Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    22-Feb-2017

عن النظرية السياسية في الإسلام - ابراهيم العجلوني

 

الراي - مصادر النظرية السياسية في الاسلام كثيرة، وان من اكثر هذه المصادر أهمية كتاب القاضي عبدالجبار المعتزلي: «المغني في ابواب التوحيد والعقل»، الذي املاه في عشرين مجلدا، جاء اخرها في مجلدين اثنين مقتصرا على مبحث «الامامة» الذي هو في الصميم من النظرية السياسية في الاسلام.
 
وقد اشتمل «الكلام في الامامة» عند القاضي عبدالجبار على ابواب شتى نذكر منها: «الكلام فيما يتعلق بوجوب الامامة ووجه وجوبها» و»الكلام في النص الذي يدّعيه المخالف وما يتصل بذلك»، و»الكلام في الصفات التي اذا اختص بها المرء صلح ان يكون إماماً»، و»الكلام فيما يصير به الامام إماماً، وما يتصل بذلك».
 
وكان تحت هذه الابواب فصول شتى تبين اتساع مساحة النظر لدى القاضي. من ذلك «فصل في ان من يصلح للامامة لا بد من ان يكون عدلا»، وآخر «في قدر ما يجب ان يختص به من يصلح للامامة من العلم»، وثالث «في هل يجوز العدول عن قريش في باب الامامة؟ او لا؟ وما يتصل بذلك»، ورابع «في انه لا يمتنع في وقت واحد جماعة يصلحون للامامة»، وخامس «فيما يصير به الامام إماما» وسادس «في الدلالة على انه لا بد من «العَقْد» وعدد مخصوص في العاقدين، وشرط مخصوص فيهم»، وسابع «فيما يخرج به الامام من ان يكون إماماً».
 
ثم ان في الكتاب فصولا في إمامة ابي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعا، وفصولا أُخرى عن الخوارج والتحكيم، وعن طلحة والزبير وام المؤمنين عائشة رضي الله عنهم جميعاً، وفصولا غير ما تقدّم في التفضيل او في بيان ما يصير به الفاضل فاضلا، وما يُعلم به الفاضل فاضلا، ثم في ذكر مذاهب الامامية واقاويل الزيدية، وكل ذلك متعلق بوقائع التاريخ الاسلامي، وما ينعكس منها على النظرية السياسية التي يتناول القاضي عبدالجبار حيثياتها في المجلدين الاخيرين من موسوعة «المغني في ابواب التوحيد والعدل».
 
إن توفر الباحثين المسلمين على مسألة الامامة على نحو ما نجد في كتاب القاضي عبدالجبار هذا، وعلى نحو ما نجد في كتاب «الاحكام السلطانية» للماوردي، وكتاب «الاحكام السلطانية» للفرّاء و»سراج الملوك» للطرطوشي، و»الفخري» لابن الطقطقا، ثم «مقدمة ابن خلدون»، انما هو دليل لا يُدحض على ان السياسة بما هي تدبير يُتوخّى به الخير للناس وتوفير شروط الكرامة لهم هي «فعل عبادة» وانها اذا استقامت كانت ركنا رئيسا من اركان الدين، او كانت هي المناخ الذي يتيح للمؤمنين، ان يكون عباد الله اخوانا.
 
ثم ان مما يُلاحظ في هذه الكتب جميعا انها تمزج بين النظرية والتطبيق وتوائم ما بين المثال والواقع، وترى الى حيثيات الزمان والمكان، وانها في مجملها تمثل (بعد كتاب الله وسُنّة نبيّه) قاعدة عريضة ينطلق منها العقل المسلم، في اجتهاداته السياسية المعاصرة، وان ذلك حسبُها وحَسْبُ العقول التي انجزتها. وان علينا الآن ان نبدأ من حيث انتهوا وان نجتهد كما اجتهدوا، وان ذلك هو مهمتنا الرئيسة، وهو امتحاننا ايضا.