Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    20-Nov-2019

ســـارة السهيــل: الفنــون تعمــق المشتـــرك الإنسانـي وتعـزز قبـول الآخـــر

 الدستور

أكدت الكاتبة سارة السهيل ان السنن الكونية التي خلقها الله قائمة على الاختلاف، وأن الانسان مهيأ بفطرته للتعايش والتكيف مع كل ما هو مختلف، ومن ثم يصبح قبول الاخر امرا سهلا ولينا بل وقد يحقق لنا السعادة.
وقالت السهيل خلال كلمتها في لقاء «منتدى الرواد الكبار المعنون بـ»دور الفن في قبول الاخر» الذي أدارته المستشارة القاصة سحر ملص، وشارك فيه الفنان رسمي الجراح، وهيفاء البشير، إن الثقافة كمركب معرفي شامل للأداب والفنون والاخلاق تلعب دورا رئيسيا في قبول الاخر من خلال ما تقوم به هذه الاداب والفنون من تهذيب للسلوك الانساني وتعميق المشترك الانساني وما تحققه من سمو روحي يعلو فوق شبهات الماديات وشبهات التمييز العنصري او الثقافي.
ورأت السهيل ان الفنون والآداب تسهمان في التقريب بين الشعوب والحضارات بما تنقله من تجارب انسانية وفكرية مبدعة جديدة قادرة على تجديد الافكار وتطويرها بما يناسب معطيات الزمن، وخلال ادائها هذا الدور، فأنها تنقل للعقل البشري حقيقة ان هذا العقل ناقص بطبعة ومن ثم فانه لا يملك الحقيقة كلها، وان علاج هذا النقص يتم بالانفتاح على عقل الاخر ليكمل نقصه ويكمل معرفة الحقيقة، وبقدر ما نحتاج الاخر ليكمل نقص معرفتنا البشرية، فاننا بالضرورة لا يمكننا ان نحتقر الاخر او نكرهه او نقصيه؛ لاننا نحتاجه ليكمل معنا مسيرة المعرفة ورحلة الحياة.
ولفتت السهيل الى ان المعزوفة الروائية للكاتب الكويتي سعود السنعوسي «ساق البامبو» التي حصدت جائزة بوكر العربية عام 2013، تعد أنموذجا صارخا على سطوة المفاهيم الاجتماعية والثقافية المتحجرة على قيم قبول الاخر  بل واقصائه وتهميشه ونبذه داخل جذره ووطنه.
واضافت «السهيل» أن التصوف الاسلامي  قدم أدبا انسانيا رفيعا يحمل في طياته قيم قبول الاخر والحوار والتكامل معه على ارضية من الحب؛ فالمتصوفة  مثل جلال الدين الرومي نبذوا الانغلاق وانفتحوا على المختلفين معهم بمنهج الحب والتسامح، وتبادلوا التأثير والتأثر، وهو ما نجده في استشهادهم بنصوص مأخوذة من الكتب السماوية كالتوراة والإنجيل.
وشددت « السهيل « على ان طريق الحب والحوار وقبول الاخر هي مفتاح لكل داء، وزرعه في ثقافتنا  اليومية عبر الاعمال الفنية والادبية ضرورة للنجاة من التعصب الاعمى وامراض الطبقية والفاشية الدينية والاجتماعية التي قلبت حياتنا جحيما، وأحالت ارضنا وسماءنا الى ساحات للاقتتال والحروب ـ وبدلا من ان تروى الارض بالماء لتنبت زهرا، ارتوت بدماء الشهداء والابرياء فأنبتت صبارا.
واختتمت «السهيل» كلمتها  بالتأكيد على ان الدين ليس حكرا على شعب دون غيره، وكذلك الفنون والآداب والعلوم  ليست حكرا على شعب دون غيره، والحقيقة الكاملة لا يمتلكها احد او جماعة دون غيرها، وانما هي قطرات من ماء المطر تشكل مع  زخاتها وبمرور الوقت انهارا من المعرفة والتكامل والحكمة والابداع، ويجري النهر لمسافات بعيدة وقد يشكل جداول ومصابات جديدة يكتشفها ويفيد منها من يتعاون مع الاخر للعيش في سلام مشترك.
وقالت سارة السهيل: ان الثقافة هي واحدة من أبرز الرسائل والوسائل لإعادة تغيير صورة العرب والمسلمين النمطية وما يلصق بهم من أعمال عنف وإرهاب.و دعت لإنشاء قنوات فضائية و قنوات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لايصال الصوت العربي للغرب بشكله الصحيح غير المشوه و نشر الثقافة العربية.
وأكدت سارة السهيل ان قبول الآخر هو جزء كبير من المواطنة و الحفاظ على امن الوطن و سلامته من كل مندس او عميل، وخاصة من المؤامرات الخارجية التي أطاحت بأمن و استقرار بعض البلدان العربية؛ فقبول الاخر هو اتحاد الشعوب لمواجهة اَي خطر. وقالت السهيل احدى مشاكل الخوف من الاخرين وعدم تقبل الاخر هي التكفير بسبب الدين او الطائفة، و ايضا الاسلاموفوبيا و ايضا الخوف من المرضى و خاصة الأمراض المعدية التي نجد انها منبوذة وغير مقبولة في مجتمعاتنا. وأكدت سارة السهيل على ضرورة دمج الفن والأدب في المجال الأكاديمي ونوهت إلى التجارب الغربية في مجال العلاج بالموسيقى و العلاج بالرسم.
من جانبها دعت هيفاء البشير الى التمسك بطوق النجاة من خلال الفن الذي يقرب ما بين البشر ويهذب النفوس في مواجهة مظاهر التعصب للذات وتهميش الاخر.
وبدوره رأى الفنان رسمي الجراح، أن قبول الآخر قضية معقدة ولها ما لها من ظروفها وتعقيداتها، وليست بالعملية السهلة، متسائلا لماذا قبلنا الثقافة والفنون الغربية؟ بينما لم يأخذوا شيئا من ثقافتنا، مشيرا إلى انه في مجال الرسم تحديدا تقبلنا افكارهم وتقنياتهم وذهبنا نرسم على قواعدهم الفنية وننتمي لمدارسهم الفنية من الكلاسيكية وحتى ما بعد الحداثه.
واوضح ان المقصود بالآخر، هم الغرب الذين قدموا مدارس فنية كانت تعتمد على العمق، في حين قمنا بتدوير تلك الاساليب فيما كان الغرب قد هجرها في الخمسينيات من القرن الماضي، لذلك بقينا مكاننا ولم نتقدم خطوة للامام.