Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Jan-2020

التعليم عماد النهضة*د. موسى شتيوي

 الغد

يعتبر التعليم من العوامل الرئيسة في عملية التنمية والنهضة سواء كان ذلك بالمنظور التاريخي لتقدم الأمم ولنهضتها أو بالمنظور الجزئي بعلاقته بالتنمية بشكل عام. التجارب العالمية تشير إلى انه لا يوجد دولة استطاعت ان تنجز تنمية اقتصادية مستدامة بدون الاستثمار الكبير في الرأسمال البشري.
بالإضافة إلى دور التعليم في إثراء فهم الناس لأنفسهم والعالم المحيط بهم، فإنه يساهم في تحسين نوعية الحياة ويؤدي إلى مكاسب فردية ومجتمعية كثيرة. كذلك، فالتجارب العالمية تشير إلى أن التعليم يؤدي إلى زيادة الإنتاجية لدى الأفراد والى الإبداع والابتكار وبالتالي التقدم التكنولوجي.
وأخيراً، يلعب التعليم دورا كبيرا في تحسين التقدم الاقتصادي والاجتماعي وتحسين توزيع الدخل والمساواة الاجتماعية نتيجة للحراك الطبقي الذي ينتجه التعليم لأفراد المجتمع.
التعليم في الأردن شكل علامة فارقة في عملية التنمية وكان الاستثمار في الرأسمال البشري ركناً أساسياً في فلسفة الأردن التنموية وقد لعب التعليم دوراً تنموياً كبيرا في مراحل مختلفة ليس فقط في التنمية الاقتصادية وإنما أيضا في بناء الدولة وجهازها البيروقراطي والصحي وغيره من المجالات، لا تقل أهميته عن ذلك هو دور وأثر التعليم في عملية الحراك الاجتماعي ونمو الطبقة الوسطى وبالتالي إعادة توزيع الدخل والمساواة الاجتماعية بين المواطنين والذي لعب دورا مهماً في الاستقرار السياسي والاجتماعي لعدة عقود.
لكن مع مرور الوقت بدا التعليم بشقيه العالي والمدرسي يعاني من مجموعة من التحديات والمشاكل التي أفقدته أو تكاد تفقده دوره الريادي والتاريخي في التنمية بالأردن وقد يصبح عبئاً على التنمية بدلاً من ان يكون محركاً لها.
هناك العديد من الدراسات والتحليلات التي حددت التحديات التي يواجهها التعليم في الأردن ولن أكررها ولكن أريد ان اركز على عدد منها له علاقة بموضوع المقال…..
يعاني قطاع التعليم من اكتظاظ كبير في أعداد الطلبة وعلى المستويات كافة الجامعية والمدرسية في ظل بيئة تحتية متهالكة في بعض الأحيان مما أثر بشكل كبير على نوعية التعليم واصبح التركيز على الكم بدلا من النوع. بالتأكيد هناك بعض الأسباب الموضوعية لذلك كالنمو السكاني المرتفع وموجات اللجوء المتعاقبة على الأردن، إلا ان التوسع غير المدروس والمحكوم أحياناً بمصالح خاصة بالتعليم العالي قد ساهم بشكل كبير بهذه المشكلة ومع مرور الوقت فقد أصبحت الجامعات الأردنية تخرج أعداداً كبيرة في كل التخصصات أضعاف ما يحتاجه المجتمع الأردني وبالتالي تزايد أعداد التخصصات الراكدة ولم تعد حكراً على التخصصات النظرية.
أما بالتعليم المدرسي، فالتوسع الكبير بالمدارس الخاصة جاء على حساب التعليم العام وأدى إلى تراجعه وبروز طبقية واضحة في النظام التعليمي تساهم بإعادة إنتاج عدم المساواة بالمجتمع بدلا من تقليصها.
بالإضافة لذلك، فيعاني النظام التعليمي من عدم وجود المصادر المالية والبشرية الكافية وضعف في نظام الحوكمة الأكاديمي وسيطرة حكومية متزايدة على الجامعات وخاصة العامة منها. وبالرغم من استثناءات محدودة أصبحت الجامعات تدريجياً على هامش عملية البناء والنهضة وضعف دورها المجتمعي في إيجاد الحلول للمشاكل المتراكمة التي يعاني منها المجتمع الأردني ولم تعد قادرة على توظيف البحث العلمي في دفع عملية التنمية والنمو الاقتصادي وأصبحت البطالة شبحاً يطارد الخريجين في اغلب التخصصات الأكاديمية.
أما على الجانب الرسمي، فبالرغم من الاهتمام الذي تبديه الحكومات بالنظام التعليمي إلا أنها لم تقم بدمج السياسات التعليمية بالسياسات التنموية والاقتصادية والسياسية التي تسعى لتحقيقها.
لم يعد ممكنا النظر للنظام التعليمي بشكل قطاعي من خلال استراتيجيات خاصة به لأننا اصبحنا بأمس الحاجة اليوم لربط النظام التعليمي بالأهداف التنموية وأهداف النهضة التي وضعتها الحكومة وهناك حاجة ماسة للنظر بصورة اكثر شمولية للنظام التعليمي بمستوياته المختلفة خاصة في ضوء التحولات التكنولوجية المذهلة التي يشهدها العالم والتي ما نزال بعيدين عن التفاعل معها.
الاستثمار بالعلم والتعليم قد يكون المسار الأهم لإحداث النقلة التنموية المنشودة بالأردن وأتمنى ان تكون هذه القضية على أجندة الحكومة في بداية العقد الثالث في هذه الألفية.