Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    08-May-2017

اليمن: «إعلان عدن».. هل تصدّعَت صفوف «الشرعية»؟ - محمد خروب
 
الراي - فيما تتواصل المأساة اليمنية المتمادية فصولاً،وفيما تتعالى الاصوات الدولية (وليس العربية بالمناسبة) المُحذِّرة من حدوث مجاعة شاملة في ذلك البلد العربي المظلوم,وفيما تُنشر الارقام المُفزِعة عن عدد مئات الآلاف من الاطفال الذين ينتظرون دورهم «الحتمي» في الموت,بسبب نقص المطاعيم والحليب والرعاية الصحية,فضلا عن انهيار البنى التحتية والخدمات الاساسية ومعاناة الملايين جرّاء فقدان أو خراب المنازل والمشافي والمدارس ومياه الشرب وكل اسباب الحياة.
 
....في اجواء كارثية كهذه، تعيش مناطق الجنوب اليمني حالة من الازمة المُتدحرِجة التي سببتها قرارات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي,الذي يحتكِر لنفسه الشرعية،ما اجّج خلافات علنية وردود فعل عنيفة, تمثلت في خروج مظاهرات «مليونية» في محافظات الجنوب اليمني, نظّمتها قوى ما كان يُعرف وما يزال بـ»الحراك الجنوبي» الذي يقود تحركا سياسيا سلمياً يطالب باستعادة «دولة الجنوب», التي يرى أنها كانت ــ وما تزال ـــ ضحية الحرب التي شنّها على «الجنوب» الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 27 نيسان 1994 بعد قرار قيادات «دولة الجنوب» الإنسحاب من دولة «الوحدة» التي أُعلِنت في مثل هذا الشهر من العام 1990، ما مكّن جيش علي عبدالله صالح (ومعه جنرال من «الجنوب» اسمه عبد ربه منصور هادي) من الإنتصار على من سمّاهم «الانفصاليين» وأعاد الوحدة (القسرية كما يجب وصفها) بالقوة، الى ان تفجّرت الثورة اليمنية قبل ست سنوات, وانتهت الى ما انتهت اليه الان، بعد فشل كل محاولات لمِّ شمل «الثوار» الذين خضعوا كعادة كل ثورات الربيع العربي المزعوم, الى ضغوط خارجية فاستسهلوا التحالف مع الخارج واداروا ظهورهم لدعوات تمتين الشراكة والمصالحة الوطنية,وتقديم الوطني على الشخصي والجهوي والقبائلي والمذهبي والطائفي، والتي لن تقف – في ما يبدو – عند تشطير اليمن الى شطريه المعروفين شمال وجنوب, ولا حتى الى دولة «اقاليم» كما كان مقترحا سابقا (4) اقاليم في الشمال واثنان في الجنوب، بل ربما أسوأ من ذلك بكثير, على نحو يتحول فيه اليمن الى صومال جديد, تماماً كـ»جارِه» الغربي, الذي يعيشه فوضى كاملة منذ ثلاثة عقود تقريبا, ولا يلوح في الافق انه سيخرج منها في القريب المنظور, وهذا ناتج عن «قرار دولي» مركزه عواصم الغرب الاستعماري, التي تريد الإبقاء عليه «نموذجاً» لكل من يحاول تحدّي ارادتها او التصدي لمخططها, الهادف إخضاع المنطقة الى استراتيجياته الكونية..
 
ما علينا..
 
أسفَرَ قرار الرئيس اليمني «المفاجئ» يوم الخميس الماضي 4/ 5..إقالة محافظ عدن القوي اللواء عيدروس الزبيدي, الذي أسهم في إعادة الأمن النسبي للمدينة, التي استباحها تنظيما داعش والقاعدة, ووزير آخر أحاله للتحقيق,عن «ثورة» حقيقية في محافظات الجنوب, عكست تضامناً جنوبياً بمعناه السياسي الواسع ودعوات التظاهرات واحتجاجات شعبية مليونية في اليوم التالي الجمعة 5/5، صدَر بعدها ما سُمّي بـ «إعلان عدن التاريخي» الذي فوّض الجنرال عيدروس الزبيدي «تشكيل قيادة تُمثّل الجنوب سياسيا» في اي مفاوضات مقبلة، لكونها قيادة سياسية وطنية تتولى تمثيل وقيادة الجنوب لتحقيق اهدافه وتطلعاته».
 
تطوّر خطير كهذا يعكس هشاشة حكومة هادي، التي تُبدي عناداً واضحاً تمثّل في تعيين محافظ جديد تمّ إرساله الى عدن رغم مظاهر التوتر والتصعيد والرفض التي تعيشها المدينة, والتي كان آخرها اقتحام واضرام النار في مقر حزب التجمع اليمني للإصلاح (ذراع حركة الاخوان المسلمين في اليمن) احد ابرز الأحزاب المؤيدة لهادي, بل الحزب الذي اتّهمَته اطراف جنوبية بأنه (حزب التجمع) كان المُحرِّض لهادي على اتّخاذ هذا القرار الذي يرى فيه الجنوبيون محاولة لإضعاف نفوذهم ودورهم في المشهد اليمني الراهن (دع عنك المُستقبلي, الذي لا يستطيع احد التكهن به نظراً لاستمرار الحرب وفقدان اي امل او اشارة بقرب انتهائها).
 
التدقيق في تداعيات قرار هادي الذي لم يتراجع عنه, بل مضى قدما رغم المحاذير والأكلاف، يشي بأن الغضب الجنوبي مُرشّح للتصاعد واتخاذ أَشكال أكثر عُنفاً وتصميماً على وضع مسألة «تقرير مصير الجنوب» على اجندة الازمة اليمنية, في اي محادثات عربية او اقليمية او دولية، ويبدو هادي بقراره هذا، كمن اطلق النار على رجليه، رغم ما يعانيه شخصياً وما تعانيه حكومته من ضعف وغياب عن الثأثير في المشهد اليمني, ما بالك ان الأمر يتعلق بـ»عدن», ليس فقط كونها عاصمة الجنوب التاريخية، التي لم تُسلِّم بنتائج حرب «الوحدة» التي شنها عليها جيش علي عبدالله صالح وعبدربه منصور هادي في نيسان 1994...بل وايضاً كونها «عاصمة» هادي «المؤقتة» بعد فقدانه صنعاء او هروبه منها (لا فرق).
 
قرار هادي المُتسرِّع بل غير المدروس, اعطى زخماً للحراك الجنوبي ومنح رياحاً جديدة لِأشرعتهم و دَفعة قوية لِدعوتهم إستعادة «دولة الجنوب», في الوقت الذي لا يلوح في الأفق, ان اليمن ــ بدولتيه او شطريه السابقين ــ قادر على البقاء او استعادة «قوامه»... السابق.
 
تلفِت في الاثناء «تغريدة» وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الامارات انور قرقاش, الذي علّق على صدور اعلان عدن التاريخي وغضبة الجنوبيين بالقول: رد فعل على فعل متهور. وهي اشارة لا تخلو من دلالة اذا ما علمنا ان دولة الامارات صاحبة دور فاعل واساسي في التحالف العربي لِدعم.. «الشرعية».
 
kharroub@jpf.com.jo