Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Aug-2018

إيران.. وانسحاب سيؤدي إلى انسحابات!!* صالح القلاب
الرأي - 
عندما تعلن إيران، وهي في وضع داخلي يرثى له، أنها لن تنسحب من سورية بناءً على طلب دولة أخرى، فإنها بالتأكيد لا تقصد إسرائيل وإنما روسيا التي تعتبر نفسها، الوصي الوحيد على بشار الأسد ونظامه وأنه لولاها لما بقي لا هذا النظام ولا رئيسه ولكان هناك وضع غير هذا الوضع المتوقف بقاؤه واستمراره على معادلة إقليمية ودولية قابلة للإنهيار في أي لحظة وسواءً بقي الإيرانيون أم رحلوا عن هذا البلد العربي الذي رُفِع فوقه شعار: "أمة عربية واحدة" وها هو ينتهي نهاية مأساوية واذا بقي يسير في الاتجاه الذي يسير فيه فإنّ ما لا نتمناه أنه لن يبقى دولة واحدة.
 
وبالطبع فإن إيران التي تخشى من أن تخرُج من"المولد بلاحمص"، كما يقال، وأنها إن هي خرجت من سورية، بينما هي أيضا تمر بأزمة داخلية وخارجية قاتلة، فإنها ستخسر نفوذها في المنطقة كلها وأنها ستخرج مهزومة هزيمة نكراء من العراق ومن اليمن ومن قطاع غزة وبالطبع من لبنان وأيضاً من بعض إقليم كردستان العراقي وهذا معناه نهاية تجربة اقترب عمرها من أربعين عاماً كان من الممكن أن تكون أفضل كثيراً مما أصبحت عليه وكان من الممكن أنْ تلبي طموحات الذين فرحوا بإزالة نظام الشاه محمد رضا بهلوي وظنوا أن هذا البلد سيصبح رديفاً للأمة العربية وأنه لن يتجاوز"النظام البهلوي" في تطلعاته التمددية وكما هو عليه الوضع الآن في هذه الظروف الصعبة وفي هذه المرحلة التاريخية الخطيرة.
 
الآن بدأت مصالح روسيا، التي حققت"إنتداباً"على سورية كانت بحاجة إليه لتستعيد مكانة الإتحاد السوفياتي الذي بقي عملياًّ منتدباً على هذا البلد العربي منذ عام 1949 وحتى انهياره مطلع تسعينات القرن الماضي، تتضارب مع مصالح إيران فالروس بحكم عوامل كثيرة يرون، أن بقاءهم في سورية كدولة "مُنتدبة" أو منتدِبة نفسها يحتاج لموافقة إسرائيل قبل موافقة نظام بشار الأسد وقبل موافقة إيران والواضح أنّ هناك اتفاقات سرية وأنّ الإسرائيليين قبضوا الثمن الذي يريدونه وأن حدود عام 1974 في هضبة الجولان لم تعد حدوداً مؤقتة وإنما حدوداً أبدية!!.
 
ربما أن في مصلحة الروس ألاّ ينهار التحالف بينهم وبين الإيرانيين لكن عندما يصبح خيارهم بين إيران وإسرائيل فإن المؤكد، أنهم سيختارون إسرائيل لأنها وبعد كل هذه الإنهيارات التي تشهدها العديد من دول هذه المنطقة باتت، شئنا أم أبينا، الرقم الرئيسي في هذه المعادلة الشرق أوسطية الجديدة ولأنها أيضاً هي الوحيدة القادرة على"ترويض" الرئيس دونالد ترمب والولايات المتحدة.
 
وهكذا فإنه على إيران ألاّ تواصل السباحة ضد التيار وإن عليها أن تدرك أن مشروعها التمددي في المنطقة فشل وأنها ستنسحب ليس من سورية وفقط بل أيضاً من العراق واليمن ولبنان وغزة فدولة أصبحت"عاجزة" مالياًّ وأصبحت أوضاعها الداخلية متهاوية وعلى هذا النحو لن تكون قادرة على الاحتفاظ بتوسعها على حساب دول مجاورة ومتاخمة لدول جميعها دول عربية ويقيناً أنّ هذا كله سيكون امتحاناً قاسياً لطهران.. وأن الدوائر ستدور في نهاية الأمر، التي يبدو أنها غدت قريبة، على كل ما ترتب على ثورة فبراير عام 1979.