Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    23-Sep-2019

الاردن والعراق .. علاقات عميقة جذورها بالتاريخ ونموذج فريد للتعاون العربي

 الدستور-نيفين عبد الهادي

تعد العلاقات الأردنية العراقية نموذجا مثاليا للعلاقات العربية العربية، بحيث لا يصعب على الباحث عن عمق هذه العلاقة في إختيار الزاوية الصحيحة التي يمكن من خلالها التقاط التفاصيل الدقيقة لطبيعة هذه العلاقات التاريخية والعميقة والتي تأخذ مكان المثالية على الصعد كافة.
الأردن والعراق، يتماهيان اجتماعيا وانسانيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا، وهما تعبير لحالة عربية تتسم بأعلى درجات الأخوة والتنسيق والتواصل، وحماية مصالح كل طرف مصلحة الآخر، كون مصالحهما واحدة، ونهجهما واحد.
وفي الدخول بطبيعة العلاقة الثنائية بين البلدين الشقيقين، نرى الكثير من التفاصيل الهامة والتي بنيت على أسس تاريخية، وبرامج وخطط ثنائية، زادت من عمق العلاقات، لتأخذ في مجملها طابع الإنجازات المتقنة المبنية على جهود تاريخية، وضعت الأردن في مكان القلب للعراق، والعراق مكان القلب للأردن، ليس فقط بالجانب العاطفي، إنما أيضا بالجانب العملي كون القلب أساسي لإستمرار الحياة.
ففي عام 2003، كان الاردن الأكثر عمقا للعراق، وأصبحت المملكة قبلة للعراقيين على مختلف انتماءاتهم، وكانت الجالية العراقية على أراضيها بأرقام كبيرة، تشكّل تجمعات تعمل بكافة المجالات والقطاعات، اضافة لجوانب الإستثمار والأعمال التجارية.
وعلى مدى سنين طويلة استمر العزم من الجانبين الأردني والعراقي لتوطيد العلاقات وجعلها أكثر عمقا، وتذليل أي عقبات يمكن أن تقف أمام أي جانب من جوانب العمل المشترك والمشاريع والأنجازات التي يلمسها شعبا البلدين الشقيقين، وصولا لمنظومة تعاون نموذجية تتجسد اليوم بعشرات المشاريع وأوجه التعاون.
وفي قفزة عبقرية لشكل العلاقة الأردنية العراقية، وتجسيد التعاون بين البلدين الشقيقين، جاءت زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني إلى بغداد في الرابع عشر من كانون الثاني 2019، والتي اثمرت مع جهود القيادة العراقية في التوصل الى مزيد من التعاون، وشكل جديد من العلاقة تزيدها ثراء بأوجه التعاون، اضافة إلى توجيهات جلالة الملك الدائمة لبذل كلّ جهد ممكن من أجل تعزيز أواصر التعاون مع العراق في جميع المجالات.
وفي قراءة خاصة لـ»الدستور» حول أحدث أوجه التعاون بين الأردن والعراق، يمكن أن نلحظ تطورات ضخمة بين البلدين في هذا الجانب، يظهر بوضوح أن الأردن ساند العراق وعلى مدى سنين ليحافظ على استقراره وأمنه وما حققه من نجاح باهر على الصعيدين الأمني والسياسي؛ واجتثاث منابع الإرهاب في وطنهم، ولم يكن هذا النجاح فقط إنما أيضا سطّر العراقيّون نجاحا مميّزاً في إرساء العمليّة السياسيّة ببلادهم، على أسس ديمقراطيّة، الأمر الذي طالما دعمه الأردن سياسيا وأمنيا واجتماعيا.
ولطالما وقف الأردن، قيادة وحكومة وشعبا، مع العراق ودعم جهوده في الحفاظ على أمنه ودعم استقراره، والسعي الجادّ لتمتين العلاقات الأردنيّة العراقية، والحرص على توطيدها في مختلف المجالات بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الشقيقين والقضايا الوطنية.
