Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Jan-2018

كلام جريء للكاتب الراحل محمود سيف الدين الايراني - يوسف عبداالله محمود

الراي -  الراحل الكبير محمود سيف الدين الايراني صاحب قلم في اكثر من مجال. في القصة القصيرة صاحب باع، وفي الترجمة النقية تلقاك ترجماته لروائع القصص العالمية، وفي دراسة سير عظماء الكتاب العالميين له تفوق ملحوظ. باختصار كان الايراني –رحمه االله- من أعلام فلسطين والاردن الكبار، ناهيك عن خدمته في ملاك وزارة التربية والتعليم الاردنية زمناً طويلاً.

لن اطيل في الحديث عن سيرة هذا الكاتب الراحل، ولكنني سأختار كلاماً جريئاً له ينتقد ظاهرة يرى انها سلبية قد طغت على عقول كثير من حماة اللغة العربية وأدبائها.
 
في أحد اجزاء اعماله الكاملة التي احسنت مؤسسة شومان بطباعتها ونشرها نقرأ للايراني قوله: « لقد قال «جان جيهنو» إننا نريد ان نقلب اوضاع العالم، وقال «اندريه جيد» إننا ان لم نهز النظم والتقاليد القديمة، فإننا صائرون الى أسوأ حال..»، فمتى نقول نحن إننا نريد ان نهزّ «مجتمعنا» على الاقل!. (محمود سيف الدين الايراني، المجلد الثاني، ص 265.( الكاتب الايراني يأخذ على بعض كبار أدبائنا العرب –وهو محق- إدارتهم البصر في هذا البيت من الشعر أو ذاك قاله المعري أو ابن الرومي يلتمس مواطن الجمال والاعجاز فيه، ويحلل جزئياته ويظهر دقة نظمه، وبراعته في هذا النوع من الطباق. يعتبركل ذلك «عبثاً ولهواً» وهو يشير إلى ان ذلك يشغلهم اكثر من الامراض التي تفتك بالفلاح عندنا واكثر من الجهل.
 
الايراني يريد من كبار أدبائنا ان يكرسوا جهودهم من اجل «تحطيم قيود استعباد العصور إيّانا وإذلال الدّخلاء لنا» ص 265. وبجرأة اكبر يقول: «متى يفهم كتابنا ان انقاذ الفلاح أفضل الف مرة من التأمُّل في مليون قصيدة شعر وشرحها وتحليلها وإظهار محاسنها أو مساوئها». نفس الصفحة.
 
قد يرفض الكثيرون مثل هذه الجرأة التي عرف بها الراحل الايراني، لكنني أرى ان هذا الكاتب يريد لِ»الأدب» –كما قال- «ان يكون أداة للتحرير واثارة النقمة على الذل وعوناً على دفع الاذى».
 
يخجل الايراني –رحمه االله- وهو يرى ادباء عرب كباراً «ما زالوا يتغنون بعواطف وأهواء فردية عاجزة، في حين نرى بأعيننا حقوقنا الانسانية تُداس، وحياتنا تمزق تحت المواطئ.. لقد وصلت بنا الحال الى حد فقدان الكرامة!». ص 264 الايراني يريد من ادبائنا وعاشقي اللغة العربية ان يرتقوا الى مستوى آخر يكافئ مرحلة التطور الحضاري والانساني، ففي رأيه من العبث «ان يفني الكاتب جهوده ويقضي حياته لينبش عن بضع كلمات سخيفة في القواميس والمعاجم ويقيم الدنيا ويقعدها لان فلاناً أخطأ فأغضب سيبويه، وانه جاء بتعبير لا تعترف به المعاجم وكتب القدامى واصنام القرون، ثم يؤلفون لنا من هذه «التقاليع» مجمعاً علمياً ليشير علينا بأن نستعمل «ارزيز» محل «تلفون»!. ص 264 باختصار، فهذا الكاتب المجدّد يريد لأدبائنا ان لا يعيشوا ويفكروا في معزل عن مجتمعهم ومشكلات هذا المجتمع وأزماته.
 
يريد للأدب «ان يحمل طابع «التحرير» وتخليص الانسان من ذل الاوضاع الاجتماعية القاهرة ورسم مُثل عُليا الغاية منها إسعاد الانسان في ظل مبادئ واوضاع اجتماعية منصفة لا اثر فيها لاستبداد الاوضاع القديمة. ص 263 هل كان الراحل الايراني مُصيباً في جرأته هذه أم مغالي؟ أظنه كان مصيباً! نحن بحاجة ان ندير بصرنا في مسائل حياتية مازالت تقض مضاجعنا!