Thursday 18th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    02-Oct-2018

19 فيلما أوروبيا تناقش قضايا واقعية تحفز على التفكير

 

إسراء الردايدة
 
عمان- الغد-  بمشاركة 19 فيلما من أحدث الإنتاجات السينمائية، اختتم مهرجان الفيلم الأوروبي بدورته الثلاتين أول من أمس.
وحملت الأعمال التي عرضت هموما معاصرة، وناقشت أحدث قضايا الساعة بين اللجوء والأزمات الاقتصادية وغيرها.
عروض يومية شاركت تحت شعار المهرجان "السنة الأجمل على الإطلاق"، مثلت التغييرات الاجتماعية التي تمر بها تلك الدول عبر قصص من الواقع بين فيلم روائي وآخر وثائقي، وسط حضور جماهيري كبير وبواقع عرضين يوميا على مدى عشرة أيام.
هذه العروض أسهمت على مدى عمر المهرجان بترسيخ ثقافة وذائقة سينمائية في الأجيال التي عاصرته، ورسخت حب الفن السابع، بحيث خلقت جمهورا ينتظره ويزداد من عام لآخر، مما يوسع المدارك الإبداعية و"المخيلة"، بالإضافة لتعزيز التبادل الثقافي.
ولأن هذه الأفلام حملت أساليب إخراجية مختلفة من أشهر المدراس السينمائية في أوروبا، تنوعت بين الواقعية أو الجديدة وحتى المتأثرة بالكلاسيكية، فكانت بوابة فنية متنوعة وفرصة فريدة لمحبي هذا الفن.
ولم تخلُ تلك الأفلام من القصص الإنسانية، كما في الفيلم التشيكي "الحافي" لمخرجه جان سفيراك، عن طفل بدأ حياته من جديد إبان الحرب العالمية الثانية في مدينة أخرى، وكيف يتأقلم مع أقاربه، وأخرى تناولت البحث عن الذات والتغلب على مصاعب الحياة، مع صعوبة البدايات التي تنشأ من تجارب سابقة مأساوية، كما في فيلم "هلاصة التواريخ" للمخرج البلجيكي لوكاس بوسويت، عن القدر والحماس ودور الصدفة في الحياة.
فيما كان البحث عن الذات جوهر الفيلم النمساوي "هنا موطني" لمخرجته تيريزا كوتيك، وأهمية التواصل البشري والتحرر من العزلة التي نخلقها داخل أنفسنا، في إطار فلسفة وجودية.
وعن حقوق ذوي الإعاقة بعيش حياة طبيعية من خلال فيلم "الملاذ" للمخرجة الايرلندية لين كولين، وقصة حب تجمع بين اثنين يعانيان من الإعاقة الفكرية يتحديان القوانين، ويتوحدان بحبهما، كأي شخصين طبيعيين وسط مشاعر لا تخلو من التعاطف ونظرة المجتمع لها.
ولم تخلُ تلك الأفلام من حس الكوميديا السوداء التي تنتقد المجتمع وقوانينه، خاصة فيما يتعلق بقضايا اللاجئين كما في الفيلم السويدي "رجل اسمه اوفي"، وآخر فنلندي "على الضفة الأخرى من الأمل" لمخرجه آكي كواريسماكي، من خلال لاجئين ومعاناتهم مع النظام في أوروبا والمصاعب التي يواجهونها، بينما الفيلم الدنماركي الوثائقي "الانتظار" لمخرجه إميل لانغبالي، كان عن عائلة باكستانية تطلب اللجوء في الدنمارك هربا من طالبان، وينقل ما يعيشه اللاجئون في البلاد الأخرى سواء كانت أوروبية أم غيرها، وحالة الانتظار لمصير مجهول.
وللمغامرة نصيب كبير أيضا، من خلال الفيلم الألماني الشهير "فيكتوريا" للمخرج سيباستيان، الذي صور بلقطة طويلة واحدة جال فيها شوارع غرب برلين في مغامرة تحولت لحرب عصابات وجريمة قتل، أما "سارق الويسكي" الهنغاري لمخرجه نيمرود أنتنال ومن وحي شخصية حقيقية، وتحليلا لدوافع اللص الذي أراد التغلب على الفقر، بعد أن عانى من كونه مهاجرا غير شرعي.
وتعد السينما والأفلام أداة مهمة أساسية في تنمية الفكر الى جانب السياسية والدين والفكر والفلسفة في الحياة، وهي ليست وسيلة للترفيه وحسب، بل تسهم في النضوج والمعرفة، وتحفز على التساؤل الدائم من خلال القضايا والشخصيات التي تظهر بها.
ولأن تلك الأفلام تحمل رسائل مختلفة، فدائما ما تولد منظورا جديا للتعامل مع المشاكل والصراعات الداخلية وحتى الخارجية؛ حيث يغدو الفيلم عدسة جزئية تسقط الضوء على ما نراه بوضوح وبشكل يومي، ويقود العقل للاطلاع على الجوانب الخفية للأمور التي تحيرنا.
فالسينما ميدان لتمرير الأفكار ووسيلة فنية للتعبير، تتحول لملجأ فكري ومرجعي بحثا عن إجابات ربما عبر التصور الدقيقي والأسلوب التصويري والإخراجي الى جانب الكتابة السيناريو والأبطال فيه، وتفتح بابا للاكتشاف والاختبار وتنمية الذات.
وعبر تلك العروض التي تتكرر سنويا من كل أنحاء العالم يكبر الجسر وتترسخ العلاقات وتتوسع الآفاق، وسط فكرة السينما الأساسية، وقيمتها التي تكمن في الإنسانية المشتركة التي تنقلها حكايا الشعوب التي نراها ونغوص في ثقافتها، لتكبر الهوية الفكرية، فالأفلام بالنهاية وسيلة الإنسان لفهم نفسه، ولطالما قدمت نماذج يحتذى بها في الأخلاق والأديان والإنسانية والعلاقات والجوانب الشخصية البحتة، محفزة تساؤلات بحثية وجودية تنشط العقل والضمير وتخلق له مهمة التفكير والبحث عن الإجابات لفهم أشمل وأكثر عمقا للذات والنفس والآخرين والحياة.
وقد حظي المهرجان برعاية سمو الأميرة ريم علي، وبتنظيم من بعثة الاتحاد الأوروبي في الأردن، والمعاهد الثقافية التابعة للاتحاد الأوروبي (EUNIC)، وبالتعاون مع الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، وأمانة عمان الكبرى، وصندوق الحكايا، وشركاء آخرين.