Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    28-Mar-2017

ضقنا بالبيروقراطة ذرعاً ! - د. زيد حمزة
 
الراي - تحت هذا العنوان كتبت في عهد الملك الراحل الحسين قبل عشرين عاماً (13 /3 /1997 ) ( نعم حتى الملك ضاق ذرعا بالبيروقراطية وقال عنها وفي المتساهلين معها كلاما شديد القسوة واقترح ما لم يجرؤ سواه على اقتراحه، تحجيم جهاز الدولة، وهو ما كنت قد أسهمت - مثل كثيرين غيري - في التنبيه لمخاطره عبر العقود الاخيرة... فحين تكاثرتْ الوزارات عندنا للترضية الجهوية أو تأمين الثقة البرلمانية، وزدنا فوقها وزارة جديدة للادارة في وقت كنا نزعم اننا نحارب البيروقراطية كتبت في 27 /12 /1994 مطالبا بالغاء وزارات برمتها مما لايخفض من نفقاتها علينا فحسب بل سوف يخفف من معاناة المواطنين منها...) وقبل ذلك بأيام كنت قد كتبت في 19 /12 /1994 (مازالت الحكومة هي المستوعب الاكبر للعمالة في الاردن ومازال الجهاز الاداري يتضخم سنة بعد اخرى ويترهل باعداد كبيرة من الموظفين وكثير منهم لا يحتاجهم العمل وبالتالي لا ينتجون شيئا بل على العكس يزيدون من مشاكل البيروقراطية ومن معاناة المواطن الذي يتعامل مع الحكومة !) وبعدها بايام كتبت في 27 /12 /1994 (( في بلدنا اكثر من ثلاثين حقيبة وزارية وفي بعض الدول الكبرى عشر وزارات فقط! لا بد ان هناك اسبابا عديدة دفعتنا الى تضخيم انفسنا وتكثير وزاراتنا ومن حقنا ان نناقش الان هذه الاسباب لنتواضع قليلا ونعود الى حجمنا الطبيعي ونعيد تبعاً لذلك عددا من وزاراتنا الى دوائر او اقسام او مؤسسات او حتى مجرد مكاتب تابعة لهذه الوزارة او تلك كما كانت في السابق او كما يفترض ان تكون، لكن المصيبة ان الوزارات التي انشأناها لظرف ما وكان علينا الغاؤها بانتهاء ذلك الظرف قد اصبحت مع الوقت اجهزة بيروقراطية كبيرة لها قوانين وانظمة وصلاحيات وتشعبات اخطبوطية ليس من السهل تقليصها ولملمتها وحشرها في دائرة صغيرة.. مع ذلك نقول ان الاجراء ممكن وضروري وملحّ، وهو بحاجة الى دراسة موضوعية تتسم بروية وامعان، ومن ثم جراحة حاسمة تقوم بها حكومة شجاعة..). وفي العام التالي كتبت في 31/ 8/ 1995 (( اوغندا الدولة الافريقية التي عانت لاكثر من عشرين عاما من نظام الحكم المرعب والتدهور الاقتصادي المروع ، بدأت منذ تسع سنوات تعيد لملمة نفسها وتجميع اشلائها واصلاح اقتصادها للحد من الانفاق الكبير على جهازها الاداري الكسول المترهل والمكون من 620 الف موظف وكانت الخطوة الاولى انها خفضت تدريجيا هذا العدد الضخم الى النصف فلم تحدث كارثة ولم تتوقف مرافق الدولة بل على العكس تحسنت الاجراءات وقلت معاناة المواطنين من تعقيدات الادارة وارتفعت انتاجية الموظفين وزادت رواتبهم، وحسب الفاينانشال تايمز 20 /7 /1995 لقد خلقت الاستثمارات النشطة المتزايدة في مشاريع القطاع الخاص العديد من فرص العمل الحقيقية المثمرة. وكنت الخطوة الثانية تخفيض عدد الوزراء من 31 الى 20 وزيرا، ومرة اخرى تحسن كل شيء !).
 
وكتبت في 26/ 4/ 1996 ( في بداية هذا العام وفي خطبة الاتحاد التي يلقيها الرئيس الاميركي عادة امام الكونغرس اكد كلينتون على ضرورة تقليص دور الحكومة وقصقصة أي ترهل في اجهزتها الادارية فالحكومة الاصغر هي الحكومة الافضل لانها اقل بيروقراطية واكثر اداء واسرع انجازا واخفض كلفة... وقبل اكثر من ستين عاما اصدر ( المؤتمر الاقتصادي الكبير ) في شرق الاردن الذي انعقد في 4 /7 /1933 في منزل مثقال باشا الفايز قرارات هامة كان من بينها ( منع التضخم في تشكيلات الحكومة وارجاع هذه التشكيلات الى حد يتناسب مع حالة البلاد ومقدرتها المالية ) !
 
قبل اسبوعين حين تحدث جلالة الملك عبد الله الثاني عن التحديات الاقتصادية وطالب بتعجيل التحول الى الحكومة الالكترونية قفزت قضية الترهل الاداري الى واجهة الاهتمام وتعددت التعليقات التي أعجبني من بينها مقال للدكتور ابراهيم بدران (الدستور 20 /3 /2017) قال فيه: ( حقيقة الامر ان الحكومة الالكترونية لا تلغي دور الموظف العام وإنما تستدعي التخفيض التدريجي المبرمج في حجم الجهاز الحكومي الذي يصل لدينا الى 40 % من قوى العمل (علما بان المتوسط العالمي هو 12 % وفي الدول العربية 27 %) والاستعداد لتخفيض ساعات العمل وعدد الموظفين بفتح فرص جديدة لهم في مشاريع انتاجية جديدة.. ).
 
وبعد.. أما ما جد في السنوات الاخيرة وزاد الطين بلة فهو المبالغة في انشاء المؤسسات المستقلة مالياً وإداريا حتى بلغ عددها السبعين والتهمَ انفاقُها ثلثَ ميزانية الدولة رغم كل المطالبات النيابية والصحفية بالغاء الكثير منها ودمج بعضها والحاقها بالوزارات المختصة تخفيفا لنفقاتها الباهظة ولانها اصلاً خارجة على النظام المالي للدولة وعلى نظام الخدمة المدنية هذا عدا عن الرأي القانوني القوي الذي يقول بأنها مخالفة للدستور وأن المحكمة الدستورية هي الوحيدة القادرة على تصويب هذه المخالفة.