Tuesday 23rd of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Jan-2020

تسويق الحكومة وتهيئة الوزراء*سامح المحاريق

 الراي

تقبل وزير المالية الانتقادات والدعابات التي أثارتها كلمته أمام مجلس النواب بروح رياضية، والوزير الذي يتصدى لمسؤولية كبيرة مع موازنة 2020 والمؤشرات المبدئية حول سنة غير مريحة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي يعتبر من نماذج الوزراء التكنوقراط الذين يمتلكون معرفة ودراية واسعة بالمجال الذي يتصدون له، ولكنهم في المقابل يمكن أن يصلحوا أيضاً في المناصب الاستشارية التي توفر لهم غطاء بعيداً عن الاشتباك المباشر مع الفعل السياسي.
 
ما الذي ينقص وزير المالية الدكتور محمد العسعس؟ وما الذي ينقص كثيرا من الوزراء الآخرين؟
 
تتلخص الإجابة في التجربة السياسية، سواء كانت حزبية أو نقابية بما يعني ذلك الاحتكاك المبكر مع متطلبات اللعبة السياسية ومناوراتها وطرق التفاوض والتحالف والتحضير الهادئ والعمل أمام الجمهور، ووراء الكواليس كذلك، وهو المعنى السياسي لمنصب الوزارة، الذي قد لا يحتاج، بل وغالباً لا يحتاج إلى مختصين في نفس المجال الذي تديره الوزارة، فهذه مهمة هيكل كبير من الموظفين والمهنيين داخل أروقة أي وزارة.
 
هذه الرحلة السياسية يفتقدها كثير من الوزراء، وبما أن بعض الوزراء يفتقدون أيضاً للخبرة الواسعة في الخدمة العامة، بمعنى الترقي من قاعدة العمل الحكومي، وبذلك يصبح الوزير بين خيارين على قدر كبير من الصعوبة، التعامل بمهنية باردة أو الاندفاع بصورة عاطفية يمكن أن تندرج تحت تصنيف الاسترضاء الدائم.
 
يفترض أن يمثل الوزير توجهاً سياسياً يدخله من خلال حزب يمثل جمهوراً عريضاً، أو من خلال موقع نيابي، وفي جميع الحالات يسعى لأن يحرك بوصلة الحكومة إلى اتجاه معين، فالوزير يفترض أن يمثل توجهاً، ويعني ذلك أن يمتلك من حيث المبدأ، وقبل حتى أن يضطر للحديث، إلى رافعة نيابية وشعبية، أما أن يشعر الوزير بالغربة في الوسط السياسي ككل، ويكون على غير معرفة مسبقة بمعظم النواب، ولم يتحصل بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على آلاف الأصوات الانتخابية في البرلمان أو النقابات، فذلك يجعله عرضة للانكشاف الدائم للانتقاد.
 
هل توجد منطقة وسطى؟ بالتأكيد يمكن أن يكون التشاور المجتمعي الواسع الذي يتصدى له رئيس الحكومة مناسباً، وليس تشاوراً منحصراً على مجلس النواب، ولكنه تشاور واسع مع الأحزاب والنقابات ورجال الدولة السابقين، يجري من خلاله تسويق الأسماء التي ينوي رئيس الوزراء التقدم بها لحكومته، بمعنى أن يكون الوزراء أنفسهم ضمن الحد الأدنى المعقول من القبول على المستوى النخبوي الذي يمكن أن يحدث نوعاً ما من القبول الشعبي.