Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Sep-2017

بين أمل وألم .. وما قبلهما وبعدهما .. - ناديا هاشم العالول
 
الراي - ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.. فلا حياة بلا امل.. مهما تضافرت الخطوب وتكاتفت المِحَن..
 
فبقدر ما تتشابه كلمتا امل وألم بحروفهما إلا انهما تتناقضان بمعنييهما.. فالألم ينجم عن ضيق عيش يتأتّى عن نقص ما بالاحتياجات المعنوية او المادية الفردية والجمعية.. او نتيجة ظروف خارجة عن حدود الإرادة..بكل أنواعها.
 
واما «الأمل» فهو القوى المضادة التي تخلقها الذات لتقوى على مقارعة الألم والانتصار عليه.
 
نعم الانتصار على سد الفراغ الداخلي الموجِع الناجم عن أسباب عدة نختار منها الأسباب الأكثر شيوعا بمجتمعاتنا: كثرة التراكمات النفسية وعدم البوح بها، وقلة ساعات النوم تخلق ضيقا لصاحبها، ناهيك عن اسلوب الحياة المتصف بقلة النشاط والخمول والكسل، لدرجة ان البعض يريد ان يخسر وزنا دونما بذل اي مجهود يُذكر باتباع حمية غذائية او نظام رياضي فيلجأ لشفط الدهون وعمليات تكميم أفواه المعدة او قصّها ان اقتضت الحاجة.. فيخسرون بذلك لذة الإنجاز مستبدلينها بطاقات سلبية تلقي بثقلها على صاحبها او صاحبتها.. محذرين ايضا من مغبّة التعرض للإجهاد النفسي والجسدي فكلاهما يولدان قلقا يجثم على صدر المُجْهَد.. الخ.
 
هذا على المستوى الفردي فما بال الجمعي والمتمثل بشعوبنا الواقعة بين مطرقة القتل والدمار وسندان التهجيروعدم الاستقرار!
 
أسباب من صنع ايدينا وأخرى من صنع أعادينا تحوّل الدنيا من دار سعي وجد واجتهاد وانجاز
 
الى دار بؤس وشقاء.
 
فالبلاد التي تُستباح من قِبَل قوى خارجية مسبّبة لها كل أوجاع الفقر والقتل والدمار، هي المسؤولة الأولى عن تعاظم الثغرات بنسيجها الإجتماعي والسلوكي والأخلاقي والتربوي والإقتصادي لعدم «اتقان كل عمل تقوم به».
 
شعوبنا تفتقر الى طول النَفَس واتقان العمل وفق معايير علمية متعارف عليها، رافضين التوجه كفريق واحد لإنجاز هدف المصلحة العامة المشتركَة البعيدة عن النرجسية الفردية التي تطأ بقدميها كل من حولها.. حتى جاء من يطأ حرمة أراضينا وشعوبنا من الخارج!
 
يعلّق البعض: «وهل في حياتنا ما يدفعنا الى التفاؤل والأمل ونحن نقبع بين عنف دائر وخراب شامل؟ فمن داعش.. الى تواطؤ الغرب.. وعنجهية اسرائيل.. والمذهبية والطائفية.. والهجرة القسرية والقتل بأنواعه.
 
«مخلوطة تدميرية» بامتياز ساهمنا بإنتاجها بسبب غياب الإنجاز الحقيقي فرديا وجمعيا.. فالتشاؤم سيلاحقنا وكيف لا ونحن نحيا في حقبة تاريخية مضطربة تولد القلق على مصير امتنا بل انسانيتنا فالجغرافية في تغيّر.. واللجوء ينتزعها من الجذور.
 
فصرنا نكذّب على انفسنا مصدقين كذبتنا.. لكن الى متى؟ وهل الوهم مفتاح الفرَج؟
 
وحتى الفئة التي تثق بأن الصبر هو مفتاح الفرَج نراها واضعة يدها تحت ذقنها بانتظار فرَج رب العالمين دون بذل اي مجهود يُذكر.
 
نعلّق بدورنا: بالحركة بركة.. فلا بد من النهوض والسعي والعمل.. وليس أي عمل بل العمل المتقَن المثمر البناء الذي نكسب من خلاله الرزق ويشعرنا ايضا بالانجاز الحيّ وبقيمة الذات لينعكسا على النفس تقديرا واكتفاء وقناعة وطمأنينة.
 
للأسف البعض يقلّد النموذج الغلط.. نموذج من يُقدَّم لهم الإنجاز على طبق من ذهب.. دون ان ندرك باننا نزرع دمار الذات بهذا الطبق المنمّق.. فترى الكثيرين يقلدون نماذج الكسالى.. دون ان يدركوا بأن العمل يُخرِّجُ اندروفينات السعادة الطبيعية من مخابئها، بدلا من اللجوء للمخدرات والمسكّرات والجوكر «الذي يجنّنهم»..
 
وكما يقولون: النفْس إذا لم تشَغّلْها بالحق شغلتك بالباطل وتشغيلها بالحق يكون بتزكيتها، وتهذيبها، وإلجامها عن الباطل.. وإلا تعودَتْ على السوء، واستمرت بالانحراف فخاب بذلك صاحبها قد أفلح من زكّاها.
 
ويقول ابو العتاهية بهذا المضمار: ان الشباب والفراغ والجدة..مفسدة للمرء ايّ مفسدة!
 
فعلا فمفاتيح السعادة بمتناول ايدينا بتوليفة تجمع العمل والإنجاز.. فالشعور بألم التعب اثناء تحقيق الهدف أفضل بكثير من ألم الخمول والكسل.. وشتان ما بينهما.. فيكفي ان سعادة الإنجاز لا تضاهيها سعادة اخرى.
 
فالأمل لا يأتينا على طبق من ذهب بل يجب العمل للوصول اليه حتى ننجو من كارثية عصرنا الحالي «التشاؤم».. هذه العملة الرائجة بأيامنا الحالية، فلا بد من التخلي عن النزعة التشاؤمية ومحاربتها حتى لا توقعنا بالمزيد من التنازل والاستسلام لدرجة «اللامبالاة « القاضية على كل خلْق وابداع وابتكار.
 
«قل للذي ملأ التشاؤم قلبه.. ومضى يضيق حولنا الآفاقا
 
سرّ السعادة حسن ظنك بالذي.. خلق الحياة وقسّم الأرزاقا»
 
صدق الإمام الشافعي..
 
فلننبذ التشاؤم.. عبر التمسك بالأمل كقيمة سياسية وفلسفية وأخلاقية.. فتحمّل الألم من أجل اتقان العمل سيخلق سعادة تحيي الأمل عبر حلقات متلاحقة بسلسلة الإنجاز.. نابذين التعوّد على الألم لدرجة عدم الشعور به، فحذار من هذا التعود المجهض لمحاولات ومحوّلات ومولّدات توليد الأمل.. رافعين شعار: ما دامت الحياة.. سيبقى الأمل!
 
hashem.nadia@gmail.com