كما برزت في قراءتنا جلسة المباحثات التي كان قد عقدها رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز ورئيس الوزراء العراقي الدكتور عادل عبد المهدي، وبحضور وزراء ومسؤولين من الجانبين في المنطقة الحدودية بين الكرامة وطريبيل مطلع العام الحالي، معلنين عن البدء بمرحلة جديدة من التعاون المشترك وادخال الاتفاقات السابقة بينهما في العديد من القطاعات الحيوية حيز التنفيذ الفعلي.
وفي ذات القراءة، يجب الإشارة إلى بدء العمل بآلية النقل Door to Door للسلع والبضائع والمنتجات النفطية التي تقضي بدخول الشاحنات الاردنية الى المدن العراقية، وكذلك الامر بالنسبة للشاحنات العراقية الداخلة الى الاراضي الاردنية كبديل عن الآلية السابقة التي فرضتها الأوضاع الاـمنية في العراق خلال السنوات الماضية والتي كان يتم بموجبها تفريغ حمولة الشاحنات على الحدود ونقلها بشاحنات الدولة الأخرى، الأمر الذي كان يعرض مواد عديدة للتلف، فضلا عن كلف اضافية يتحملها التاجر المصدر.
كما تم توقيع اتفاقيّة تجارة حرّة بين البلدين الشقيقين، وتم تفعيلها، اضافة إلى أن البلدين كانا قد اتفقا على تزويد الأردن بجزء من احتياجاته النفطيّة، وتيسير انسياب السلع بين البلدين، وتم فتح المعابر الحدوديّة الأردنيّة العراقيّة (الكرامة - طريبيل) أمام حركة النقل، ومنح الأردن التسهيلات للبضائع العراقيّة المستوردة عن طريق العقبة.
وفي ذات الإطار، أصدر مجلس الوزراء العراقي قرارا بإعفاء 393 سلعة أردنيّة من الجمارك، وتخصيص أراضٍ على الحدود للشركة الأردنيّة العراقيّة، فيما أيضا يتم العمل على إنشاء المنطقة الصناعيّة الأردنيّة العراقيّةّ المشتركة.
ومن أوجه التعاون أيضا، العمل على تنفيذ مشروع الربط الكهربائي، وتم التوقيع مطلع العام الحالي على الاتفاقية الإطاريّة لأنبوب النفط الذي سيمتد من البصرة إلى العقبة، بالإضافة إلى التوافق على تحديد تفاصيل النقل والتسعير لتصدير النفط الخام العراقي إلى الأردن.
وهناك جهود حثيثة تبذل من الجانبين لترسيخ التعاون في مجالات أخرى عديدة، كالصحّة والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقطاعات أخرى، بالإضافة إلى التوافق الدائم على استمرار التنسيق الأمني والعسكري في حرب البلدين الشقيقين على الإرهاب.
كما قام الأردن مؤخرا بإعادة عدد من القطع الأثرية للعراق بعد أن قامت الأجهزة المعنية بضبطها في المراكز الحدودية اثر محاولات تهريبها لخارج العراق، وعددها نحو 1376 قطعة اثرية.
ويسعى العراق دوما لطلب المشورة الأردنية في تطوير قطاعات مختلفة لديه، وتحديدا في مجالات الصناعة والتكنولوجيا والتبادلات التجارية، اضافة إلى سعي جاد لتوفير كافة الفرص الممكنة لإستفادة البلدين من الطاقات المتوفرة والتكامل في اقتصاد البلدين.
ومؤخرا، بدأ الأردن باستقبال النفط العراقي، والذي يحصل عليه بموجب مذكرة كانت قد وقعت في وقت سابق يقوم الجانب العراقي بتزويد الجانب الاردني بــ 10 آلاف برميل يوميا من النفط، حيث أعلنت وزيرة الطاقة والثروة المعدنية عن بدء توريد النفط العراقي، إلى الأردن، مؤكدة أهمية هذه الخطوة في تلبية جزء من احتياجات الأردن السنوية من النفط الخام.
