Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    14-Jun-2017

هل خرجَت العلاقات الروسية الأميركية.. عن السيطرة؟ - محمد خروب
 
الراي - التراشق الإعلامي المتصاعِد – وعلى أعلى مستوى سياسي وعسكري – بين موسكو وواشنطن،يبدّد أي تفاؤل أو تسريبات حول إمكانية وصول العاصمتين إلى تفاهم في الملفات المعقدة التي تُسمِّم العلاقات بينهما، ناهيك عمّا يمكن أن يعتريها من تدهور وصولاً إلى مواجهة عسكرية وبخاصة على الساحة السورية, في ظل الاصرار الأميركي على «انتزاع» دور في الأزمة السورية بهدف توظيفه لمواصلة تنفيذ المخطط الأميركي الذي لم يتغيّر، بذهاب أوباما وقدوم ترمب ، والرامي إلى اسقاط الدولة السورية والحؤول دون انتصار الجيش السوري وحلفاؤه في الحرب التي تشن على ذلك البلد العربي منذ ست سنوات ونيف، ناهيك عما بدأ يتظهَّر من أهداف مرافقة للمخطط الأميركي،سواء في ما خصّ إعادة ترتيب التحالفات والاصطفافات في المنطقة العربية,التي بدت كأنها ترسّخت بين من يصطفون في الجانب الأميركي بإطمئنان وزهو,ظنّاً منهم انهم فازوا بالحماية الأميركية،وبين اؤلئك الذين اداروا ظهرهم لواشنطن,وفضّلوا التعاطي معها بمقاربة مختلفة يقيناً منهم ان قائدة المعسكر الامبريالي,لن تقبل أحداً يُجادلها في المواقف أو الخيارات,ما بالك في الأوامر والإملاءات؟.
 
موسكو التي غادرت مربع الايديولوجيا أوائل تسعينيات القرن الماضي, لكنها لم تغادر مربع الكبرياء القومي والاعتزاز بتاريخها وثقافاتها واسهاماتها في الحضارة الإنسانية،سعت إلى التعاطي بِندِّية مع الولايات المتحدة,التي روّج مفكروها وخصوصاً أقطاب يمينها وجنرالاتها، بنهاية التاريخ,وبأن الرأسمالية هي خيار البشرية الوحيد والأخير،لكن الأميركان رفضوا باستعلاء هذا المسعى الروسي وواصلوا مخططهم الذي لم يتغيّر منذ اندلاع الحرب الباردة،وحتى الإعلان عن انتهائها بتفكّك الاتحاد السوفياتي، لمحاصرة الوريثة الأكبر للامبراطورية الروسية والعمود الفقري لما كان يُسمّى المعسكر الاشتراكي.
 
استخدمت واشنطن حلف شمال الأطلسي,الذي كان من المنطقي أن يتم حلّه بعد أن زال الخطر «الشيوعي»,وخصوصاً اندثار حلف وارسو الذي قام أصلاً لمواجهة عدوانية الناتو,ووظّفته الإدارات الأميركية «فزاعة» لإخافة أوروبا من جحافل الجيش الأحمر والكتلة الاشتراكية،كي تُبقي هيمنتها على أوروبا وتبتزّها في قراريها... السياسي والعسكري على حد سواء.
 
بروز فلاديمير بوتين في المشهد الروسي أوائل الألفية الجديدة،بعد عشر سنوات كارثية طبعَت حُكم بوريس يلتسين،الذي كاد أن يوصل روسيا إلى «مرتبة» الدولة الفاشلة بامتياز،أربك الغرب الامبريالي وعلى رأسه الولايات المتحدة,التي بدأت تشعر أن مخططها الرامي إلى استتباع روسيا وايصال عملائها إلى السلطة في موسكو وتحويلها الى مجرد «دولة» عادية بترسانة نووية يمكن تفكيكها لاحقاً،قد بدأ (المخطط) رحلة الفشل، إلى أن انتهينا الآن لمشهد دولي جديد،دخلت فيه روسيا لاعباً أساسياً في القضايا والملفات الدولية والإقليمية,على نحو يصعب تجاهلها أو القفز على مصالحها،لكن الهجمة الأميركية لم تتوقف حتى في عهد أوباما الذي دأب على تأزيم العلاقات الأميركية الروسية والتقليل من شأن روسيا,والقول أكثر من مرة: إن روسيا ليست سوى مجرد دولة من العالم الثالث,وهي لا تُقدِّم للعالم سوى الأسلحة والنفط.
 
