Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Jul-2017

أساور لتمكين المرأة - تريسكا حميد

 

 
تخصصة في قضايا وشؤون الشرق الأوسط
الغد- يمكن للمؤسسات الاجتماعية إحداث تغيير حقيقي في حياة الأشخاص الذين يواجهون الفقر وغيره من المصاعب. ويبدو هذا جليًا من خلال مساعدة النساء السوريّات على إعادة بناء حياتهن التي مزقتها الحرب. وهنا، تسلّط تريسكا حميد الضوء على النساء اللاتي ينسجن الأمل بأيديهن.
اشتهرت مدينة دمشق منذ آلاف السنين بالحرف اليدوية الفنية الرفيعة وكانت أسواقها زاخرة بكنوز دفينة كالسلع الفريدة من الأثاث الخشبي المرصع بالصدف والمجوهرات الذهبية ذات التصاميم الدقيقة أو الصابون الحلبي المصنوع من زيت الزيتون الشهير. 
ولكن منذ اندلاع الحرب في عام 2011، تراجع سوق السلع الكمالية مقابل الحاجة إلى الطعام والمأوى. وبحسب الأمم المتحدة، فهناك أكثر من 6.5 مليون سوري نازح داخل البلاد، بينما غادر سوريا حوالي 3 ملايين شخص من بينهم أصحاب الحرف، مصطحبين معهم خبراتهم ومعرفتهم بالمهارات اليدوية.
أما رانيا كنجي، فكان بإمكانها أن تغادر سورية عندما اندلعت الحرب بكل سهولة لا سيما أنها تحمل الجنسية السويسرية، ولكنها بقيت في مسقط رأسها حيث تعمل كمصممة للمجوهرات وفنانة. إلا أنها لم تكن في معزل عن حالة الفوضى والدمار التي عمت سورية.  
وخلال عملها بإنتاج مجموعة "دامسكاس كونسيبت" (Damascus Concept) ضمن خط مجوهراتها عام 2013، زارت رانيا بعضًا من النازحين داخليًا في الملاجئ التي تديرها المنظمات غير الحكومية. وأدركت خلال زياراتها أنه يمكنها توفير دخل ثابت للنساء في الملاجئ من خلال إنشاء مؤسسة اجتماعية لإنتاج وبيع المجوهرات والمشغولات اليدوية. 
وتقول رانيا "تمكنت من تعليم النساء كيفية صناعة المجوهرات وابتكار علامة تجارية متكاملة من صنع النازحين". وتوضح "فهذا يخفف من وطأة خسارتهن لمنازلهن ويعيد اندماجهن في المجتمع".
وتطورت مجموعة Damascus Concept لتصبح منصة للتدريب على المهارات تركز على إحياء الإرث السوري في التصميم والحرف اليدوية. وكانت أول علامة تجارية ظهرت هي "أحب سوريا" (I Love Syria)، وهي مؤسسة اجتماعية تبيع الأساور يدوية الصنع. 
وبمساعدة من المنظمات غير الحكومية، تعرفت رانيا على عدة نساء مهتمات بصناعة المشغولات اليدوية والمجوهرات ودربتهن في غرفة معيشتها الخاصة. ثم بدأت النسوة بصناعة أساور الخرز بزخارف صغيرة للعلم السوري. 
وتقول رانيا "لقد واجهنا عوائق كثيرة ابتداءً من وضع الحرب وقلة الكهرباء والمياه والقذائف والطبيعة الاجتماعية والسياسية والفساد والأفكار الدينية...والقائمة تطول".
أسست رانيا المشروع بأكمله بنفسها واهتمت بشؤون المبيعات والتسويق والمحاسبة وعمليات التصميم أيضًا. ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، تمكنت رانيا من الوصول إلى جميع أنحاء العالم؛ ففي المرة الأولى التي نشرت فيها صورة للأساور التي صنعتها النسوة داخل ورشتها على موقع فيسبوك، تم بيع 15,000 إسورة في طلبية واحدة. 
وتم نقل الأساور خارج سورية إلى أوروبا بمساعدة من مركز التجارة الدولي، وهي جهة تعمل على دعم انتشار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى أنحاء العالم. والآن تحظى علامة I Love Syria بزبائن من جميع أنحاء العالم، وازداد عدد الطلبات على الأساور، مما مكن رانيا من نقل عملياتها خارج منزلها واستئجار مكتب ثم مكتب آخر في سوق دمشق القديم. من هناك، طورت رانيا المزيد من المنتجات لعلامة دامسكاس كونسيبت بما فيها حقائب الكروشيه والقمصان الطويلة المزينة بالخط العربي. 
