Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    30-Jul-2015

ايران بين التسابق الغربي وامكانية الحوار العربي*رأي القدس

القدس العربي-استقبلت طهران امس وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، بعد ان زارها مؤخرا سيغمار غابريال وزير الاقتصاد ونائب المستشارة الالمانية الذي اصطحب على طائرته نحو مائة من اكبر رجال الاعمال في المانيا واوروبا، ثم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في اطار ما اصبح يمكن وصفه بـ «التسابق الغربي» نحو ايران كإحدى نتائج الاتفاق النووي التاريخي الذي وقع في فيينا في الرابع عشر من شهر تموز/ يوليو الحالي. ولخص فابيوس زيارته في عنوانين» الاحترام واحياء العلاقات الثنائية».
وفي غضون ذلك تدرس دول عربية الدعوة التي حملها وزير الخارجية الايراني جواد ظريف اثناء جولته الخليجية الى التعاون لمكافحة الارهاب. وكان ظريف كتب مقالا في الـ «نيويورك تايمز» قبل ثلاثة شهور، دعا فيه الى «انشاء هيئة للحوار بين ايران والقوى الرئيسية في الاقليم»، وكتب ان «الحوار الاقليمي يجب ان يقوم على المبادئ المعترف بها عموما والأهداف المشتركة، ولا سيما احترام السيادة والسلامة الإقليمية والاستقلال السياسي لجميع الدول ، وحرمة الحدود الدولية؛ وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والتسوية السلمية للمنازعات وعدم جواز التهديد باستخدام القوة أو استخدامها، وتعزيز السلام والاستقرار والتقدم والازدهار في المنطقة».
وثمة نقاط تقاطع بين هذين المسارين ينبغي التوقف عندها:
اولا: ان ايران تدرك انها دفعت مسبقا ثمن هذا التسابق او التهافت الغربي على التعاون معها، لذلك فقد رفضت ان تقدم اي تنازلات عندما طالبها الضيف الالماني الكبير بالاعتراف باسرائيل، رغم انه شدد على ان المانيا تؤيد ايضا اقامة دولة فلسطينية. وتكرس هذا المعنى في تأكيد فابيوس امس في طهران على «احترام ايران كدولة قوية ومستقلة». وكانت هذه الصورة نفسها التي صدرتها المفاوضات النووية الى العالم الذي رأى ممثل ايران يجلس على رأس المائدة، فيما يصطف على جانبيها ممثلو القوى العظمى. ولا بد ان طهران ستحمل هذه الروح الى اي حوار مع جيرانها ما يستلزم ان يكون الوفد العربي موحدا في تكوينه واجندته واهدافه ليكون ندا للايراني.
اما الدرس الآخر الذي لا يمكن تجاهله فهو ان الغرب يحترم من يختلف معه في كرامة، وان الهرولة الى تقديم التنازلات ربما تأتي بنتيجة عكسية، ومن هنا يحتاج العرب الى مراجعة اسلوب تعاملهم مع «حلفائهم» الغربيين الذي لا يفهمون الا لغة المصالح.
ثانيا: ان ثمة غموضا يكتنف الموقف الرسمي العربي من ايران، ولعل ثمة انقسامات عميقة تحكم هذا المشهد، فثمة رفض سعودي معلن لاي تقارب مع ايران دون ثمن سياسي في الازمات التقليدية، فيما يحبذ آخرون فتح حوار معها، ويضم هذا المعسكر اغلب دول الخليج ومصر والاردن.
ويبني هؤلاء موقفهم على قناعة واقعية وموضوعية بأن الحسم العسكري في البلاد التي تعرف تدخلات ايرانية ليس سوى اوهام، وان الحل لا يمكن الا ان يكون سياسيا. بل ان دولة الامارات على سبيل المثال تخطط لمضاعفة حجم التعاون الاقتصادي مع ايران خلال العام المقبل، بالرغم من المشاكل القديمة بين البلدين المتمثلة في احتلال الجزر الثلاث في الخليج ابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى.
إلا أن موقف السعودية يبقى حاسما وحرجا، خاصة بعد التوتر بسبب خطاب آية الله علي خامنئي الذي لقي ادانة عربية واسعة.
ثالثا: اما بالنسبة الى ايران، فليت وزير الخارجية جواد ظريف يتذكر ما كتبه في الـ «نيويورك تايمز»، ثم ما صرح به اثناء جولته الخليجية عندما قال «العرب وليست ايران من ينبغي ان يغير مواقفه». فهل ايران مستعدة حقا لاحترام سيادة الدول وعدم التدخل او التهديد باستخدام القوة؟ وماذا عن تصريحات الرئيس الايراني حسن روحاني الاخيرة التي تعهد فيها بـ «مناصرة المظلومين في كل مكان»، وماذا عن «متعهدي تصدير الثورة الايرانية داخل النظام الايراني « الذين لم يتورعوا عن عد العواصم العربية التي يحتلونها؟
واخيرا فان التقارب مع الغرب لن يغني ايران عن خسارة اغلب عمقها العربي والاسلامي، وهي مطالبة بأن تراجع خطابها السياسي اذا كانت جادة حقا في اقامة حوار مع جيرانها. اما العرب فلا ينبغي ان يكونوا الطرف الرافض للحوار مع ايران، لكن مع التمسك بالثوابت الدبلوماسية والمعايير السياسية المتعارف عليها، والاهم من هذا ان ينحوا خلافاتهم الهامشية جانبا، وان يضعوا مصلحتهم الاستراتيجية في المقدمة هذه المرة، ولو من باب التغيير.