إلغاء القرارات الإدارية قضائياً... جهل بالقوانين أم أهواء شخصية؟
الرأي - خالد الخواجا - قررت المحكمة الإدارية إلغاء قرار جامعة حكومية بإنزال الدرجة الوظيفية لموظف بعد خدمة 19 عاما، وبتهم لم يسمع بها إلا بعد إصدار القرار بحقه.
قرار الالغاء استند إلي عدد من المغالطات الادارية التي شابت قرار الجامعة، منها مخالفة تعليمات الجامعة التي تنص على ضرورة ابلاغ المتهم قبل اسبوع من المحاكمة لاحضار أدلته والدفاع عن نفسه، ولم يقف الخلل عند ذلك بل إن المشتكين لم يقسموا اليمين أمام اللجنة التأديبية الابتدائية ولم تستمع هذه اللجنة للموظف المشتكى عليه.
هذا الموظف لجأ للمحكمة الادارية بينما موظف آخر في أمانة عمان لم يكمل مشوار التقاضي بعد ان تعرض لنقل جائر وظالم- بحسبه–حيث طلب من المحامي سحب القضية قائلا أنني سأعاقب في حال علم المسؤول عني أنني رفعت قضية ضد قراره الجائر ضاربا المثل الشعبي «اليد لا تقاوم المخرز».
مصدر قضائي مسؤول في المحكمة الإدارية صرح لـ(الرأي) أن نسبة القرارات التي ألغتها المحكمة الادارية العليا تصل الى 25% من عدد القضايا التي وصلت الى المحكمة منذ نشوء المحكمة الادارية في عام 2014.
وأوضح المصدر أن عدد القضايا ترتفع في كل عام نظرا للوعي الوظيفي للموظف من ناحية ومن ناحية اخرى ان المحكمة الادارية اصبحت الملاذ الاخير للقرارات الادارية التي لا تراعي التعليمات والقوانين الادارية المتعلقة بالموظفين عندما يجد الموظف أن العقوبة طبقت عليه دون وجه حق او للانتقام او لمزاجية المسؤول او لغياب المعرفة القانونية في اصدار مثل هذه القرارات.
وتختص المحكمة الادارية بالنظر في الطعون المقدمة من ذوي المصلحة والمتعلقة بذوي الشأن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو المتعلقة بالزيادة السنوية، أو بالترفيع أو بالنقل أو الانتداب أو الإعارة.
وتختص ايضا بالموظفين العموميين بإلغاء القرارات الإدارية النهائية الصادرة بإحالتهم إلى التقاعد أو الاستيداع أو بفصلهم من وظائفهم أو فقدانهم لها أو إيقافهم عن العمل بغير الطريق القانوني والغاء القرارات النهائية الصادرة بحقهم من قبل السلطات التأديبية والمنازعات الخاصة بالرواتب والعلاوات والحقوق التقاعدية للموظفين العموميين أو للمتقاعدين منهم أو لورثتهم.
"الامر لم يقف عند الغاء القرارات بل تعداه الى قيام مسؤولين بمحاسبة موظفين حصلوا على قرارات المحكمة الادارية بالغاء قرار المسؤول ليتم معاقبتهم على مراجعة المحكمة ونقلهم الى مناطق نائية او الى مواقع لا تتلاءم مع موقعهم الوظيفي السابق وان من المسؤولين من لم ينفذ قرار المحكمة الادارية ولم يصوب وضع هذا الموظف»، بحسب المحامي الدكتور احمد محمد العثمان والمختص بمثل هذه القضايا الادارية.
ويقول العثمان إن أسباب الإلغاء للقرارات الإدارية التي يصدرها المسؤولون تعود لغياب الموضوعية حيث أوجب ديوان الخدمة المدنية توفر الموضوعية والعدالة والنزاهة عند اتخاذ اي قرار اداري.
واضاف العثمان انه في الغالب والواقع ان رؤساء ومسؤولين «لا يتمتعون بهذه الصفات ويمارسون الاجراءات وفقا لاهواء شخصية»، حيث يدفعهم الى ذلك عدة عوامل منها عدم الالمام بالانظمة والقوانين، وبروز دوافع أخرى كـ"الانتقام او لإثبات الذات او للتسلط وهذه مفاهيم خاطئة لدى رؤساء عند استخدامهم للسلطة».
