Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Feb-2020

“الأردن والطريق إلى كابول”.. بعد تصريحات نادرة لعون الخصاونة “رأي اليوم” تراقب ملف الطاقة: الغاز الإسرائيلي مقابل مشروع العطارات الصيني وحكومة الرزاز في مرمى الاتهام بعد قرض جديد من البنك الدولي.. وال

 “رأي اليوم” – فرح مرقه:

حين سألت “رأي اليوم” خبير مخضرم في القانون الدولي من وزن رئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة عن رؤيته لاحتمالات تطبيق الشق الاقتصادي من صفقة القرن، أجاب بأن تاريخ الولايات المتحدة في الخطط يمكن قراءته مما قدمته “التجربة الأمريكية في أفغانستان”، رافضاً من حيث المبدأ أن تكون “فلسطين للبيع”.
التجربة الأمريكية في أفغانستان عملياً لها الكثير من الأبعاد التي سبقت الحرب، فالتجربة في كابول ومنذ منتصف القرن الماضي كانت مختلفة تماماً عن التجربة الأفغانية الحالية، إذ كانت الدولة محل اهتمام للاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي من جهة، وللولايات المتحدة من جهة أخرى، إلى ان بدأت مرحلة القروض من واشنطن تكبّل الاقتصاد الافغاني.
تلك المرحلة بدأت في اعقاب الحرب العالمية الثانية (1950 وما بعدها)، إذ قال وزير الاقتصاد الأمريكي تشارلز سوير Charles Sawyer في بدايات عام 1952 ان الولايات المتحدة طلبت من أفغانستان تقليص تجارتها مع الكتلة الشرقية على أساس قانون الامن المتبادل، فضلا عن ذلك فإن واشنطن لم تقدّم لكابول بديلا لذلك أو ما يعوّضها عنه.
لاحقا بدأت أفغانستان تدخل حقبة المشاريع غير المجدية فتزيد من اقتراضها، بالتزامن مع تحوّلها لأرض مخترقة أمريكياً استخباريا وعسكريا، ضد الاتحاد السوفييتي، وفق ما ورد في كتاب تاريخ أفغانستان وتطورها السياسي للكاتب صلاح عبود العامري، والذي يذكر الوقائع بالتفصيل في تلك الفترة.
أفغنة الأردن؟.. الطاقة مثالا!
 سوق المقدمة السابقة عن أفغانستان وعلاقتها بواشنطن ارتبطت بصورة مباشرة بتتبع الاقتصاد الأردني اليوم، والذي تتحكم عمليا واشنطن باتجاهاته، إذ فرضت العاصمة الأمريكية على الأردن المضيّ بصفقة الغاز الإسرائيلي، وفق ما نقل من تلميحات على لسان وزير الطاقة الذي وقع الصفقة إبراهيم سيف في اجتماع مغلق عُقد لبحث ملف الطاقة، كما يبدو انها اليوم المحرك الابرز لخطوتين في ذات الملف.
الخطوة الأولى، هي قطع حكومة الدكتور عمر الرزاز تعاملها مع مشروع العطارات الذي يشرف على استخراج النفط الأردني من الزيت الصخري. قطع التعامل مع المشروع جاء وفقا لتصريحات من عضو مجلس إدارة شركة العطارات محمد المعايطة والذي أكد في اجتماع نيابي “ان الحكومة الحالية رفضت التعامل مع هذا المشروع، بحجة السعر العالي لسعر الكيلو واط من الكهرباء”، مؤكدًا أنه لا حصرية للمشروع في العمل.”
ويعد مشروع العطارات من أكبر المشاريع في الصخر الزيتي وممولا بالكامل من الصين وماليزيا واستونيا، كما فيه الكثير من التكنولوجيا الحديثة القادمة من بكين.
المشروع المذكور تصر وزيرة الطاقة الحالية انه سيتسبب بخسارة لشركة الكهرباء الوطنية (التي وقعت اتفاقية الغاز مع إسرائيل)، مشيرة الى ان ذلك جعل الحكومة تعيد النظر في المشروع. زواتي تؤكد ذلك في الوقت الذي كان يفترض ان يبدأ العمل في المشروع في أيار من عام 2020 الحالي.
بالمقابل، يصر النائب اليساري خالد رمضان في نقاش له مع “رأي اليوم” على ان تتقدم الحكومة باوراق ومستندات توضح الاتفاقيتين (اتفاقية الغاز الإسرائيلي والعطارات) وتترك التقييم للخبراء، مشيرا الى ان حجة السلطة التنفيذية هي ان اتفاقية الغاز عليها غرامة عالية تقدر بمليار دولار في حين الغرامة على مشروع العطارات مقدارها 3 مليار دولار أميركي، معتبرا أساسا ان الغاز الإسرائيلي حتى لو تم التعامل معه بالحسابات الاقتصادية يفشل في اقناع الشارع والمشرعين.
