Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    12-Jul-2017

«دَوْلة».. يطيب «العيش» فيها!؟ - محمد خروب
 
الراي - في حملتها الانتخابية الحاسمة التي تخوضها المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، دفاعاً عن مستقبلها السياسي، بعد طول سطوع لنجمها الذي «اكتشفه» وَدَعَمه مستشار ألمانيا الاسبق (الراحل مُؤخّراً) هيلموت كول، والذي بِـ«فَضلِه» ارتفعت «الفيزيائية» الألمانِيّة الشرقية، إلى سلّم المجد السياسي في ألمانيا الموحّدة، والتي ظنّ كثيرون أن «كول» بتبنيه لملف إعادة توحيد ألمانيا بعد انهيار جدار برلين، إنما يخوض مغامرة غير محسوبة، وأن مسألة الوحدة هذه ربما ستُكلِّفه مستقبله السياسي والشخصي، إلاّ أن الرجل مضى قدُماً ونجح – وإن بأكلاف مالية وأخرى سياسية باهظة، دَفَعَ بعضها وخصوصاً السياسية من رصيده الشخصي، ما مكّن ميركل من اطاحته وتهميشه، وبالتالي نجحَت في السيطرة على زعامة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى هذه اللحظة، وإن عاب عليها كثيرون انها عديمة الوفاء للشخص الذي جاء بها من المجهول وصَعَّدَها الى مرتبة، لم تكن تحلم بها حتى في أفضل سني عمرها تفاؤلاً وثقة بالنفس، لكنها – وهنا المفاجأة – نجحت في شق طريقها الى القمة في ألمانيا، واستطاعت البقاء في دار المستشارية ببرلين منذ العام 2005 حتى الآن، في تحالف مع حزبين آخرين، هما: الاتحاد المسيحي الاجتماعي والحزب الديمقراطي الاجتماعي، والأكثر أهمية انها سجّلت لصالحها أنها أول امرأة في تاريخ ألمانيا تتبوأ مركز المستشارية، فضلاً عمّا تتمتع به من «صلابة» في دفاعها عن مواقفها ورغبتها في اعادة مجد ألمانيا، الى مقدمة المشهد الأوروبي ودائماً في اعتبار برلين هي قاطرة الاتحاد الأوروبي، الذي لا يريد أن يتسامح مع أي خروج على دائرة «الأوْرَبَة» ومثال اليونان وأزمة مديونيتها الخانقة، ما يزال ماثلاً في المشهد الأوروبي، وكيف «أخضَعت»ميركل حزب سيريزا اليساري لشروطها، بعد ان وَعَدَ زعيم الحزب الكسيس تسببراس، جمهوره الذي «أصعَده» الى منصب رئيس الوزراء، انه سيُجبِر بروكسل (بما هي عاصمة الاتحاد الأوروبي) على القبول بخطته رفض التقشفية «الاوروبيّة» ولم يكن غير ميركل له بالمرصاد، لتفرض عليه شروطها مقابل تسهيلات وقروض مالية، فأصاب الذعر الزعيم اليساري الذي اذعن لشروط ميركل وسار في ركابها، على نحو عرّض ائتلافه اليساري «الراديكالي»الى خطر الانشقاق والتصدع.
 
حدث هذا بالطبع قبل إندلاع الازمة الأكثر خطورة وهي «البريكست» وتصويت البريطانيين لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، وهو أمر وقفت حياله ميركل أيضاً، موقفاً «حازماً» رافضة المساوَمة على خروج بريطاني مَرِن وبشروط «مُريحة» لصالح لندن، وقالت: إمّا خروج سريع، أو بقاء ولكن دون أي شروط تفضيلية في الحالَيْن.
 
ما علينا..
 
المستشارة الألمانية تخوض حالياً حملة انتخابية (برلمانية) مختلفة عن سابقاتها الثلاث، التي أوصلَت ميركل إلى السلطة في العام 2005، منذ ظهورها المفاجئ، وبخاصة الآن في مواجهة مارتن شولتز، رئيس الحزب الاشتراكي والرئيس السابق للبرلمان الأوروبي، والذي يرى مراقبون انه منافس جدّي وخطير لميركل في انتخابات أيلول القريب، وإن كانت استطلاعات الرأي بدأت ترجّح كفّة ميركل وحزبها، بعد أن سجّلَت نجاحاً في الانتخابات المحلية (البلدية) وارتفع اسمها (وحزبها) في الأوساط الشعبية، حيث كانت تراجعت إثر الحملة المُركّزة التي شنّها عليها منافسوها (حتى داخل حزبها) بعد اتهامها بأنها تُعرّض أمن ألمانيا (وأوروبا) لِخطر «الإرهاب»، إثر ترحيبها بمزيد من المهاجرين للقدوم إلى ألمانيا، فيما هي ردّت: أن ألمانيا التي تسير بسرعة نحو «الشيخوخة» بافتقادها لعنصر الشباب، في حاجة إلى قوى عاملة ماهرة وأخرى يمكن الاستفادة منها في مجالات اقتصادية وإنتاجية عديدة.
 
