Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    17-Aug-2017

باذنجان وقشطة وسرطان !! - محمد كعوش
 
الراي - أقرأ في وسائل التواصل الإجتماعي بين الحين والآخر عن وصفات طبية يتناقلها المشاركون حول معالجة امراض مزمنة مستعصية، بواسطة الأعشاب والفاكهة والخضار، فمنهم من ينشر أن البامية تخفف السكر في الدم، وبينهم من يزعم ان تناول الباذنجان، أو حبة قشطة كل يوم، يهزم السرطان، وآخر يبشرنا بان اللوز والجوز يطيل العمر ويديم الشباب ويؤخر الشيخوخة، والقائمة لا تنتهي، ففي صباح كل يوم نقرأ وصفة طبية جديدة !!
 
وسائل التواصل الإجتماعي فتحت شهية الكثيرين من العاطلين عن العمل لتحقيق احلامهم أو اوهامهم، فبعضهم يتحول الى طبيب أو كاتب او مفكر أو شاعر أو فيلسوف، حسب ما يشتهي وعلى قاعدة «حارة كل من ايدو الو» باعتبار أن هذه الوسائل الإعلامية عبارة عن فضاء مفتوح بلا رقيب ولا حسيب ولا مسؤولية، الى ان تحولت مساحة حرة للتلاعب بوعي الناس، أو ما هو أخطر، واقصد هنا دورها التحريضي على كافة الصعد الطائفية والسياسية، وبالتالي التأثير السلبي في عملية إعادة تشكيل الوعي الجمعي.
 
ما يهمني اليوم هو ما ينشر من وصفات مدهشة وغريبة لعلاج أمراض السرطان، خصوصا أن بعضها يؤذي المريض لأنه من الممنوعات التي يفرضها الطبيب خلال فترة العلاج من المرض الذي أصبح عدد ضحاياه يفوق عدد ضحايا الحروب، رغم إكتشاف أدوية جديدة باستمرار نتيجة البحث الطبي والعلمي المتواصل في اكثر من بلد متقدم.
 
كتبت هذه الكلمات بمناسبة.. وبالذات عندما كنت أزور المباني الجديدة العملاقة التابعة لمركز الحسين للسرطان قبل ايام قليلة، والتي أمنت افضل خدمة للمريض وللمرافق، فقد لفت نظري واثار اعجابي حسن الترتيب والنظافة والمساحات الواسعة المريحة والخدمة الراقية، وكم شعرت بالفخر والإعتزاز بهذا المركز الطبي المتميز بخدماته وشهرته على امتداد الوطن العربي والعالم.
 
من خلال زياراتي المتكررة للمركز لاحظت زيادة في عدد المرضى، وجلهم من الطبقات المتوسطة والفقيرة، من ذكور واناث من شيوخ واطفال وشباب، من كافة الفئات الإجتماعية ، وتقديم العلاج لهذا العدد من المرضى يكلف الدولة الكثير من الأموال سنويا، وانا هنا لا اتعامل بالأرقام الصماء أو اتحدث عن ربح وخسارة كمحلل اقتصادي، بل انظر للموضوع بمشاعر انسانية، وقناعة تامة بضرورة تخفيف اوجاع وآلام الذين يعانون يوميا من هذا المرض الخبيث، لذلك أرى أن من واجب الدولة الإستمرارفي توفير العلاج لكل مرضى السرطان لأن التامين الصحي يوفر العلاج للمشتركين باستثناء مرضى السرطان.
 
اعرف ان المقتدرين يذهبون للعلاج في مستشفيات ألمانيا واميركا وبريطانيا، رغم وجود مركز الحسين في بلدهم، ولكن هذا لا يعفيهم من وجوب دعم مركز الحسين الذي يقدم الخدمات والعلاجات لكل المواطنين، وهنا تبرز الحاجة لدعوة القطاعين الخاص والعام للتعاون في حمل مسؤولية وتأمين موارد دائمة تدعم وتساند مركز الحسين، من أجل استمرار قدراته على التطور والتقدم في تأمين العلاج والخدمات الطبية للمواطن الأردني المصاب حتى تأمين الشفاء الكامل، خصوصا مع ازدياد عدد المصابين.
 
اخيرا اقول أنني سألت كثيرا، وقرأت اكثر، عن اسباب انتشار هذا المرض الخبيث فعرفت بعض الحقائق منها أن الجينات لها نصيبها من الإصابة، وكذلك الحياة اليومية التي اعتادها المواطن، والغذاء غير الصحي، واستخدام المبيدات والهورمونات والمواد الحافظة في غياب رقابة غذائية صارمة، وانتشار التلوث والتدخين، وربما التوتر العصبي والقلق المتزايد، كل هذه العناصر تشكل عوامل تحفيز لظهور المرض وانتشاره. في النهاية صافحت الطبيب الشاب الذي ودعني بابتسامة كلها تفاؤل. غادرت المبنى الجديد وانا اشعر بالفخر بوجود هذا المعلم الطبي الأردني الأكبر والأشهر، متمنيا الشفاء لكل المرضى، خصوصا الأطفال البراعم، وشابات وشبان بعمر الورد، هم بداية الأوجاع، وشفاؤهم نهاية الأحزان.