عُرضت بعض هذه المنتجات في مجلات الموضة مؤخرًا تحت بند "قطع يجب اقتناؤها"، وعُرضت إحدى حقائب الكروشيه في عرض أزياء مرموق في ماربيا في إسبانيا. كما تشارك شركة "شواروفسكي" في تقديم التدريب على الإنتاج وإرسال بعض من أحجارها وخرزها لاستخدامها في الأساور. 
ساعد مركز التجارة الدولي كذلك علامتي Damascus Concept و I Love Syria على افتتاح متاجر مؤقتة في مدينة جنيف لمنح الزبائن تجربة أكثر تفاعلية مع المنتجات مما ساعد على زيادة حجم المبيعات عبر الإنترنت. وفي الوقت الحاضر، افتتحت رانيا متجرًا دائمًا في جنيف حيث تعرض جميع المنتجات. 
تدفع رانيا للنساء أجرًا شهريًا يساوي 250 دولارًا أمريكيًا، بما يتوافق مع متوسط الرواتب في سوريا. وقد مكنهن هذا الدخل من ترك الملاجئ واستئجار منازل خاصة بهن. وتشير رانيا إلى أن تمكين النساء من العمل لإعالة أنفسهن وعائلاتهن يوفر لأطفالهن حياة طبيعية نسبيًا حتى لا يعيشوا في بيئة فقيرة وعنيفة ويصبحوا ذوي طبيعة عنيفة، مؤكدةً أن "تمكين النساء يعزز السلام".
ووفقًا لمركز التجارة الدولي، تحتاج النساء إلى ثُمن التكلفة التي يحتاجها الرجال لتأسيس العمل إلا أنهن يولدن عائدات أكبر بنسبة 12%. فما بدأ بعشرين امرأة فقط، تطور ليضم حوالي 100 امرأة من جميع أنحاء سوريا وخلفيات اجتماعية متنوعة. لم تحظ غالبية هؤلاء النسوة إلا بالقليل من التعليم الرسمي، وإحداهن لا تجيد القراءة والكتابة. أثبتت علامتا I Love Syria وDamascus Concept أنها طوق النجاة للنسوة اللواتي أصبحن المعيل الوحيد لأسرهن. كما تعمل الكثير من الموظفات على تدريب المزيد من النازحين داخليًا ونقل مهارات صناعة المجوهرات للأخريات. 
وقد مكن ذلك علامة I Love Syria من الانتشار إلى محافظة اللاذقية حيث تمتلك ورشة توظف 80 امرأة. كان الفريق من دمشق يقطع مسافة 400 كيلومتر أسبوعيًا إلى اللاذقية لتدريب مجموعة معظمهن من النساء المسيحيات اللواتي هربن من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.  
تطمح رانيا إلى الوصول إلى 1000 امرأة نازحة داخليًا بسبب الحرب خلال السنوات القليلة القادمة.  وفي هذه الأثناء، تعمل رانيا مع حكومة اليابان على تمكين 20 امرأة و15 حرفيّة في دمشق هذا الشهر وذلك ضمن مشروع يديره مركز التجارة الدولي. وتقول رانيا "ستساعدنا على شراء مولد كهرباء [و] استئجار مساحة أكبر". وتوضح "ستصبح الفتيات النازحات اللواتي دربتهن مدربات معتمدات من الأمم المتحدة خلال فترة المشروع وستدربن نازحات أخريات".
وهذا سيمكن النساء المعتمدات على كسب دخل أكبر بأربعة أضعاف مما يتلقينه حاليًا. وتعلق رانيا بالقول "لقد انتقلن من نازحات داخليًا إلى مدربات معتمدات من الأمم المتحدة. فغالبًا ما تكون وظائف الأمم المتحدة مقتصرة على النخبة في سوريا". 
سينتج عن المشروع فريق متدرب في مجال التجارة الإلكترونية، مما يساعد رواد الأعمال في سوريا على تصدير منتجاتهم للأسواق الدولية.
وتختم رانيا بالقول "إنها خطوة كبيرة تتخذها النساء النازحات بسبب الحرب، وبالنسبة لريادة الأعمال الاجتماعية بشكل عام" وتضيف "خاصة مع عدم وجود الأعمال الاجتماعية التي تديرها النساء بالكامل في سوريا، في دولة لا يصافح الرجل يدك لأنك امرأة.