Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2016

قراءة تحليلية في فشل الإخوان - المحامي بشير المومني

 

الراي - سؤال بحجم المرحلة الوطنية والاقليمية، ما الذي يعنيه فشل (108) مئة وثمانية مترشحين من اصل (122) مئة واثنين وعشرين مرشحاً اخوانياً ومن تحالف معهم كحشوات تحت ما يسمى بالتحالف الوطني للاصلاح او بلفظ ادق (التحالف الوطني للاخوان)!؟
 
قصة الفشل الاخواني الذريع بدأت فصولها في اليوم الاول من معركة الحياة او الموت للتنظيم والذي قرروا فيه المشاركة بالانتخابات النيابية في محاولة بائسة للبحث عن مكان تحت الشمس وبث رسائل موجهة للخارج قبل الداخل بانهم لا زالوا تنظيماً يتنفس وجماعة متماسكة مقنعة ومؤثرة في الجماهير–وقد بدأت ارهاصاتها في النقابات والجامعات–وذلك عندما اخفقوا ابتداء في تشكيل تحالفات في ست محافظات من اصل اثنتي عشرة محافظة اردنية فلجأوا الى التركيز على المدن الكبرى في عمان والزرقاء وتركوا الاطراف في هرطقة ومراهقة ومغامرة سياسية تعول على محاولة استخدام تكتيك وتحريك المكونات والاصول البائس..
 
قصة الفشل الاخواني الذريع بدأت عندما توهموا ان تجارتهم في الاسلام السياسي لن تبور وان التشبيك الفكري مع السلفية بطرح فكرة الدولة الاسلامية لا تزال مقنعة للمسلمين وان طعطعات الحناجر والمتاجرة بشعارات تحرير فلسطين لا تزال قادرة على استغلال الجماهير الثورية ولم يدركوا مقدار التحولات الجوهرية التي طرأت على عقلية الشعوب العربية بأن (العميل المحترم) لم يعد سوى عميل ولو كان بلحية ولم يستوعبوا افكاراً خلاقة مثل المبادرة الاردنية للبناء (زمزم) كمخرج شرعي قانوني فكري من حالة البؤس التاريخي قادرة على الخروج من البيروثقراطية والكلاسيكية الممجوجة لقيادات بعقليات نمطية كان يتوجب وضعها على الرف قبل عشر سنوات على الاقل..
 
تنظيم الاخوان لم يستطع اعادة انتاج نفسه ولا الانسجام معها او فهمها لتقديمها حتى لقواعده ابتداء وللجماهير المتعطشة للتغيير بشكل مدني وبقي في موضعه جامداً ساكناً لا يمكن ان يلبي الطموح الشعبي في اي عملية للانتقال بالاردن لحياة سياسية جديدة وحتى شعاراته التاريخية (الاسلام هو الحل) تخلى عنها في سبيل انشاء تحالفات مع الغير ادار لهم الظهر ونكث بهم العهد عندما صوتت كوادره للاخوان وفقط للاخوان في تجسيد طبيعي للتعصب للتنظيم الذي كان وما زال عقبة كأداء بوجه التعايش لان الغرور في الاسلام السياسي وصل مداه الاستئصالي بتمام القناعة التنظيمية لديهم بانهم على الحق وما بعد الحق الا الضلال..
 
أن تحصد كتنظيم تاريخي يفترض انه ممتد افقياً وعاموديا داخل المجتمع نسبة (8%) من اجمالي مقاعد مجلس النواب بعد مصاريف خرافية ناهزت او جاوزت (5ملايين) دينار لا يعلم مصدرها الا الله والرسخون في التنظيم، لا يمكن وصفه سوى بالسقوط المدوي التاريخي الذي يفتح صفحة جديدة في حياة الأردن السياسية لتتقدم مشاريع الدولة المدنية المتحضرة لتحل محل تاريخ طويل من الاستنزاف للأردنيين تحت راية الاسلام السياسي، اما ما هو أشد صفعاً فأن يفشل التنظيم وتحالفاته في حمل اي مرشح آخر معه للقبة باستثناء ثلاثة مقاعد، والفشل هنا لا يمكن وصفه سوى بالأخلاقي لانه يعود لقيام كوادر التنظيم للتصويت فقط للتنظيم وفقاً للتعميم الداخلي الذي انكره الاخوان وصدقته النتائج التي عرت التنظيم ليس سياسياً فقط بل وأخلاقياً وسيؤدي ذلك لامحالة الى عزل التنظيم داخل مجلس النواب كما جرى عزله بالشارع باعتباره لا يمكن الوثوق به وسيؤدي حتماً لرفض اي تحالفات مع التنظيم من اي قوى وطنية نظيفة بالمستقبل..
 
بصراحة كل ما سبق كان متوقعاً لأي مراقب موضوعي يقوم تحليله بالاستناد للوقائع على الارض لكن ما كان مدوياً ومفاجئاً وصادماً هو فشل شخصية اخوانية بحجم ووزن (مراد العضايلة) وهي من قيادات الصف الاول وتعتبر من الطراز الاستراتيجي وتصنف بانها منظرة الجماعة والمخطط التكتيكي الاول في اهم معقل من معاقل الاخوان (صويلح) وان دل ذلك على شيء فانما يدل على فشل قيادات التنظيم حتى داخل الجماعة نفسها في اقناع الكوادر بالعمل لصالحها مما يؤشر على وجود تفكك وفراغ وهوة وجدانية وضميرية وتنظيمية واسعة شاسعة ما بين القيادات والقواعد التي بقيت فعلاً في بيوتها وهذا يطرح التساؤل المشروع هل نحن على ابواب مرحلة ثورة تحرر فكرية وتنظيمية داخل الجماعة ام نحن على ابواب حل طوعي للجماعة بعد كل هذا الافلاس!!؟
 
لا اريد الدخول في تفاصيل عميقة مؤلمة برش الملح على الجرح الاخواني ولا اريد التوسع في حديث الحشوة وكيف جرى الالتفاف على اعضاء التحالف وركوب التنظيم على ظهور الناس–كالعادة–ولا اريد فضح ما هو مستور وتعلمه اركان الجماعة وتنظيمها العميق المعيق فيما يتعلق بالتمويل والتحويل وقضايا الاملاك او حتى محاولة بعض السماسرة شراء الاصوات او الذهاب لما هو ابعد واكثر تعقيداً وايلاماً بالتحليل الاستراتيجي حول اصل المشاركة وربط ذلك بمعطيات دولية وقرارات للتنظيم الدولي بهذا الشأن لكن من المهم جدا ان نتحدث عن حقيقة مفادها ان ما يوصف بالجماعة غير المرخصة (اخوان حماس) قد فقدوا معقلاً حساساً للغاية وهو (البقعة) عندما قدموا لكوادر تعمل باسم حماس علانية واستطاعت القوى الوطنية الفلسطينية مثل فتح واليسار تنحيتها عن المشهد الاردني وسيمتد ذلك بلا شك للانتخابات المحلية في الضفة الغربية.
 
خلاصة مهمة جدا لم تكن كاشفة بقدر ما هي منشئة للحالة الجديدة في العالم العربي ستكون متعدية للغير وقد بلورتها الانتخابات الاردنية، فلقد سمعنا ابان مرحلة ما يسمى الربيع العربي بمصطلح جديد ادخلته على الامة المشاريع العابرة للقارات وهو (الدول الفاشلة) واليوم ادخلت الانتخابات
 
الاردنية مصطلحا جديدا على التاريخ السياسي للمنطقة هو (التنظيمات الفاشلة)..