Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    09-Oct-2015

سورية وأوباما وبوتين*توماس فريدمان

الغد-سيدي القاضي، اسمح لي أن أقف مرة أخرى مدافعاً عن سياسة الرئيس باراك أوباما حول سورية.
لقد كان أوباما محقاً في تردده حيال الانخراط بعمق في سورية. لكنه لم يتوافر أبداً على الجرأة المتعلقة بتردده الخاص للإفصاح عن أسبابه للشعب الأميركي. إنه يحافظ على إبقاء نفسه مغموراً في فعل وقول أشياء تقول له غريزته الخاصة أنها لن تعمل، ولذلك يختار الأسوأ من بين كل الكلمات: إن خطابه يتجاوز السياسة، والسياسة لا تعمل.
في الأثناء، يفتقر منتقدو أوباما الجمهوريون تماماً إلى الحكمة التي جلبتها لنا تجربتنا الخاصة. إنهم يدافعون بقوة عن مبدأ "استعد، سدد، أطلق النار" في سورية، من دون أي مسوغ للاعتقاد بأن أسلوبهم هذا سيكون أفضل مما فعله لنا في العراق أو ليبيا. ويعتقد الناس الذين لا يعرفون كيفية إصلاح داخل مدينة بالتيمور أنهم يعرفون كيف ينقذون مركز مدينة حلب.
شخصياً، سوف أختار القائد الذي يفتقر للشجاعة للتخلص من تردده، وليس موقف المنتقدين الذين يفتقرون إلى الحكمة المستخلصة من تجربتهم الخاصة. لكن التردد ليس رخصة تجيز عدم القيام بأي شيء. إننا نستطيع أن نفعل أشياء تصنع فرقاً، وإنما فقط عندما ننظر إلى أعدائنا وحلفائنا في سورية بعيون متبصرة.
على سبيل المثال، تقول الفكرة الدارجة اليوم أن الثعلب الماكر، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تفوق مرة أخرى على الأميركيين غير المتحفظين من خلال نشر بعض القوات والطائرات والدبابات في سورية، من أجل تقوية شوكة الرئيس بشار الأسد، ولمقاتلة قوات "داعش" التي تهدده. وليت أن لدينا رئيساً يتمتع بهذا القدر من الجرأة والقسوة والذكاء.
حقاً؟ حسناً، فكروا في هذا الأمر: دعونا نقول أن الولايات المتحدة لم تفعل شيئاً في هذه اللحظة وسمحت لبوتين بالبدء بقصف مجموعة "داعش" وفي تعزيز الأسد. كم هو الوقت الذي سيمضي قبل أن يضع كل مسلم سني في الشرق الأوسط، ناهيك عن كل جهادي، صورة بوتين في مصلب الهدف على هاتفه النقال؟
يشكل المسلمون السنة في سورية الغالبية العظمى. وهم الطائفة المهيمنة في العالم العربي. وسوف يُنظر إلى بوتين وروسيا على أنهما ذاهبان لحماية الأسد، الموالي لإيران، مجرم حرب الإبادة الجماعية العلوي/ الشيعي. وسوف يخسر بوتين العالم الإسلامي السني برمته، بما في ذلك المسلمون الروس.
وبالإضافة إلى ذلك، دعونا نقول أن الروس سيلحقون، بفضل معجزة ما، الهزيمة بمجموعة "داعش". سوف تكون الطريقة الوحيدة لإبقائها مهزومة هي استبدالها بسنة معتدلين. فمن من السنة المعتدلين سوف يذهب للاصطفاف مع روسيا بينما ينظر إلى بوتين على أنه المدافع الرئيس عن مجرم القصف بالبراميل الذي استهدف السنة أكثر من أي أحد آخر على وجه البسيطة، بشار الأسد.؟
لقد ذهب بوتين بحماقة إلى سورية باحثاً عن مكسب رخيص الثمن لكي يظهر لشعبه أن روسيا ما تزال قوة عظمى. حسناً، إنه الآن فوق الشجرة. وعلى أوباما وجون كيري أن يدعاه هناك لشهر -هو والأسد يقاتلان "داعش" وحدهما- ويشاهدانه وهو يصبح العدو العام رقم واحد في العالم الإسلامي. "ياه، يا فلاديمير، كيف يمكن أن يصب هذا في صالحك؟"
