Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    01-Dec-2015

الموت يغيب فاطمة المرنيسي: وهبت نفسها للدفاع عن قضية المرأة

وكالات - غيب الموت صباح أمس في الرباط، الكاتبة والباحثة الاجتماعية المغربية فاطمة المرنيسي عن 75 عاما، بعد مسيرة ادبية امضتها في الدفاع عن قضايا المرأة ومناهضة السلطة الابوية.

والكاتبة التي توفيت بعد معاناة طويلة مع المرض، ولدت في مدينة فاس وسط المغرب العام 1940. وترعرعت في أوساط عائلية واجتماعية بورجوازية محافظة، حيث كانت عائلتها مقربة من الحركة الوطنية المناوئة للاستعمار الفرنسي، وعاصرت في طفولتها ظاهرة "الحريم" في بيوت الطبقة الغنية.

وكانت المرنيسي من القليلات اللاتي حظين بحق التعليم في عهد الاحتلال الفرنسي، وذلك بفضل المدارس الحرة -الخارجة على نمط التعليم الفرنسي- التابعة للحركة الوطنية. وفي مرحلة لاحقة واصلت مسارها التعليمي في الرباط، قبل أن تنتقل إلى فرنسا ثم إلى أميركا لاستكمال تكوينها العلمي، ثم مارست التدريس في جامعة محمد الخامس في الرباط وفي عدد من الجامعات الفرنسية والاميركية.

وعملت المرنيسي باحثة بالمعهد القومي للبحث العلمي بالرباط، وعضوا في مجلس جامعة الأمم المتحدة.

ثم أسست مبادرة جمعوية من أجل حقوق المرأة تحت اسم "قوافل مدنية"، كما ساهمت في إطلاق تجمع "نساء، أسر، أطفال". وقد أثارت أفكارها جدلا واسعا لتعرضها للمحظورات الاجتماعية والدينية التي اعتبرتها عائقا أمام إثبات المرأة لذاتها وتحررها من هيمنة المجتمع.

واهتمت المرنيسي في كتاباتها كثيرا بالإسلام والمرأة والجنس وقضية المساواة وحقوق النساء، كما عرفت بنشاطها في المجتمع المدني حيث أطلقت "القوافل المدنية" وكذلك تجمع "نساء، أسر وأطفال".

وكانت المرنيسي اعتبرت ان كتابها "سندبادات المغرب - رحلة في تاريخ المغرب المدني" يعبر عن مرحلة خاصة في نشاطها مع تحولها الى ناشطة مدنية. وكانت عالمة الاجتماع تناولت نماذج من الطبقات الدنيا التي بنى افرادها انفسهم بشكل عصامي. وقالت إنها تكتب "عن هؤلاء الذين بنوا انفسهم بشكل عصامي ولهم نشاط في المجتمع المدني".

وفي تعبيرها عن محور "القوافل المدنية" التي أطلقتها، بينت المرنيسي التي ألفت العديد من الكتب التي تناقش وضع المرأة في التراث العربي الاسلامي واخرى تناقش اوضاع النساء العاملات ان "ظهور البث التلفزيوني عبر الاقمار الصناعية مطلع التسعينيات اسقط كل الحدود" مضيفة انها "اعطت الانسان وخصوصا العرب الحق في النطق والتعبير عن ذواتهم".

وبينت أن احد هواجسها الرئيسية "منذ بداية نشأتي كانت الحدود. الحدود ما بين الفضاء العام والفضاء الخاص اي العائلة وثنائية المرأة والرجل، والغني والفقير وغيرها. لكن منذ العام 1991 عندما ظهرت الاقمار الصناعية ادركت امرا اساسيا هو ان الحدود سقطت".

وتابعت "كل الحدود التي اوجدت تلك الثنائيات، المركز والهامش والشمال الجنوب، الفوارق الطبقية.. كل هذه الثنائيات زالت بينها الحدود".

