Tuesday 19th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    13-Dec-2019

العلاقات الاردنية الاسرائيلية.. تدهور استراتيجي أم تكتيك*الدكتور حسن مرهج

 راي اليوم

لعل مؤشرات تدهور العلاقة بين الأردن واسرائيل، تحتاج الى الكثير من التدقيق والبحث عن اشكالية هذه العلاقة اساساً،  خاصة ان ترتيب الاوراق في المنطقة عقب التطورات الجيوسياسية، يفرض نمطاً من التعاطي السياسي المدروس بدقة، بين كل التحالفات القديمة وبلورتها من جديد، بالنظر إلى التوقيت الحساس الذي تمر به المنطقة. وبصرف النظر عن ارتفاع منسوب التوتر بين عمان وتل ابيب، إلا أن الوقائع تأخذنا بعيداً عن أي توتر بين البلدين، ولكن لا بد من التطرق بجزئيات بسيطة، إلى تصعيد الخلافات لكن ضمن تكتيك الاصدقاء، لإسقاط هذه التوترات على العلاقة الاستراتيجية بين الأردن واسرائيل، ووضعها في بوتقة التطورات الشرق أوسطية.
يُمكن تأطير العلاقة بين اسرائيل والأردن بأبعاد ثلاث، أمنية ودبلوماسية واقتصادية، وقد سعت الأردن إلى المحافظة على هذه الابعاد، وكذا اسرائيل، حيث أن العلاقة المتوازنة استمرت بعد معاهدة السلام بين البلدين، لكن مع وصول بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الوزراء في اسرائيل، بدأت تشهد العلاقات بين البلدين توترات لكنها ضمن الاطار السياسي، ففي الوقت الذي سعت فيه اسرائيل لتقوية التعاون الامني والاقتصادي مع الاردن، كانت عمان تطالب على الدوام، بتسوية سلمية مع الفلسطينيين، انطلاقاً من المصالح السيادية بين الاردن وفلسطين، ورغم ذلك، فقد حافظت العلاقة بين البلدين على رونقها الامني والاستراتيجي والاقتصادي، نظراً لحجم المصالح والفوائد المشتركة والمنافع المتبادلة بين الطرفين، خاصة في ظل التهديدات الامنية التي تشهدها دول الاقليم.
في جانب أخر، وعطفاً على التقارير التي تحدثت بمُجملها عن توتر العلاقات الأردنية الاسرائيلية، جاء “عوفر زالزبرغ” كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية، ليُضفي نوعاً من اللغط المتعمد على العلاقات الاسرائيلية الاردنية، بُغية تعتيم المشهد الحقيقي لهذه العلاقات العميقة بين البلدين، ووفقاً لزالزبرغ، الذي نشر سلسلة تغريدات على حسابه على موقع “تويتر”، للحديث عن العلاقات الأردنية الإسرائيلية فإن التراجع بلغ درجة عدم استقبال العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، اتصالات هاتفية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتتضمن تغريدات زالزبرغ، التي عبّر في جزء منها عن رأيه واستند في الجزء الثاني منها إلى ملاحظات أوردها رئيس جهاز “الموساد” السابق إفرايم هاليفي”، الذي قاد المفاوضات الإسرائيلية – الأردنية في عام 1994، خلال مداخلته في مؤتمر شارك في تنظيمه معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي وخصص للحديث عن العلاقات الأردنية الإسرائيلية، 8 مؤشرات رئيسية تدلل على تردي العلاقات وتفسر أسباب ذلك.
وترتبط المؤشرات بتصريحات نتنياهو الأخيرة حول ضم غور الأردن، وإيقاف تنفيذ مشروع قناة البحرين، وعدم تجديد اتفاقية تأجير منطقتي الباقورة والغمر، وتجاوز صلاحيات الأردن بالإشراف على إدارة المقدسات في القدس المحتلة، وتطور العلاقات السعودية الإسرائيلية على حساب الأردن، وإدارة الولايات المتحدة ظهرها للأردن، واعتبار الحكومة الإسرائيلية حفاظ عمّان على العلاقة مع تل أبيب أمراً مسلماً به، وتجاهل خطة الإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلامياً بـ”صفقة القرن” للأردن.
من الواضح أن المشهد السابق يُمثل مسرحية سياسية بإمتياز، فلو نظرنا إلى جُزئية غاية في الأهمية، تؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك، بأن العلاقات الاسرائيلية الأردنية، لا زالت عميقة ويتم التنسيق بين اجهزة البلدين على أعلى المستويات، فحين تقوم الطائرات الاسرائيلية بالمرور بالأجواء الاردنية، لقصف المواقع السورية، فهذا يعني أن لا خلاف حقيقي وجوهري بين البلدين، كما أن التنسيق الاستخباراتي إبان ما سُمي بغرفة الموك، التي كانت تُدير العمليات الارهابية في سوريا، والتي ضمت كبار الضباط الإسرائيليين والاردنيين، فضلا عن ضباط كُثر من غالبية دول محور العدوان على سوريا.
وبالتالي، لو نظرنا إلى الواقع الاردني وحجم الترهل الاقتصادي، الذي انعكس على معيشة المواطن الاردني، والحركات الاحتجاجية المستمرة المطالبة بالإصلاحات، وتحسين الاجور والعمل على محاربة الفساد، وانصاف الاكاديميين الاردنيين وتوظيفهم بما يتناسب وتحصيلهم العلمي، إضافة إلى أن اتفاقية السلام مع اسرائيل، غير مقبولة شعبياً. كل هذه المعطيات تفرض نوعاً من المناورة السياسية، التي تكون بمثابة تفريغ لضغط الشارع الاردني على حكومته، كما أن الشعب الاردني ضاق ذرعاً بأن يكون الاردن ضمانة لأمن اسرائيل، فضلاً عن الاستهتار الاسرائيلي بمصالح الأردن.
في النتيجة، يمكننا القول بأن أي تصعيد مدروس للخلافات بين اسرائيل والأردن، انما هو مسرحية سياسية لذر الرماد في العيون، خاصة أن صفقة القرن باتت قاب قوسين أو أدنى، وللأردن دور غاية في الاهمية في هذه الصفقة. فأي هوة بين البلدين لن ترقى لتدهور استراتيجي في العلاقات.
كاتب فلسطيني