في الحالتين يفتقد الخبراء المستندات والوثائق في اتفاقية الغاز وفي غيرها وتحتكر الحكومة العلم فيهما، رغم ما تسرب مثلا للنائب صالح العرموطي من مستندات حول الاتفاقية.
الخطوة الثانية في ملف الطاقة كانت في التضييق على الطاقة المتجددة، الأمر الذي تحدث عنه الكاتب الاقتصادي المعروف في الأردن خالد الزبيدي بمقال له قبل بضعة أسابيع بعنوان ” تباطؤ نمو الطاقة المتجددة في المملكة”، أكد فيه على انه “لأسباب غيرر مفهومة يشهد الاقتصاد الاردني تباطؤ إنتشار الطاقة المتجددة خصوصا الشمسية، فقد أوقفت الحكومة مشاريع الطاقة الجديدة مفسحة المجال لإستخدامات الطاقة الاحفوية (أهمها الغاز الطبيعي)، علما بأن تكلفة انتاج الطاقة المتجددة (الشمسية) إنخفضت دون 20 فلسا ك واط / ساعة، وإن عدم تشجيع مشاريع الطاقة النظيفة هو في غير مصلحة الاقتصاد الوطني الذي تحمل الكثير في الإنفاق على فاتورة الطاقة منذ العام 2003.”
بوضع المعطيات معا، وبالنظر الى مرافقة وزيرة الطاقة هالة زواتي لوزير المالية محمد العسعس الى البنك الدولي لغايات اجراء المراجعة الثالثة على تطور الاقتصاد الأردني، يبدو من الصعب تجاهل احتمالات دور امريكي قاسٍ في الملف، وهو امر شدد عليه النائب رمضان بالقول ان حكومة الدكتور الرزاز تعمل على رهن الاقتصاد اليوم لصالح الأمريكيين.
هنا قد يرى البعض بعض المبالغة، ولكن ما استمعت اليه “رأي اليوم” من التجار والصناع في عمان عن التهديدات الامريكية التي صدرت مباشرة من طاقم سفارة عبدون، منعت الانفتاح الذي كان منتظرا على سوريا، يبقي بابا للحقيقة قد يحتاج المزيد من التعمق والتفكر، خصوصا والحكومة الحالة وفجأة تعلن عن قرض جديد من صندوق النقد والبنك الدولي فجأة ورغم كل أزمات الشارع والرفض الشعبي لمثل هذه الخطوة.
قطاع الطاقة تحديدا تشوبه اليوم الكثير من علامات الاستفهام، إذ يصل الأردن لفائض في الطاقة وتحاول الوزيرة زواتي تسويق ذلك باعتباره وفر ستتعامل عمان مع بيعه لاوروبا تارة وللجوار تارة أخرى، في وقت ترفض فيه مع الحكومة التعامل حتى مع سيناريوهات الغاء الاتفاقية الجدلية مع الإسرائيليين رغم ما قال الملك انه “أسوأ أحوال” العلاقة مع الأخيرين.
هنا وبالمناسبة، ورغم ما ذكره الملك مرارا في السياق فقد صادق عاهل الأردن على الموازنة التي تضمنت مخصصات الصفقة للعام الحالي 2020، رغم ان الوقفات المحتجة على صفقة الغاز الإسرائيلي مستمرة في الأردن.
هنا ومجددا يتحدث الخبراء الاقتصاديون عن شك يحيط الاتفاقية بمجرد عدم إعلانها، في وقت تصر فيه الخبرات السياسية على ان ازمة عمان اكبر من ذلك إذ باتفاقية كهذا النوع ترهن “أمن طاقتها” بيد من يعتبرون الأردن عدوا لهم، وهنا الحديث عن اليمين الإسرائيلي الحاكم، وفي هذا السياق اصرّ النائب رمضان على القول انه من المؤسف الحديث عن الغاز الإسرائيلي باعتباره “صفقة تجارية صرفة” مشيرا الى ان الاعتبارات السياسية والامن القومي الأردني من الضروري الانتباه اليهم بعد عرض الصفقة الامريكية المعروفة بصفقة القرن “والا لكان الأردن باع الوصاية الهاشمية”، وفق تعبيره.
بكل الأحوال، يتحدث مقربون من رئيس وزراء الأردن الدكتور الرزاز عن كونه يراقب جيدا النموذج العراقي اليوم، ولكن ليس في سياق ما حولت سنوات الحرب الامريكية العراق اليه، بل بما حل برئيس وزراء العراق الأسبق عادل عبد المهدي رغم تعاقده مع الصين بصفقة كبرى قبيل اندلاع الاحتجاجات العارمة في بلاده بنحو أسبوعين فقط.