Saturday 20th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    11-Apr-2017

« ثقافة الموت في مصر» - د. محمود عبابنة
 
الراي - يبلغ تعداد المصريين الأقباط في مصر حوالي عشرة ملايين نسمة، وهم أحفاد ما تبقى من أهل البلاد الأصليين اما اجدادهم فقد دخلو الإسلام ايماناً أو تفاديا من دفع الجزية ولم يعرف عن تعرضهم للاضطهاد الا في عصر الدولة الفاطمية على يد الحاكم الذي فقد عقلة الحاكم بأمر الله، وفي العصر الحديث، انخرط الأقباط المصريون مع إخوانهم المسلمين ضمن مفهوم الأمة المصرية والأمة العربية وتوحدوا في بناء مصر الحديثة والدفاع عنها أمام الاستعمار وفي حروب مصر مع إسرائيل وبرز منهم الوطني الكبير من رجالات حزب الوفد مكرم عبيد.
 
وحمل قساوستهم شعار الهلال مع الصليب في مظاهراتهم ضد الاستعمار الإنجليزي كما امتنع بابا الأقباط شنودة ومن بعده البابا تواضروس من زيارة إسرائيل لاحتلالها لأراض عربية مخالفين بذلك الموقف الرسمي للحكومة المصرية.
 
مع كل ما يقدمه هؤلاء الأقباط وبعد تماهيهم مع عروبتهم الاجتماعية والوطنية ومع صبرهم على تضييق فرصهم من بعض وظائف القضاء والشرطة والجامعات وتسليمهم بمعادلة «سلة بلا عنب» إلا أنهم لم يسلموا من أشرار مصر وأعداء السلام والحضارة والإنسانية الذين يكفرون كل من هو غير داعشي بانتمائه أو بأفكاره... ما يرمي اليه هؤلاء القتلة المتوحشين ويبدو أن الهدف واضح وهو تفريغ مصر من مكون أصلي وأساسي من جسم الأمة المصرية وبعد ذلك سيتفرغون لباقي المسلمين ممن ينادون بالدولة المدنية أو العلمانية أو... التنوير أو الحداثة أو ممن يطالبون بالديمقراطية والحرية باعتبارها بدعة وضلالا.
 
المشكلة في جماعة السلفيّة الجهاديّة أنهم لا يعرفون هذه المصادر بل يرددون عبارات التقطوها من هنا وهناك من الحلقات السرية أو حتى المنابر الدينية دون وعي عميق، كل ما يهدفون اليه اعادة عجلة الزمان الى الوراء ودون ذلك الموت.. أنها ثقافة الموت التي يعلو صوتها بتفجير الكنائس والمساجد والحسينيات ويسبى فيها الشعب الأيزيدي ويُكفر فيها المسلم الشيعي والعلوي ويهدر دمه.
 
ولا تحتاج هذه الجماعة الا الى شباب متعصبين، يعيشون بالظل بسبب التهميش والفشل والإيمان بالفردوس الذي لم يجدوه في حياتهم لفشلهم وجهلهم، ولا يشفون من آفاتهم الا بخطيب مفوّه وشرير معجون بمعاداة الآخر والديمقراطية والقانون الوضعي والحرية والمواطنة والمؤسسات الأمنية والعسكرية ومن هنا يأتي التطرف كوجه آخر رافض للتسامح والحداثة والمواطنة والعيش المشترك والتعلق بالفردوس المفقود وثقافة القتل والاستئصال.
 
ثقافة الموت تحصنت باسم ثوابت سلفية عصية على التغيير مترسخة بالخلايا الجذعية للتراث ولا تحتاج سوى الى تحفيز وتنشيط ليتقمصها شباب مهمش وفاشل يحلم بالجنة ليتحول الى قنبلة متفجرة تنشر الدمار والخراب في مجتمع يجري فرزه وتصنيفه بين مؤمن وكافر وبين حكم الدين وحكم الطاغوت وبين دار الكفر ودار الإيمان وبين اللجوء الى الاستخارة أو اللجوء الى العقل.
 
هذه الثقافة بدأت رائجة في صحراء فزان والرقة وعين الحلوة ومنطقة القبائل بالجزائر وكهوف أفغانستان ولها اتباع من الخطباء والدعاة الذين يعيشون على هامش الحضارة ويتمسكون بفرضية الجهاد على الكفرة باستثناء إسرائيل.
 
والسؤال الذي نكرر أين تقف مؤسسات الفكر والدين الذي يدعون في مصر الريادة والثقافة.. هل يكفي شجب شيخ الأزهر لمذبحة اخوانه الأقباط الطيبين.. نعتقد أن الأزهر يتحمل مسؤولية تاريخية عن اسهامه او تقصيره ولو بغير قصد عما حصل في طنطا والإسكندرية وما سيحصل لاحقاً في المدن العربية وفي دور العبادة ومؤسسات الدولة.