Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Sep-2017

الحمام الشرقي.. الجنة المجهولة التي يطرد منها الصبية
العرب - سفيان رجب -
 https://i1.wp.com/urpress.org/wp-content/uploads/2017/03/17499152_1624253480936097_4061691921563315839_n.jpg?fit=700%2C350
تقف الباحثة التونسية خولة الفرشيشي في كتابها “الجسد في الحمّام” لتتبّع الدّوائر الثقافيّة والاجتماعية والسياسيّة التي رسمها الجسدُ في الحمّام، رغم ما يعتري هذا الموضوع من الحساسيات، وعلى رأسها الحساسيّة الدّينيّة التي لا ترى في الجسد سوى لحظات المرض، ولا تبحث له عن الشفاء في الأرض بقدر ما تبحث له عن المفرّ منه إلى السماء، على حدّ تعبير الأستاذ سعيد بودبوز الذي قدّم هذا الكتاب.
 نتيجة بحث الصور عن خولة الفرشيشي
الطرد من الجنة
 
قسمت الباحثة كتابها، الصادر عن دار نقوش عربيّة، إلى قسمين. القسم الأول عادت فيه إلى الأصول التّاريخيّة والهوية المعماريّة للحمام، من خلال أنموذجي الحمّام الرّوماني والحمام الإسلامي، والتّركيز على ما يجمعهما وما يميّزهما بداية بالمعمار الذي دقّقت الباحثة في وصفه مستعينة بالصّور والرّسومات والنّصوص التّاريخيّة. أمّا القسم الثاني فخصّصته لثقافة الجسد في الحمام من خلال الوظائف والطّقوس والتّمثّلات والرّمزيات، وهي تبرز جملة من الوظائف الصحية والاجتماعية والنفسيّة والاقتصاديّة والفنيّة أيضا التي كان يقوم بها الحمّامُ.
 
رغم تقلّص دور الحمام التّقليدي في حياة الإنسان، بعد توفّر الحمّامات الشخصيّة في البيوت وظهور طرق جديدة للاستحمام الصّحي، إلاّ أنّ للحمّام التّقليدي مكانته الثابتة خاصة في الأحياء الشعبية العربية التي أدخلته إلى طقوسها الاجتماعية والثقافية، وأصبح الحمّام ركنا ثابتا في تجميل العروس خاصة، وفي الطهارة والاستشفاء أيضا. والباحثة تثير هذه الإشكاليات في مقدّمة كتابها، وهي تدعو إلى المحافظة على هذه الفضاءات، التي تعتبر من صميم تراثنا الحضاريّ على حدّ تعبيرها.
 
ترى الباحثة في الحمام الرّوماني من خلال النّماذج التي طرحتها، المثال المتكامل لفضاء الجسد بأبعاده الصّحية والفنيّة والثقافيّة، فبالإضافة إلى دورها في طهارة الجسم وتجميله والعناية به تضم الحمامات الرّومانيّة مكتبات وفضاءات لإلقاء المحاضرات ونقاشها وللمسامرات الشعريّة أيضا.
كتاب جريء حول خفايا فن الجسد
 
أمّا الحمّامات الإسلاميّة فقد اختلفت عن الحمامات الرومانيّة خاصة في الجانب الثّقافي، ففصلت بين النّساء والرّجال، وهذا ما خلق هالة إيروسيّة حولها، وحاول الكثير من الرّوائيّين والشعراء النّفاذ إلى زواياها من خلال عيون الصّبيان قبل البلوغ، الذين كان يسمح لهم بمرافقة أمّهاتهم إلى الحمّامات.
 
يذهب بعض الرّوائيّين إلى تشبيه اليوم الذي يطرد فيه الصبيّ من حمام النّساء بالخروج من الجنّة، وهو يخلّف عقدا نفسيّة لا تمحى من نفسيّة الرّجل، وقد عبّر عن ذلك مقطع من النّثر الفنّي للشاعر أحمد شاكر بن ضيّة صدّرت به الباحثة كتابها، المقطع عنونه صاحبه بلُعبة كلمات: “أح�'.. لم�'.. أحلمُ..” وَحوحة الألم أو اللّذة المفقودة التي يقف أمامها حرف الجزم “لم�'” بقسوة، تحوّلت إلى حلم، والمقطع يشتغل بذكاء على حرف “الحاء” بما فيه من حفيف وفحيح عن التي تلوح حمرة ملامحها من الحياء، حين تحيدُ إلى حمّام الحريم في حيّ الحوريّات.
 
الفن المهمش
 
يفتح الأستاذ بودبوز في تقديمه للكتاب نوافذ أخرى كان يمكن للباحثة النّظر منها، يقول: لقد خطرت على ذهني وأنا أقرأ هذا الكتاب القيّم، إمكانيّة انطلاق الرّسالة الثانية للباحثة من التّمييز بين نوعين من الحمّامات، فالأوّل قد يكون للطبيعة دور في إنشائه من خلال بعض العيون التي تتفجّر منها مياه ساخنة بشكل طبيعي.
 
وأما النوع الثاني فهو الذي تمحور هذا الكتاب حوله. وهذه الإشارة الذّكيّة كان يمكن أن تأخذ هذا البحث إلى نقاط أبعد في علاقة الإنسان بالطبيعة وفي بداية تشكّل المضغة الميتافزيقيّة من خلال التحام جسده بقوى الطبيعة الخارقة، فالحمّام في التاريخ البشري يتجاوز فكرة أنه فضاء لصيانة الجسد والعناية به وتجميله، فهو فضاء طقوسيّ بامتياز، مثلما نجد في حضارة المايا مثلا والتي تهمّش وتقصى من سلسلة التّطوّر البشري.
 
وتخصّص الباحثة جزءا من كتابها للبحث في زينة الجسد الأنثوي في الحمام الإسلامي، مستحضرة لوازم الزينة مثل الطين والباروق الممزوج بماء الورد لتنعيم البشرة، وإكسابها نضارة طبيعيّة، والسّواك والكحل والحناء والعطور… ثمّ تركّز على جانب مهمّ من زينة الجسد الأنثوي وهو “الحرقوص” المكوّن من القرنفل والسّواك ومواد تقليديّة أخرى تُعرف في بلدان المغرب العربي بـ”العفص” و”الجاوي”.. وبعد طحنه تضاف إليه العطورُ فيصبح دقيقاً أسود له رائحة خاصّة، ويُنقش به على كفّ المرأة وعلى ساقها وفي أماكن أخرى مثيرة عند المرأة المتزوّجة خاصّة، و”الح