Friday 19th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Aug-2019

الحق على الحكومة!*د. هزاع عبد العزيز المجالي

 الراي-أصبحنا نفتقد لجلساتنا العائلية مع المعارف والأصدقاء التي كنا نشعر بها بلذة وحميمية اللقاء والحديث والاستماع، فلقد كان يغلب على حديث الرجال ما يتداول أو يستجد من أحداث سياسة محلية وعلاقات اجتماعية. في القديم كانت الأخبار تتناقل عبر الوسائل التقليدية المتبعة من فلان إلى فلان، وكان الهاتف الأرضي أكثر وسيلة متقدمة لنقل الأخبار عن لسان فلان وعلى ذمة فلان. ولا بد أن تحظى الحكومة بنصيب وافر من النقد الدائم والمفرط بسبب ودون سبب، طبعا لسياستها غير الناجحة في إدارة شؤون الدولة، وعلى الأغلب فإن الناقدين يكونون من مختلف الطبقات الاجتماعية يتصدرهم شخص كثير الكلام وإذا سألته عن مصدر أخباره يجيبك بكل حزم: «عمي انت شو بعرفك أسالني انا»، وكأن لديه مصدراً سرياً في رئاسة الوزراء يزوده بالمعلومات أولأ بأول. وإذا تحدثت الى هؤلاء بمنطق المعرفة والعلم والتحليل، تصنف بأنك (متفلسف)، كما تجد لديهم الحلول السحرية وهم من أشد المؤمنين بنظرية (مؤامرة الحكومة على الشعب)، لدرجة أنك تعتقد أن دور الحكومات المتعاقبة التسلط على الشعب، وتسمع عبارات من هنا وهناك..)، لتصل إلى نتيجة أن الفريق الوزاري أقرب إلى «فرقة دبكة» منها إلى فرقة حكومية، والأهم القصد الجرمي (النية السيئة) متوفر دائما في تفسير القرارات الصادرة عن الحكومة.

 
نسف سوء استخدام تكنولوجيا التواصل الاجتماعي ما تبقى من علاقات اجتماعية وعائلية واستبدل بها ما يسمى (الجروب)، ولم تعد الناس تنتظر بشغف قراءة الصحف اليومية وانتظار نشرة أخبار الساعة الثامنة، واستبدلتهما بالمواقع الإلكترونية. وحتى في جلساتنا ولقاءاتنا العائلية مع العائلة والاصدقاء أصبح الكلام قليلاً، والكل ممسك هاتفه الخلوي متحفزا لنقل واستلام ما يصله من أخبار وصور وفيديوهات، والجميع يبحث عن بطولة الأولوية في نقل الخبر والأهم أن سيطرة نفس الفئة الذي تحدثنا عنهم سابقا ما زالت باقية، فهم من يحللون ويفسرون ما يدور معقبين على الخبر المنقول بكلام مليء بالإثارة، وكما يقال: في المحاكم لديهم لائحة اتهام وقرار حكم قطعي جاهز غير قابل للمناقشة أو الطعن.
 
هناك كثير من الإيجابيات المعرفية والعلم والأخبار والفيديوهات التي يتناقلها البعض عبر شبكات التواصل الإجتماعي لرقيب سير غارق في الماء يفتح «منهلاً» في الشارع أو رئيس الوزراء يسلم ويشكر عامل نظافة على عمله، هناك ايضاً كم هائل من السلبيات التي تنقل لنا، كالمشاجرات وإطلاق الأعيرة النارية في الشوارع والكثير من الأخبار الكاذبة، فلم تعد حياتنا ملكاً لنا سواء في المنزل أو العمل أو الشارع أو في الأسواق، ولم تعد تحركاتنا آمنة من فضول الناس، ولم تعد الخصوصية الشخصية أمراً مقدساً، فما يتناقله الناس عن قصد أوغير قصد أصبح مباحا للعوام، يشعرك وكأننا نعيش في مجتمع تحكمه شريعة الغاب، فمن يتحمل المسؤولية؟، ليس هناك سواها وعلى مبدأ المثل الشعبي (عنزة ولو طارت) الحق على الحكومة.