ومن خلال العديد من كتبها وطروحاتها الجريئة بشأن المرأة وموقعها في المجتمع، أغنت المرنيسي المكتبة العربية والعالمية، وشكلت في كتبها مرجعا أساسيا ونصيرا للحركة النسائية المغربية والعربية، بعد أن وهبت نفسها لتوجيه سهام النقد إلى وضعية المرأة في العالم العربي الإسلامي، مركزة، بحسب موقع (اليوم 24)، من خلال كتاباتها على العوامل الاجتماعية والثقافية، التي ساهمت في وصول المرأة العربية إلى هذا الوضع المتردي.

واختارت فاطمة المرنيسي أن يكون مشروعها الفكري والنضالي منحازا للمرأة، ومنافحا عن قضاياها، من دون أن تجعل من الرجل عدوا لأنها تؤمن بقيمة الإنسان قبل كل شيء.

ولم تنتقد المرنيسي وضعية المرأة في العالم العربي الإسلامي فقط، بل مضت إلى نقد وضعيتها في المجتمع الغربي في كتابها “هل أنتم محصنون ضد الحريم؟” الذي عرّت  فيه واقع الاستلاب والعبودية المقنعة، التي تسود غربا حيث ينظر إلى المرأة بوصفها دمية معدة للاستغلال من قبل الرجال، كما وجهت نقدا لاذعا إلى نظرة الغرب النمطية للمرأة العربية، التي تحصرها في الجنس، والشهوة، وغلبة الرجال.  

وترى المرنيسي أن حريم الغرب أشد وطئا على المرأة من حريم الشرق، حيث يحدد الرجال في الغرب مفهوم الجمال والأناقة والنحافة والموضة، ما يجعلها دمية في يد الرجال.

ولم تكن فاطمة المرنيسي متنكرة لحضارتها العربية الإسلامية وإسهاماتها في تحرير المرأة كما يرى أصحاب القراءات الجاهزة والمتسرعة، بل كانت تفرق بين النصوص الدينية الإسلامية من قرآن وسنة، التي تعتبر إطارا متقدما لحرية المرأة والواقع التاريخي، الذي اتخذ منحى تراجعيا خطيرا في عصر ما بعد النبوة، حيث أصبحت المرأة أسيرة التقاليد والتأويلات الخاطئة للنصوص الدينية، وهو ما تجلى في أبحاثها حول الجنس، وتوزيع السلطة في الفضاء الاجتماعي، ودور المرأة في التاريخ الإسلامي.

الناقد والأكاديمي العراقي عبدالله ابراهيم، نشر في العدد الحادي والثلاتين من مجلة "تزوى" الثقافية، موضوعا مطولا، تناول فيه موضوع "مجتمع الحريم: التمثيل السردي لعالم المرأة عند فاطمة المرنيسي"، مؤكدا أن المرنيسي لم تكف عن "العمل المضني والمتواصل الذي تمثله الكيفية التي قام بها الخطاب في تمثيل عالم المرأة الإسلامية أولا، والعربية ثانيا، والمغربية أخيرا".

ولفت إلى أن عملها "يتوزع بين بحث استقصائي منهجي محكم خاص بصورة المرأة في التاريخ، وفي هذا تظهر مهارة في استخلاص عناصر موضوعها، وتعبير تمثيلي ذاتي عن صورتها كأنثى في مجتمع تقليدي، ويشتبك كل من البحث والتمثيل معا بهدف تعويم صورة مختبئة في ثنايا التاريخ من جهة والواقع من جهة أخرى".

ويبين إبراهيم أن "المرأة التي تعنى بها المرنيسي هي المرأة في المجتمعات التقليدية، تلك المجتمعات المحكومة بنسق متماثل من القيم شبه الثابتة (أو الثابتة) والتي تستند في تصوراتها عن نفسها وعن غيرها إلى مرجعيات عقائدية أو عرقية ضيقة، والتي تتحكم بها روابط عشائرية أو مذهبية، والتي لم تفلح في صوغ تصورات كلية عن حاضرها، فلجأت إلى الماضي في نوع من الانكفاء الذي تفسره باعتباره تمسكا بالأصالة".-