Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-May-2017

الأستاذ سليمان المشيني.. ذكرى ووفاء - ابراهيم العجلوني
 
الراي - تعرّفت الى الاستاذ سليمان المشيني «أبي ابراهيم» عام 1979 وذلك لأول عملي في الاذاعة الاردنية «مراقباً للنصوص». وكان الاستاذ المشيني مديراً للبرامج, وكان مكتبه اشبه شيء بندوة ادبية مفتوحة تهوي اليها افئدة النخبة من مثقفي الاردن, ممن يعملون في الاذاعة التي كانت انذاك جامعة مفتوحة بكل معنى الكلمة او ممن يختلفون اليها من الشعراء والكتّاب من الاردن والعالم العربي.
 
كان الاستاذ سليمان المشيني شاعراً وروائياً وناقداً, وكان دمث الاخلاق حلو الشمائل, وكنت اختلف الى مجلسه كغيري من موظفي الاذاعة (اذكر منهم الان المرحوم محمد الخشمان, والاستاذ الشاعر نايف ابو عبيد اطال الله عمره والاستاذ مازن القبج رحمه الله والاستاذ علي فريج, وآخرين) وكان جنى ذلك المجلس المعرفي والادبي وفيراً. وكانت سمته الرئيسة هي الوطنية الصافية والانتماء الحميم الى ثرى الاردن الطهور. وكان صدر للاستاذ المشيني ديوانه «صبا من الاردن» وعرفت له قصائد رائعة في مولد الرسول الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه وفي ذكرى الهجرة النبوية وفي المناسبات الوطنية المختلفة, وكان عظيم الاهتمام بالاغنية والنشيد الوطنيين وله فيهما وفرة متميزة مع رفيع الادب وملتزمه.
 
ولقد تسنى لي ان التقي بالاستاذ المشيني بعد ذلك العهد لاول قيام اتحاد الكتاب والادباء الاردنيين, الذي كان الاستاذ حسني فريز رحمه الله رئيسه وكنت امينه العام مدة قصيرة, فكانت فرصة لمزيد من توسم ادبه الجم وملامحه الرضيّة. ثم كان ما كان من تجارب مرة وألوان فقد تعرّض لها الاستاذ المشيني, وكان الى ذلك كله ما تعرّض له من عقوق واهتضام وهو أحد أبرز اصوات الوطنية الاردنية وبناة وجدانها.
 
واذا كان لكل حديث مناسبة فإن مناسبة هذا الحديث هي قراءتي لكتاب الاستاذ المشيني: «شموس لا تغيب» ولم اكن قرأته من قبل, حيث تبين لي جانب الحكمة والفلسفة العميقة في شخصيته, فضلاً عن رفعة اسلوبه وعلو بلاغته. وفي الحق ان هذا الكتاب جدير بأن يكون مقرراً جامعياً وأن يكون موضع اهتمام خاص من مؤسسات الثقافة ووسائل الاعلام, وإن فيه لصحائف مشرقة تناول فيها الاستاذ المشيني كلاً من الجاحظ وابن المقفع وأبي الفرج الاصفهاني وبديع الزمان الهمذاني وأبي حيان التوحيدي وابن سينا وابن زيدون وجمال الدين الافغاني والشيخ محمد عبده ومي زيادة وبشارة الخوري ومحمود سامي البارودي وابراهيم اليازجي وعبدالرحمن الكواكبي واحمد شوقي وايليا ابو ماضي وحافظ ابراهيم وخليل مطران وأمين الريحاني وجبران خليل جبران.
 
ولقد تجّلت عبقرية الاستاذ المشيني في قدرته على رصد الملامح الرئيسة, وعلى سبيل الايجاز الوافي, لهؤلاء الرجال الافذاذ الذين قلّما يجمعهم جامع في كتاب على نحو ما كان من اديبنا الكبير.
 
ولقد وجدتني مندفعاً بعد قراءة هذا الكتاب القيّم للاستاذ سليمان المشيني للحديث بالهاتف معه بعد ان ساعدني الصديق الدكتور حسن مبيضين في تحصيل رقمه, فسعدت ايما سعادة بسماع صوته, وظفرت منه بوعد بلقاء قريب.
 
واذ ندعو الله سبحانه ان يمد في عمر الاستاذ المشيني وأن يمتّعه بالعافية, فإن بنا أن نشفع دعاءنا بدعوة – هي من مقتضى الوفاء الذي عرف به الاردنيون – الى قراءة تجربته الادبية ومسيرته الوطنية والى اصدار اعماله الكاملة على نحو يليق بهما, وأن يكون له عندنا كفاء ما قدّم لوطنه من جزاء الاحسان وحسن التقدير.