إن الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها بوتين النزول عن تلك الشجرة ستكون مساعدتنا في التوصل إلى حل سياسي في سورية. وسيتم ذلك فقط إذا أجبر الروس والإيرانيون الأسد -بعد فترة انتقالية- على التنحي ومغادرة البلد، نظير موافقة المعارضة على حماية السلامة الأساسية ومصالح الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد، على أن يرحب كلا الجانبين بنشر قوة دولية على الأرض لضمان تطبيق الصفقة.
لكن، ومن أجل الوصول إلى تلك الغاية، فإنه يجب علينا أن نكيّف خطابنا مع مصالحنا أيضاً في سورية. وتتركز مصالحنا في الوقت الراهن في القضاء على، أو احتواء التهديدين المتجسدين الأكبر: مجموعة "داعش" -التي يستطيع نموها تهديد جزر اللياقة ومستلزمات العيش اللائق في المنطقة، مثل لبنان والأكراد والأردن- ومأساة اللاجئين السوريين الذين أخذت أعدادهم بالتضخم بشكل كبير جداً، بحيث اكتسحوا لبنان والأردن، وتتسبب في زعزعة استقرار الاتحاد الأوروبي، شريكنا الحيوي في العالم، إذا استمرت أعدادهم بالازدياد.
إذا أردنا شيئاً أفضل -ديمقراطية متعددة الطوائف في سورية الآن- فعلينا الذهاب إلى هناك وبنائها بأيدينا. والفكرة القائلة بأن ذلك يتطلب فقط تسليح المزيد من المعتدلين السوريين، إنما هي فكرة مجنونة.
خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، ذكرت التايمز أن "حوالي 30.000 مقاتل أجنبي قد سافروا إلى سورية والعراق من أكثر من 100 بلد منذ العام 2011". وبذلك يكون نحو 30000 شخص قد ذهبوا إلى سورية للانضمام إلى "داعش" وتعزيز الجهاد والخلافة. ولكن، كم هو عدد العرب والمسلمين الذين ذهبوا إلى إلى سورية لتعزيز ديمقراطية متعددة الطوائف؟ لا أحد على ما يبدو.
لماذا يترتب علينا البحث عن معتدلين مثل رجل يبحث عن الماء بعصا للكشف، ثم نقوم بتدريبهم بعد ذلك بينما لا أحد يدرب الجهاديين الذين يتقاطرون إلى هناك؟ ذلك لأن الجهاديين يتمسكون بالمثاليات بالرغم من أنهم قتلة. ولا يوجد تجمع مهم من المعتدلين السوريين يتمسك بالمثاليات: إنهم سيقاتلون من أجل منازلهم وعائلاتهم، ولكن ليس من أجل مثال مجرد مثل الديمقراطية. ونحاول، في الأثناء، التعويض عن ذلك بـ"التدريب" العسكري. لكنه لم يؤت ثماره أبداً.
وهل يوجد ديمقراطيون حقيقيون بين ظهراني المعارضة السورية؟ يمكنك أن تراهن على ذلك. ولكن ليس بما فيه الكفاية، ليس بمثل تنظيم ودافع وقوة معارضيهم.
يريد الجميع تدخلاً خالياً من العيوب في سورية؛ وحيداً حيث تبدو وكأنك تفعل شيئاً ما، ولكن من دون الكلفة السياسية لنشر قوات برية على الأرض، أو الاضطرار للتوصل إلى تسويات غير سارة مع أناس بغيضين. ليس ثمة من خيار كهذا.
أعتقد بأن هرولة بوتين المتهورة إلى داخل سورية قد تجعله في النهاية بحاجة للتوصل إلى صفقة، أو على الأقل إلى وقف دائم لإطلاق النار، والذي سيوقف تدفق اللاجئين. وإذا مااستطعنا فعل ذلك الآن، فإننا نكون قد فعلنا الكثير.

*نشر هذا المقال تحت عنوان: Syria ,Obama and Putin