات بدون حضور فلسطيني، بل بحضور إسرائيلي، أي إبعاد الفلسطينيين وإدخال الإسرائيليين.
هناك فرصة أن يكبح العرب هذا التوجه إذا وجدت التنبيهات الفلسطينية من يدعمها، ولم يجر قبول التطبيع مع الإسرائيليين، حينها سيكون الفلسطينيون هم الحاضر الغائب.