علما بأنه يشارك في عملية النقل أكثر من 200 صهريج من الأردن والعراق، بواقع 50 في المائة لكل منهما، من بينها صهاريج مملوكة لمواطنين وشركات عاملة في نقل النفط الخام.
 وبطبيعة الحال التعاون بين البلدين في مجال الطاقة لا يقتصر على استيراد النفط الخام فقط، حيث يعمل الجانبان على إتمام الإجراءات اللازمة لإنشاء أنبوب نفط يمتد من البصرة جنوب العراق مروراً بمنطقة حديثة (غرب) ومن ثم إلى ميناء العقبة في الأردن، وكذلك إقامة شبكة للربط الكهربائي بين البلدين يزود بواسطتها الأردن العراق بالكهرباء عبر شبكة مشتركة.
ومن أوجه التعاون بين البلدين الشقيقين، الجانب الأمني، وكان قد زار المملكة خلال تموز الماضي وزير الداخلية العراقي ياسين الياسري، وأكد خلال هذه الزيارة التي التقى فيها كبار المسؤولين ان زيارته للأردن وهي أول زيارة خارجية يقوم بها منذ تسلمه منصبه،أنها تحمل دلالات كبيرة على انفتاح العراق على الأردن والحرص على تنمية وتطوير العلاقات الثنائية، لافتا الى أن بلاده تنظر باهتمام لتعزيز العلاقات مع الأردن والتي سيكون لها تأثيرات ايجابية كبيرة على الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في العراق.
وفي شأن ذي صلة، اتخذ الأردن إجراءات عملية من خلال السفارة الأردنية في بغداد لتسهيل حصول العراقيين على التأشيرات لدخول أراضيه، بكل سهولة ودون أي عقبات.
ولجهة التنسيق السياسي، عقد مؤخرا وزراء خارجية الأردن، أيمن الصفدي، ومصر سامح شكري، والعراق محمد علي الحكيم، في العاصمة بغداد، اجتماعا ثلاثيا لمتابعة نتائج قمة ثلاثية كانت عقدت في القاهرة آذار الماضي، دعوا خلاله إلى تهدئة التوتر في منطقة الخليج، محذرين من أزمات إضافية في الشرق الأوسط.
ومع مرور السنين، تدخل العلاقات الأردنية العراقية عهدا جديدا، في كل مرة تتجدد به أشكال التعاون وأوجهه نحو مزيد من التعاون بكافة المجالات، فلم يبق أي مجال اقتصادي أو صناعي، أو تجاري، أو معلوماتي، أو سياحي، أو صحي، أو تعليمي، او غيرها من المجالات المختلفة إلاّ وكان لهذه العلاقات بصمات ثنائية قوية بين الجانبين، لمزيد من التعاون المختلف دوما بمزيد من التغيير الإيجابي والأكثر توسعا وعمقا وتنوّعا.
وإذا ما وقفنا عند حجم الإتصالات والزيارات بين البلدين فنحن حتما نقف أمام حزمة ثرية من هذه الزيارات، السياسية والبرلمانية، والإقتصادية والشبابية والأمنية والعسكرية، والتعليمية بشكل يمكن التأكيد من خلاله على حجم تبادل زيارات ضخم جدا لمسؤولين بين البلدين الشقيقين، يقود لمزيد من التعاون.
وبأي قراءة رقمية للعلاقات الثنائية بين الأردن والعراق والتي بالمناسبة تلقى دعما كبيرا وعلى أعلى المستويات، نجد أن حجم البتادل التجاري ضخم بينهما، ولصالح البلدين، اضافة إلى عدد الطلبة العراقيين بالأردن، وغيرها من الأرقام التي تعكس حالة نشطة من التعاون بمجالات مختلفة.