Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jul-2017

هروب ! - د. لانا مامكغ
 
الراي - قالَ لنفسِه وهو يرمقُها من بعيد: « في نظرةِ هذه المرأةِ شيءٌ آخر... « ثمَّ مضى إلى شؤونه.
 
ولمَّا التقاها مرَّةً أخرى؛ قالَ لنفسِه: « لصوتِها إيقاعٌ مريح، ولها أسلوبٌ متفرِّد في التّعبيرِ عمَّا تريد...»
 
قالَ ذلك، ومضى لمتابعة ِ انشغالاتِه وهو يقاومُ اضطراباً ما في روحِه!
 
ودونَ أن يشعر؛ بدأ اسمُها يستوقفه، وقاومَ فضولاً استبدَّ به لمعرفةِ كلَّ ما يتعلٌّق بها !
 
وهكذا، إلى أن فرضت ظروفُ عملِه موعداً معها لبحثِ شأنٍ رسميٍّ بحت... فوجىء... احتارَ... وقضى ليلته مؤرَّقاً، ما الذي يحدثُ له؟ أرهقه السّؤال، لماذا هي؟ لماذا هي تحديداً من بين النّساء العديدات الّلواتي يتعامل معهن، لماذا تُثيرُ به هذا الارتباك الذي لا يعرف له سبباً ؟
 
تقلَّبَ في فراشِه عدَّة مرَّات، نهض، أشعلَ سيجارة، ثمَّ أطفأها سريعاً حين تذكَّرَ أنَّه توقّفَ عن التّدخين منذُ مدَّةٍ طويلة... تلهّى بقراءةِ كتاب، ولم يستوعب شيئاً ممَّا قرأ، وقفَ عند النّافذة، سرحَ في الأنوار الخافتة في الأفق، ثمَّ همسَ لنفسِه: « تبَّاً... ما هذا الذي يحدث لي؟ هو لقاءُ عملٍ لا أكثر ولا أقل، ليس أنا من يتردّد أمامَ امرأةٍ مهما كانت ! « استدارَ حولَ نفسِه، تمشّى في الغرفةِ قليلاً، ثمَّ جلسَ ليقول: « الّلعنة... ما بي؟ تماسك يا رجل، لن تفضحَك عيناك، ولن يتهدَّج صوتُك... إنَّه الّليل، يضخِّم المخاوفَ والمشاعر... لن يحدثَ شيء، سأقولُ ما أريد وأمضي بكلِّ التّماسكِ والقوّةِ واللامبالاة... هكذا أنا، وهكذا عهدتُ نفسي، لم أعرف الضّعفَ يوماً... ولن أعرفه ! «
 
وطلعَ الصّباحُ أخيراً، فنهضَ مسرعاً، ومضى لحلاقةِ ذقنه، وأثارَ غيظه أنَّه قضى في حلاقتها وقتاً أكثرَ من المعتاد... وزادَ قهره أنَّه وقفَ مطوَّلاً أمامَ خزانةِ ثيابِه وهو حائرٌ في انتقاء ما سيرتدي... هل يختارُ قميصاً صيفيّاً بسيطاً؟ أم سترةً رسميّةً أنيقة؟ وأحسَّ بميْلٍ للخيارِ الثّاني، لكنَّه سرعانَ ما عدلَ عن رأيه حين تذكَّرَ حرارةَ الجوّ... وتخيَّلَ شكلَ وجههِ أمامها وهو محتقنٌ من بالارتباكِ والحرِّ معاً !
 
وخرجَ أخيراً وهو يتحسّسُ شعرَه قائلاً لنفسِه: « آملُ أن يبدو لائقاً، كانَ يُفترض أن أزورَ الحلاقَ منذ أيّام... لكن، لا بأس، يجب أن أبدو طبيعيّاً، لا موجبَ للمبالغات... « ثمَّ أفاقَ من تداعياته ليضيفَ بحنق: « تبّأ، ما بي؟ يجبُ أن أنجزَ المطلوبَ بسرعة، وألقي هذا الهُراءَ كلَّه وراءَ ظهري تماماً ! «
 
ومضى ساهماً سارحاً حتى توقّفَ فجأة، ليتّصلَ بأحدِ الزّملاء فيُكلّفه بالمهمَّة، متذرِّعاً بالصّداع والتّعبِ وبارتفاع مفاجىء في درجةِ حرارته... أنهى المكالمة، ثمَّ تنهّدَ بعمق وهو يشعرُ براحةٍ عجيبة !
 
أمَّا ما لم يعرفه، فهو أنَّ الزَّميلَ قضى المهمَّة وأنجزَها مع زميلةٍ أخرى لها، إذ قدّمت هي اعتذاراً في الّلحظة الأخيرة عن عدمِ الحضور بسببِ الصّداعِ والتّعبِ وارتفاعِ مفاجىء في درجةِ الحرارة !