Thursday 28th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    26-Sep-2017

ترمب الأول وكيم الثالث: مَنْ يُروِّض.. مَنْ؟ - محمد خروب
 
الراي - لا يتوقف الرئيس الاميركي ترمب عن بثّ المزيد من تغريداته التي تُهدّد كوريا الشمالية بـ»المحو» والإزالة من الوجود, وغيرها من التعبيرات والمصطلحات التي يحفل بها القاموس الأميركي الطافح بالاستعلاء والاستكبار وعدم رؤية «الآخر» حتى من مسافة متر واحد، ما بالك اذا كان الحديث يدور عن دولة لم تُبدِ اي نوع من الخوف او التردّد او تلجأ الى الاعتذار وطلب الصفح من السيد الابيض الذي تمثله على نحو فظ الولايات المتحدة, بما هي شرطي العالم الذي يريد الحفاظ على مصالحه حتى لو كانت غير مشروعة وبالضد من مصالح معظم دول العالم بمن فيهم تلك المُصنّفة على انها دولة حليفة باستثناء اسرائيل بالطبع، حيث ثارت ثائرة ترمب عندما أجرَت طهران تجربة ناجحة على صاروخ باليستي يحمل اكثر من رأس متفجر يصل مداه الى ألفي كيلو متر, فقط لأنه «يُهدّد إسرائيل» كما قال ترمب حرفياً، فيما لا يهمه ان كان صاروخا كهذا يُهدّد اي دولة سواء في المنطقة ام خارجها، ما يؤشر الى طبيعة جدول اعمال ساكن البيت الابيض الذي ما يزال مستقبله السياسي والشخصي غامضاً، في ظل التحقيقات الجارية في الملف الذي تم تضخيمه على نحو واضح من قِبَل «حزب الحرب» المُتحكّم بالقرار الاميركي والساعي بلا كلل من اجل اعادة الحرب الباردة الى المشهد الدولي, عبر شيطنة روسيا وتحميلها مسؤولية انحسار الدور الاميركي في العالم, ولكن عبر «تداعيات» الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة, التي ما يزال اركان الحزبين الجمهوري وخصوصا الديمقراطي, يُصرِّون على ان موسكو تدخلت فيها بشكل او آخر,حيث قيل في آخر «فبركة» استخبارية, ان موسكو تدخلت على الأقل في 22 ولاية اميركية خلال (وقبل) فتح الصناديق في تشرين الثاني الماضي.
 
ما علينا..
 
آخر تغريدات ترمب (نُشرَت فجر امس الاثنين) ردّاً على كلمة وزير الخارجية الكورية الشمالية جاء فيها (التغريدة) ما يلي: لقد استمعت للتو لخطاب وزير خارجية كوريا الشمالية لدى الامم المتحدة: اذا كان يُصوِّر افكار رجل صواريخ صغير (يقصد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ – اون) فإنها – اي كوريا – لن تستمِر طويلاً».
 
يُعيد ترمب ما كان قاله امام الجمعية العامة للامم المتحدة, وهو استعداده لِـ»إبادة» دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الامم المتحدة وتعداد سكانها يقترب من 30 مليون نسمة، لا لسبب سوى ان هذه الدولة ترفض الخضوع لإملاءاته ورفع الراية البيضاء والاستسلام بلا قيد او شرط له. فيما الخيار الدبلوماسي يمنح فرصة لتنفيس الاحتقان والبحث عن حلول وسط, تنهض على تنازلات متبادلة, كون بيونغ يانغ تُعلن في غير حرج انها لن تقبل ان ينتهي مصيرها كما حال نظامي معمر القذافي وقبله صدام حسين, فضلا عن تواصل المناورات العسكرية الضخمة التي تُحاكي غزواً أميركياً كورياً جنوبياً وأحياناً يابانياً لأراضي كوريا الشمالية, ناهيك عن نشر المزيد من بطاريات صواريخ نظام THAAD المضادة للصواريخ الباليستية عالية المدى, وتحرّشات الطائرات القاذفات الأميركية الاستراتيجية بالقرب من الحدود والاجواء الكورية الشمالية، فان واشنطن (كذلك سيؤول وطوكيو) ترى فيها «حقَّاً» لها غير قابل للنقاش او التراجع.
 
اذا كان البعض في المنطقة العربية, قد اعتقد او توهّم ان ترمب بتلك السياسات الخرقاء, التي لا تأخذ في الحسبان موازين القوى الدولية ولا تعترف بما طرأ على الدور الاميركي العالمي من تراجع وضعف، انما يستعيد (ترمب) دور شرطي العالم والقوة العظمى الوحيدة في المعمورة,على النحو الذي ساد بعد انتهاء الحرب الباردة، فانه (هذا البعض كما ترمب وحزب الحرب في واشنطن) يكون واهما وساذجا في الوقت نفسه، ليس فقط لان مرحلة الإنحدار الاميركي قد بدأت, سواء اتّسمَت بالبطء او التسارع النسبي، ام واصل ترمب تهديداته وتلويحه بالعمل العسكري ضد الدول التي يصنِّفها وحده, (لا يشاركه احد في ذلك غير الأتباع والواهمين) وهي كوريا الشمالية وفنزويلا وإيران وسوريا وغيرها من دول العالم والمنظمات التي لا تسير في الركب الأميركي, ولا تلهج بحمد السيد الابيض بلا معارضة او احتجاج ولا حتى رأياً مغايراً.
 
مفردات ومصطلحات ترمب المُتدنِية والهابِطة والتي لا تليق برئيس دولة كالولايات المتحدة, وزعمه بأنه «.. سيُروِّض هذا المريض الذي يحمل النار» إضافة الى تعبيراته السوقية حول «رجل صواريخ صغير», لا تُغيِّر من حقيقة ان تاجر العقارات الذي جاء الى موقعه بالصدفة وسيغادره – ربما – قريباً وفي مهانة كبيرة، انما يهبط بالسياسة الدولية وتقاليد الدبلوماسية التي تواضعت عليها اسرة الشعوب المُتمديِنة الى درك اسفل، وهو طريق محفوف بالمخاطر والكوارث, لانه يتجاهل عن عمد حقائق الميدان وموازين القوى الدولية, او كما قال رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف من انه على «قناعة» بان ترمب «لن يضرب كوريا الشمالية, لأنه متأكد ان لديها القنبلة النووية».. فضلا عن ان بيجين وموسكو لن تسمحا له – أيّاً كان الثمن – بأن يلجأ لخيار احمق كهذا.. ما يستدعي التساؤل بالفعل: هل سينجح في ترويض كيم الثالث؟ ام ان الاخير سيُواصل تحدِّيه واصفا اياه بـ»المُختل عقلياً... المصاب بجنون العظمة وملك الكذب، كرجل عصابات أطلَق جملة كلمات عنيفة ومتهورة»؟..»شاهراً» ترسانته النووية؟
 
... الأيام ستُخبِرنا.
 
kharroub@jpf.com.jo