Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Dec-2019

هل اختنقت صرخة #بكفي_اعتقالات؟ أم هو الهدوء الذي يسبق العاصفة الجديدة
الاردن 24 -  
محرّر الشؤون المحليّة - لفتة جميلة عبّرت عنها حملة #سامح ، تضامنا مع المتعثّرين ماليّا، حيث دفعت هذه الحملة كثيرا من الدائنين إلى التنازل عن حقوقهم الماليّة، نظرا لعدم قدرة المدين على السداد، في ظلّ هذه الأوضاع الإقتصاديّة المترديّة، الناجمة عن تخبّط رسمي، راكم فشل الحكومات المتعاقبة، المتهافتة على موائد الفقراء.
 
ولكن هل تقف الحقوق والمطالب عند حدود المال؟ هل تغلق أبواب التسامح عندما تتجاوز المسألة دائرة المادّة، إلى قضايا أكثر إنسانيّة وعمقاً؟ في كثير من الحالات تكون الكلمة أثمن من كلّ الأرقام الواردة في دفاتر شيكّات قيّدت دون رصيد، بل وربّما أثمن من كلّ ما راكمه عصاميّ من أرباح، خلال رحلة النجاح الإقتصادي.
 
الكريم.. بالمعنى الأعمق للمفردة.. هو من يملك نفسه عند الغضب.. فلا يمكن أن تصف إنسانا بالكرم وهو لا يتّسع صدره لكلمة ألقيت جزافا على وسائل التواصل الإجتماعي، ذات لحظة التبست فيها الحدود الفاصلة بين حقّ حريّة الرأي والتعبير، وبين الإساءة.
 
التنازل عن الحقوق الماليّة كرم جميل، ولكن الكرم الأعمق، والأكثر نبلا، هو كرم الحليم، الذي يجد في نفسه القدرة على أن يسامح حقّا، ولا يسهم في احتجاز حريّة إنسان، لكلمة قالها، أو تعليق أورده خلال حوار ما.
 
هذه دعوة لمن حقّا يريد الاتّسام بإحدى أنبل تجليّات الكرم والتسامح، للتنازل عمّا أقامه من دعاوى قضائيّة، ضد أحدهم، بسبب عبارة قد تكون شكّلت إساءة له، فكما عبّر كرماء عن كرمهم عبر حملة #سامح، يمكن للنبلاء التعبير عن نبلهم عبر الإسهام أكثر في حملة #بكفي_اعتقالات، لتبييض السجون من كافّة معتقلي الرأي، بل وكل من تمّ اعتقاله أو توقيفه على خلفيّة قانون الجرائم الإلكترونيّة، عبر حملة تدفع الحكومة إلى إعادة النظر في هذا القانون، كخطوة على طريق خلق ثقافة أكثر تقبّلا للرأي الآخر، حتّى وإن كان فيه ما قد نعتبره إساءة.
 
كثير من المواطنين ألقي بهم في السجون جرّاء كلمة، غالبا ما يمكن أن تمرّ مرور الكرام على صفحات التواصل الإجتماعي، لولا لحظة غضب دفعت بمن تعرّض للإنتقاد إلى اللجوء للمحاكم، استنادا إلى قانون الجرائم الإلكترونيّة.
 
168 أردنيّا تمّ اعتقالهم في السنة الأخيرة بسبب كلمة، في إطار ممارسة حقّ حريّة الرأي والتعبير، ومئات آخرون محتجزون في السجون بسبب قانون الجرائم الإلكترونيّة.. قارص الكلم لم يجد متّسعا في قلوب من رفعوا الدعاوى القضائيّة، سواء أكانوا أفرادا عاديّين، أو شخصيّات عامّة، الأصل أن تكون موضوعا للنقد الدائم.
 
هنالك شقّين للمسألة: الأوّل هو ما يتعلّق بمصادرة حقّ حريّة الرأي والتعبير.. عندما تجد شخصيّة عامّة نفسها موضوع نقد عبر وسائل التواصل الإجتماعي، ينبغي عليها أن تدرك أن هذا هو أبسط ضرائب العمل في الحقل العام.. قانون الجرائم الإلكترونيّة له وجه عرفي في هذا الصدد، حيث يتمّ استخدامه لمصادرة حق أساسي من حقوق الإنسان، وهو حريّته في إبداء الرأي، والتعبير. على الحكومة أن تغيّر هذا العرف المتسلّط على الكلمة، وتعيد النظر في قوانين تكميم الأفواه، التي أدّت إلى احتجاز المئات في عتمة السجون.
 
في هذه الحالة لا بدّ من تكثيف الحملات الإلكترونيّة وغير الإلكترونيّة، ضدّ تلك الممارسات، التي تكشف ضيق صدر الدولة لقارص الكلم، أو نقد مواطن، كان كلّ ذنبه أنّه مارس حقّا من حقوقه الأساسيّة .
 
أمّا الشق الثاني فهو ما يرتبط بشعور أحدهم بأن إساءة شخصيّة قد وجّهت له، أو لها، وبما يتجاوز حدود حق التعبير، في هذه الحالة يلجأ "المتضرّر" إلى القضاء.. ولكن مهلاً! أليس هنالك مكان للحلم والكرم وسعة الصدر؟ لم لا نفتح صدورنا للتسامح والعفو، ويتنازل أصحاب هذه الدعاوى التي ألقت بالمئات إلى السجون، أليس الأردنيون هم أهم النخوة والشهامة والكرم؟