Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Oct-2019

ان كنت تدري فتلك مصيبة*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور-أيهما أسبق،التحرر ام الوعي؟ سؤال فكري قبل ان يكون نضالوي ثوري، وفي حال افترضنا ان الشعوب العربية لا تتمتع بالحرية الافتراضية، فهل هي قادرة على صونها ان استطاعت تحقيقها فعلا؟

مشاكل العرب وكثرة وقوة أعدائهم أكبر من ان يتجاوزوها وينعموا بالحرية الافتراضية التي تتغنى بها الشوارع، ولنتحدث بأمثلة واقعية:
في الجزائر وقبل اكثر من 25 عام، تحرر الشعب ودخل في تجربة ديمقراطية وانتخابات، نجح فيها الاسلام السياسي، وما كادت ان تنطلق مؤسسة الدولة الديمقراطية حتى خربت البلاد وأصبح المسؤولون المنتخبون مجرد مساجين ..وما زلنا نستشهد بفشل التجربة الجزائرية حتى اليوم، وفي تونس التي قيل بأنها شهدت انطلاقة ثورة عربية صوب التغيير، وعلى الرغم من ألمعية وديمقراطية تيارها الاسلامي الا أنه لم يتمكن سوى تجنيب البلاد الفوضى فانحصر اداءه في الوقاية وليس التقدم والتغيير.
وفي مصر أيضا، حدث تغيير وتغنى به المصريون حتى اعداءهم وكل الشعوب العربية، وحاول الاسلاميون الاستفادة من التجارب السابقة، وابتعدوا عن الخطاب الاقصائي بل اشركوا الجميع معهم، ولم ينجحوا ايضا، وانقلب عليهم الجميع وها هي مصر تتعب وتجوع اكثر.
وفي سوريا فعلت الدولة السورية كل ما يمكنها للابقاء على سوريا موحدة ونجحت حتى الآن فهي تعرف النتائج سلفا وتقرأ التجارب جيدا.
اما فلسطين، وعلى الرغم من ان قضيتها كبيرة ومختلفة، الا أن الاسلام السياسي فصم قضيتها ليس بسبب اخفاق منه بل بسبب كثرة الاعداء وقوتهم وغياب الوعي الوطني، رغم فرادة وقوة وشرعية قضية فلسطين ووعي شعبها وتجربتهم العالمية، ولن نتحدث عن العراق واليمن وليبيا فالقوى الخارجية العسكرية هي الاطراف الحاسمة في ازماتها الكبيرة وليست ثورات الجماهير.
حين نمعن النظر في هذه التجارب ونحاول إسقاط اي منها على الحالة الاردنية لا ننجح في ايجاد مقاربة صحيحة، لأننا على ما يبدو وبرعم أننا شعب عربي يعاني ازمات ومشاكل وتحديات الا أننا اسرع من غيرنا في توقع النتائج وتجنبها، ولا يعني هذا باننا في منأى عن اي تجربة منها.
الوعي اولا ثم الفكرة ثم التغيير، ودعونا نتحدث بصراحة محلية:
هل نحن جاهزون لملكية دستورية حتى لا نقول عن نوع آخر من التغيير؟
ان وصلنا اليوم وقبل اكتناز الوعي ونضوج الفكرة وسيادة القانون والثقافة الديمقراطية الى تغيير سياسي، كانتخاب الحكومات مثلا، فهل يتوقع احد موضوعي بأن لا يتقدم الاسلام السياسي على جميع التيارات الاخرى؟
 وعلى الرغم ان الخلل ليس في الاسلام السياسي غالبا الا ان النتيجة ستكون واحدة، سيقوم بعض أحرار اليوم بشراء البنزين وإلقائه في الصحراء ان لم يجد طريقة أخرى لافشال التيار المنتخب، حتى لو سلك الناجحون سلوك مرسي في التشاركية وعدم الاقصاء، لأن الأعداء الخارجيين للاسلام السياسي الاردني هم ربما أشد اجراما من أعدائه في مصر، والاردن لا تتمتع بموارد كمصر ولا قوى بشرية وفكرية وتاريخ حضاري وعمق استراتيجي كما هي أم الدنيا، وهذا يقودنا الى الاحتمال الآخر وهو الحكم العرفي او العسكري، فمعه سيزداد الفقر اكثر بسبب كثرة الملفات الدولية التي تشتبك بها الاردن مع الآخرين بناء على الجغرافيا والتاريخ وحساسية القضية الفلسطينية، حيث لن يقف مع الاردن احد من الخارج الا بمقابل لا يمكن أن يفعله الجيش الاردني أو يقبل به.
لماذا لا نفكر في احتمالات التغيير حين يفتقد الى الحسابات الكاملة او الوعي؟
سهل جدا ان نطلق ثورة تغيير ونرفض كل شيء، لكن اثبتت التجارب بأن الوضع سيكون أكثر سوءا حين تجرنا العاطفة والمعاناة لجر البلاد الى تغيير لن ينجح كما اثبت التاريخ القريب.
كل الذين يدعون الفكر المستنير والتحرر والنجومية حتى لو افترضنا انهم قيادات خارقة، فهم في اليوم التالي سيتم اقصاؤهم من خلال صناديق الاقتراع فيتحولون للمعارضة المتطرفة ويناصبون الاسلام السياسي العداء المعروف ويتمددون بالمؤامرة الخارجية.
هل احدثكم عن نماذج أردنية نعرفها:
كل التغيير تقريبا يأتي من الجنوب لا سيما الكرك..الهيّة، والانفتاح الديمقراطي 1989، ونقابة المعلمين.. الكرك والجنوب هم الذين قادوا هذه الحالات من التغيير، فما الذي تغير في الجنوب ومن قطف ثمرة التغيير فعلا؟! ..طبعا نحمد الله ان الدولة صامدة والا لكان وضع الجنوب اشد سوءا ان تحدثنا عن تغيير جذري كبير.
لا تتغافلوا او تتناسوا هذه الحقائق ولا تصدقوا ان كل احرار الساعة مفكرون ونجوم وشعبيون وشرفاء..
لستم بحاجة لمثل هذا الاختبار الذي فشل مرارا ودفعنا ثمنه جميعا وما زلنا نضاعفه.