برنامج المستشارة الألمانية الانتخابي، بدا عند طرحه «عادِياً» ولم يخرج عن اطار الخطاب الذي حكم حملات حزب الإتحاد الديمقراطي المسيحي في دوراته السابقة، وخصوصاً أن أحداً لم يعد يجادل في «محورية» الدور الألماني في المشهد الأوروبي، وبخاصة بعد وصول ايمانويل ماكرون الى قصر الإليزيه، ما وفّرَ رياح اسناد إضافية للثنائي الأقوى في أوروبا... برلين وباريس، فضلاً عن توتر العلاقات الذي برز الى العلن بين برلين وواشنطن، وبخاصة بعد جلوس ترمب في البيت الابيض وتصريحاته الإستفزازية التي طالت ألمانيا بالذات، ودعوته برلين الى «دفع» ثمن للحماية» العسكرِية التي توفرها لها الجيوش الأميركية، ما دفع المستشارة ميركل واركان حكومتها الى «تحدّي» واشنطن علَناً والتلويح بالتمرد عليها بل واعتبارها مجرد «شريك» وليس صديقاً (وهو ما ورد في البرنامج الانتخابي الجديد والمشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي (حزب ميركل) وحزب الاتحاد الاجتماعي المتحالِف معه، حيث أسقط البرنامج كلمة «صديق» من وصف العلاقة مع الولايات المتحدة، ليصفها في البرنامج الحالي بانها «أهمّ شريك لألمانيا خارج أوروبا، وفي ذلك دلالات عميقة واثر كبير على مستقبل العلاقة بين برلين وواشنطن، عندما تُواصِل الأولى توجيه المزيد من الانتقادات الى سياسات واشنطن وتعارضها في ملفات دولية واقليمية عديدة وهو ما برَز في اجتماعات مجموعة «G20» الأخيرة في هامبورغ، وقبلها في اجتماعات حلف شمال الأطلسي في بروكسل، التي حضرها ترمب لأول مرة كرئيس أميركي. ناهيك عن الانتقادات اللاذعة التي يُوجِّهها وزير الخارجية الألمانية زيغمار غابرييل لسياسات واشنطن الدولية، وآخرها تصريحه اللافت بأنّ «أميركا ترى العالم أجمع ساحة لمعاركها».. ما شكّل إضافة نوعية لتصريح ميركل اللافت والخطيرالذي قالت فيه: إن أوروبا لم يعد بوسعها الإعتماد «كُلَياً» على الولايات المتحدة وبريطانيا، بعد انتخاب ترمب وتصويت البريطانيين لصالِح الخروج من الإتحاد، وإن كانت المانيا ــ تُضيف ميركل ــ ترغب في علاقات «ودّية» مع الدولتين، إلى جانب روسيا...أيضاً، مُشدَّدَة بأن على اوروبا أن تُناضل من أجل... ان تُقرِّر «مصيرها».. بنفسِها يُضاف إلى ذلك كله، ما قاله وزير الخارجية الالماني: من أن الولايات المتحدة خسِرت زعامة العالم، ما يستدعي ضرورة مواجَهة سياسة البيت الأبيض.
 
المثير في البرنامج الانتخابي للمستشارة ميركل، هو الشعار المُكثّف والمُختصَر الذي رفَعتْهُ والقائل: بأن «ألمانيا.. بلد يطيب العيش فيه»..
 
الفرصة مناسبة لطرح سؤال مُمِضٍ ومر كطعم العلقم، يكاد كل مواطن عربي أن يطرحه على نفسه هذه الأيام وهو: أي بلد عربي (لا تستثني أحداً).. يطيب العيش فيه؟.
 
اسألوا المستشارة ميركل التي وبالانتخابات «وحدها»، مُرشَّحَة لدورة رابعة في مبنى المستشارية ببرلين، إذا ما وعندما.. «يُفوّضها» الناخبون الألمان بذلك.. في أيلول الوشيك.
 
kharroub@jpf.com.jo