ما حدث مع جورجيا ودعم موسكو لجمهوريتي أبخازيا واوسيتيا الجنوبية,ثم الأزمة الأوكرانية التي نشأت بفعل الانقلاب الفاشي الذي شجّعته واشنطن وبرلين وباريس على الرئيس المنتخب يانوكوفيتش،منح ذخيرة للحملة الأميركية الرامية إلى شيطنة روسيا،لكنه في الوقت نفسه ارسى قواعد جديدة في العلاقات بين البلدين,لم تعد من خلاله واشنطن أوباما – كما هي الآن حال إدارة ترامب ــ قادرة على تجاهل موسكو أو تعريض مصالحها للخطر دون دفع الثمن.. حتى في الحملة الإعلامية الهستيرية الراهنة عليها والتي تحمل عنوان الـ»روسيا فوبيا».
 
إلى أين من هنا؟
 
ما خرج به الرئيس بوتين على العالم يوم أمس,عبر الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة «شوتايم» في حديث مع المخرج الأميركي أوليفر ستون من اتهام لواشنطن بأنها «تستخدم الإرهابيين لزعزعة الوضع السياسي الداخلي في القوقاز والشيشان»،يرفع منسوب التوتر بين البلدين الذي ازداد اصلاً بعد وصول ترامب إلى البيت الأبيض،رغم الاتهامات المفتعَلة والمفبرَكة التي توجّه للرئيس الأميركي,بأنه كان على اتصال بموسكو التي ساهمت في انتخابه عبر التدخل «الإلكتروني» في الانتخابات الأميركية,حتى أخذت عنواناً مثيراً بات يُعرف بـ»بوتين غيت»,وهو مخطط نجح المعسكر اليميني المتطرف,في الكونغرس ووسائل الإعلام ومراكز الأبحاث والأكاديميا(دع عنك المجمّع الصناعي العسكري الأقوى تأثيراً) في وضعِه على رأس جدول الأعمال الأميركي,بهدف تكبيل ترمب وتسييره وفق أهواء «حزب الحرب» الذي يدير الأمور في واشنطن حالياً.
 
بوتين اتهم واشنطن – وعن حق – بأنها ساعدت على صعود تنظيم القاعدة الإرهابي,وعليها ان تدرك مسؤولياتها عن ذلك.مُحذّراً في الوقت ذاته من أن «الأمور خرجت عن السيطرة وعلى واشنطن ان تدرك ذلك»، معتبراً أنه «ورغم انتهاء الحرب الباردة,لا تزال الأجهزة الأميركية تدعم الإرهابيين».
 
ليس غريباً والحال هذه,أن يخرج وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس مُتهِماً موسكو بأنها لا تريد علاقات ايجابية مع واشنطن،وأن الرئيس بوتين «اختار أن يكون مُنافِساً استراتيجياً لنا،وعلينا أن نتعامل مع الوضع... كما نراه».
 
الصورة واضحة لا تحتاج إلى «تظهير».والرسالة الأميركية تقول: مرفوض ان تُدافع روسيا عن مصالحها,الأولوية لمصالح السيد الأميركي وحده وخصوصاً في سوريا.
 
«...إن المصالح بين روسيا والولايات المتحدة, تتضارب في عدد من القضايا.. ومنها سوريا» قال الجنرال ماتيس.
 
في السطر الأخير.. الميادين السورية هي التي ستحسم «الصراع» بين معسكر الحرب بقيادة واشنطن,والمعسكر الذي تقوده موسكو ومَن يرفضون الإملاءات الأميركية.حيث يرى الإرهاب آفة العصر,ويسعى بثبات الى اجتثاثه... ودحره.
 
kharroub@jpf.com.jo