وبين العثمان أن المسؤول يلجأ لاتخاذ القرارات الادارية بدوافع شخصية وهناك موظف أحيل إلى التقاعد المبكر لرفضه توقيع عطاء مخالف للشروط والتعليمات واحيانا يلجأ المسؤول لاتخاذ قرار معاقبة موظفه في حال لجوئه للقضاء الاداري وتم نقل موظف الغي قرار مسؤوله الى منطقة نائية من قبل الامين العام للوزارة.
وعزا العثمان اسباب الغاء مثل هذه القرارات الى التشريع الذي يحوي عبارات فضفاضة مثل الموضوعية والنزاهة والحيادية دون أن يضع ضوابط ومعايير محددة لهذه المواصفات.
وعن أسباب إلغاء مثل هذه القرارات الصادرة عن وزارات وجامعات ومؤسسات حكومية مختلفة، بين العثمان ان بعض المسؤولين التي ترد قراراتهم الادارية بحق موظفيهم» لا تتوفر الجدية لديهم باخذ الرأي القانوني من المستشار القانوني في الدائرة واحيانا يذهب المستشار القانوني في الدائرة الى ما يريده المسؤول تحببا أو خوفا وهذا يدلل على أن القرار يصدر كما يريده المسؤول وليس التشريع. ومن الاسباب ايضا الضعف العلمي والمهني في دوائر قانونية او عدم اخذ المسؤول باستشارة مستشاره القانوني».
وحول مدى نجاح القرار المتعلق بالموظف واكتسابه لحقه بين العثمان قوة كسب الغاء القرار يعود الى مصداقية الموظف في تقديم المعلومات الكافية لمحاميه وعدم اخفائه لحقائق مغايرة وان تتوفر كافة الاوراق اللازمة للمناقشة والدفاع من قبل المؤسسة التي يعمل فيها الموظف ومنها ما ياتي احيانا منقوصا او غيابا للملف الكامل ويكون اخفاؤه او اخفاء جزء منه متعمدا.
وحول سبب لجوء المسؤول لاتخاذ قرار متسرع بحق موظفيه بين العثمان انه» كلما كان المستوى الاداري للمنصب متقدما كانت القرارات اكثر خطأ كونه اكثر جرأة على اتخاذ مثل هذا القرار».
واضاف العثمان انه في القانون الفرنسي فان التعويض للموظف يكون نقدا ومباشرا للموظف المتضرر من اي قانون اداري الا ان الحكومة الفرنسية تقوم بتحصيل الخسارة المالية من نفس المسؤول الذي اتخذ القرار ليكون عمله وقراراته الادارية متقنة وقانونية ومدروسة.
وفي حال لم يلتزم المسؤول بقرار المحكمة بتصويب قرار الالغاء والعودة عنه بحق الموظف اشار العثمان الى ان هناك قانون تنفيذ القرارات القضائية خلافا للمادة 186 من القانون وهو «استعمال السلطة لعرقلة تنفيذ القرارات القضائية» ومن خلاله يتمكن الموظف من انفاذ هذا القانون.
وطالب العثمان المؤسسات الحكومية المعنية بتطوير الاداء الاداري بعقد دورات في القانون الاداري للمستويات العامة حيث ان القضاء الاداري له وظيفتان هما الفصل في الخصومات الادارية وتطوير عمل الادارة العامة من خلال القرارات الادارية.
وحول كشف تهمة التعسف او الانتقام التي مارسها المسؤول بحق موظفه، بين العثمان انه يصعب اثبات مثل هذه التهم والتي تكمن في بواعث المسؤول الداخلية بينما في القانون الفرنسي في حال تاخر المسؤول عن ارسال الملف او نقصان اي ورقة من ملف الموظف للمحكمة او اي تاثير سلبي على القضية فانها تكون دليلا على تهمة التعسف بحق المسؤول.
«الرأي» حاولت الاتصال مع مديرة وحدة التطوير المؤسسي في رئاسة الوزراء بدرية البلبيسي ولم تتمكن من التواصل معها بسبب سفرها الى المانيا وفق مديرة مكتب وزيرة السياحة مجد شويكة.
الهدف من الاتصال كان من أجل معرفة خطط وجهود هذه الوحدة لتطوير الاداء الاداري لدى الوزارة والمؤسسات العامة.
الناطق الاعلامي لوزارة السياحة اكد ان الاجابة تكمن لدى مديرة وحدة التطوير بدرية البلبيسي وليس لوزيرة السياحة علاقة مباشرة بهذه الوحدة.