Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-Jun-2017

الأزمة اليمنية: هل انتهى دور.. «الوساطات»؟ - محمد خروب
 
الراي - تتواصل الحرب في اليمن, التي انضم إليها «وباء الكوليرا»، بحماسة «تاريخية» معروفة, وراح يحصد إلى جانب قصف الطائرات والبوارج والمدافع, آلاف اليمنيين الجوعى والمشرّدين الذين يعيشون بلا مأوى, في بلاد كانت قبل آذار 2015 تنعم بالهدوء النسبي ويتوفر شعبها الحد الأدنى من الغذاء والطبابة وفرص العمل على ضآلتها، رغم ما اجتاحها من قلاقل واضطرابات وخصوصاً تدخلات خارجية, بعد اندلاع ثورتها الشعبية ضد نظام علي عبدالله صالح، الذي سارعت دول المنطقة إلى انقاذه وتجنيبه المحاكمة ودفع أثمان مقارفاته وارتكاباته طوال ثلاثة عقود ونيف, من حكم لم يأت لليمنيين بأي «عائد» وطني على أكثر من صعيد, سياسي واجتماعي وخصوصاً اقتصادي, وانزلقت البلاد في عهده الى مواجهات وحروب داخلية كانت «صعْدة» ميدانها الرئيسي خلال ست حروب, لم تنجح قوات صالح في كسر شوكة أنصار الله (الحوثيون) الذين باتوا الآن، وبعد ان انهارت معادلة التحالفات القديمة التي نسجها صالح طوال عهده غير الميمون... حلفاءه, واستقر الطرفان بعد آذار 2015 في خندق واحد، ما يزال هذا التحالف صامداً ومؤثِّراً، رغم ما يرشح من خلافات أو اختلافات في وجهات النظر تتولى اجهزة اعلام اقليمية الترويج لها والرهان على امكانية انهيار هذا التحالف الثنائي, الذي وإن كان مصلحياً أو مؤقتاً، إلاّ انه نجح في المواجهات العسكرية وبات رقماً صعباً في المعادلة اليمنية, التي لم تجد حتى الآن من يفك أسرارها وتعقيداتها, أو يوصلها إلى مربع التفاهم او قبول اتفاقات أوليِّة, لم يلبث تواصل القتال على الجبهات المختلفة, ان بدّد أي تفاؤل اعقبها, ما اعاد الأمور إلى نقطة البداية.
 
قد يكون الحديث عن اليمن الآن, في خضم الأزمة التي تعصف بدول مجلس التعاون الخليجي والمُرشحة لمزيد من التفاقم وربما الدخول في فصول جديدة غير متوقعة حتى الآن, (فضلاً عن تداعيات ما حدث يوم امس في طهران, باستهداف مرقد الإمام الخميني ومجلس الشورى الايراني, ومسارعة جهات غير رسمية, لإتهام دول عربية إقليمية بالوقوف خلف هذين الهجومين,غير المسبوقين في جرأتهما وخصوصاً رمزية «الهدفين»)، ضرباً من ضروب الإبتعاد عن مناقشة تداعيات الأحداث الساخنة الجديدة التي بدأت تفرض نفسها على راهن المشهد العربي المأزوم, الذي لا تنقصه أزمة جديدة أكثر خطورة في تداعياتها وخصوصاً الشروط التي تُطرح للخروج من هذه الأزمة, وخصوصاً انها شروط إذا ما تم الالتزام بها «قَطَرِيّاً» فانها ستستولد مشهداً اقليمياً جديداً، ليس من المبالغة القول انه سيُغيّر وجه المنطقة ويقلب تحالفات بدت لوهلة وبخاصة بعد هبوب رياح الربيع العربي, الذي لم «يُغرِّد» فيه غير غراب الموت والخراب – انها راسخة ومتكامِلة الأركان، الى ان انتهينا الى فصل جديد من التفكِّك والفُرقة واختلاف الرؤى والقراءات, حتى داخل ما كان يُعتقَد انه أكثر التحالفات توافقاً وصموداً, أمام المُتغيرات التي عصفَت بالمنطقة العربية وعلى تخومها, منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى الآن.
 
الأزمة اليمنية جزء من هذه العواصف التي ما تزال تهب, فيما الخشية تزداد من تسونامي آخر, يأخذ ذلك البلد العربي الذي زاره الخراب وأقام فيه الموت, إلى الصَوْمَلَة والجلوس في مقاعد الدول الفاشلة, بعد ان كان استقر طويلا في قائمة الدول الاكثر فقرا في العالم، ويأتي اعلان رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء.. صالح الصمّاد، ان المبعوث الدولي الخاص للازمة اليمنية اسماعيل ولد الشيخ,غدا شخصاً غير مرغوب فيه، وممنوع عليه الوصول الى العاصمة صنعاء, ومُطالَبة امين عام الامم المتحدة استبداله بمبعوث آخر، ليزيد من تعقيد الأزمة ويُدخلها في مسار جديد، نحسب انه يُعمّقها ويرفع من وتيرتها ويُبعِد أي امكانية للتجسير على مواقف طرفي الازمة اليمنية, تحالف انصار الله – صالح من جهة وحكومة هادي من جهة اخرى, فضلاً عن داعمي الطرفين, سواء التحالف العربي أم دول الإقليم, بهذه الدرجة او تلك.
 
البطاقة الحمراء التي رُفِعت في وجه ولد الشيخ, جاءت بعد اقتراح الاخير «تسليم» ميناء الحُديْدة من اجل تجنيبه المواجهات المسلحة, والانسحاب من المحافظة التي يُسيطِر عليها.. والميناء, تحالف أنصار الله – صالح، مقابِل تشكيل لجنة خاصة لتسلُّم الإيرادات من المؤسسات القائمة فيه الآن، من اجل الإيفاء بالتزامات دفع «مرتبات الموظفين», ما اثار حفيظة ما يصفهم انصار هادي والتحالف بـ»الإنقلابيين», ودفَعِهم الى اعتباره شخصاً غير مرغوب فيه, فضلاً عن غضبهم من الاتهامات التي وجِّهت اليهم بانهم حاولوا «اغتيال» ولد الشيخ، اثناء زيارته صنعاء, اواخر الشهر الماضي.
 
وتيرة المعارك والقصف الجوي في تصاعد، رغم التحذيرات الدولية من الانتشار المخيف لوباء الكوليرا, الذي بدأ يفتك بآلاف اليمنيين والوساطات على خط الازمة مجمّدة منذ فترة, ولا يلوح في الافق أن أحداً في العالم خصوصاً في المنطقة العربية معني بايقاف هذه المأساة، التي تُقترَف بحق اليمنيين.
 
kharroub@jpf.com.jo