Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    19-Apr-2017

كادبي.. وحكاية التوطين - بلال حسن التل

 

الراي - من أهدافنا في جماعة عمان لحوارات المستقبل السعي لتحفيز الروح الإيجابية, وتحويلها إلى طاقة تسري في شريان المجتمع لتنعشه, ونحن نمارس ذلك من خلال وسائل عديدة منها تدريب النفس على التفاؤل الذي تغذيه نظرتنا إلى الجزء الممتلىء من الكأس بإنجازاتنا الوطنية وهي كثيرة, ومن ثم سعينا للمساهمة في ملء الجزء الفارغ من الكأس, بالماء العذب الزلال ممثلاً بالعلم والمعرفة والإنتاج.

 
ومن وسائلنا أيضاً الإضاءة على الإيجابيات للتعريف بها والبناء عليها,لأن مواصلة البناء هو طريقنا إلى النهوض والتقدم, ولأن الإضاءة على الجوانب المشرقة في مسيرتنا الوطنية فوق أنها تعزز روح الإنتماء والمواطنة في نفوسنا, فإنها أيضاً تشكل رداً عملياً ملموساً على المشككين والسوداوين, الذين احترفوا النظر إلى النصف الفارغ من الكأس, مثلما احترفوا إنكار أي منجز وطني, على العكس من ذلك صار شغلهم الشاغل تعظيم السلبيات, وتثبيط الهمم, ونشر ثقافة اليأس بين الناس, وهو الأمر الذي يتناقض مع قناعتنا في جماعة عمان,لأننا نعتقد أن في بلدنا الكثير مما يبعث على الفخر والاعتزاز المبنيان على المعلومة الصحيحة,التي قررنا أن نغذيها بالمزيد من المعرفة, من خلال زياراتنا الميدانية للكثير من المؤسسات الوطنية الأردنية, التي تشكل محطات مضيئة ومنصات أمل بمستقبل مشرق لهذا الوطن.
 
في هذا الإطار كانت زيارتنا خلال الأسبوع الماضي إلى مركز الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتصميم والتطوير «كادبي», الذي يعمل كمؤسسة مستقلة تحت مضلة القوات المسلحة الأردنية وهي الزيارة التي عدنا منها بشحنة أمل كبيرة, جراء ما شهدناه من ثروة علمية تحولت إلى منجزات مادية, لمسناها بأيدينا بعد أن تتبعنا بأعيننا مراحل إنتاجها المختلفة,سبق ذلك كله استماعنا إلى إيجاز مكثف عن « كادبي «, حيث أبت النشوة إلا أن تحملنا على جناحيها إلى عوالم الاعتزاز, ونحن نستمع إلى علماء «كادبي» يتحدثون بثقة عن إنجازهم وتطلعاتهم المستقبلية, بعد أن نجحوا في «اختبار» توطين التكنولوجيا في بلدنا, وتحويلها إلى منتج يضاهي أدق المنتجات العالمية تطوراً في المجالات التي تعمل بها «كادبي». أخذين بعين الاعتبار أن نجاح علماء «كادبي» في توطين المعرفة التكنولوجية يعني أنهم وضعوا بلدنا على سر كل تقدُم وأساس أية نهضة. فلا نهضة لأمة مالم توطن العلم والمعرفة.
 
عند كلمة توطين لابد من وقفة طويلة نظراً لتاريخها مع عسكر الأردن,ولأنها من علامات تميز الجندية الأردنية, ليس في ميادين الحرب فقط, التي تميزت بها الجندية الأردنية تميزاً لا يضاهيه إلا تميزها في ميادين البناء والتنمية, فعسكر الأردن الذين يوطنون اليوم علوم ومعارف التكنولوجيا من خلال « كادبي», لهم حكاية طويلة مع التوطين, فقد كانوا العنصر الحاسم في توطين العشائر البدوية الأردنية وتزويد أبنائها بالعلم, والمعرفة, من خلال نشر القوات المسلحة الأردنية للمدارس حيثما تواجدت عشائرنا, وكان معلمو القوات المسلحة, هم حملة منارة العلم والمعرفة, التي أخرجت الكثيرين منا من عوالم الجهل والأمية إلى عوالم العلم والمعرفة.
 
لم يقتصر دور قواتنا المسلحة الأردنية عند حدود فتح المدارس في مختلف المناطق الأردنية, بل لعبت دوراً كبيراً في إثراء التعليم الجامعي في الأردن,من خلال إيفاد الالآف من منتسبيها إلى أرقى المعاهد العلمية في العالم, الأمر الذي لم يعد مستغرباً معه أن يصبح الجيش العربي الأردني منبعاً للكفاءات العلمية التي رفدت مسيرة التنمية الوطنية في مختلف مجالاتها, فإذا كان الأردنيون يفتخرون بالمستوى الطبي في بلدهم فإنهم يستذكرون أن خيرة الأطباء فيه هم من أبناء القوات المسلحة, وكذلك الحال مع المهندسين والقانونين وغيرهم من المهنيين الذين خرجتهم قواتنا المسلحة, ليكونوا صناع التنمية في وطنهم. بعد أن علمتهم ودربتهم.
 
الإيفاد والتدريب ليسا هما الإسهام الوحيد لقواتنا المسلحة في إثراء التعليم الجامعي ثم مسيرة التنمية في وطننا, فلم تكتف قواتنا المسلحة بذلك بل سعت إلى توطين التعليم الجامعي في بلدنا, فحقائق التاريخ تقول أن قائد الجيش العربي حابس المجالي لعب دوراً أساسياً في تأسيس أول جامعة في الأردن, أعني بها الجامعة الأردنية, عندما طلب تحويل هبة قدُمت للجيش لتكون تمويلا لإنشاء جامعة أردنية, وهكذا كان, وبذلك سطر جيشنا سطراً جديداً من حكايته مع التوطين, ومع كل سطر من هذه الحكاية كان بلدنا يدخل مرحلة تمدن جديدة, فمع توطين البدو في الأردن على يدي القوات المسلحة الأردنية وبواسطة مدارسها دخلنا في مرحلة جديدة, من مراحل التمدن والتحضر في مناطق الأردن المختلفة, ومع توطين التعليم الجامعي الذي كان بمبادرة من قائد الجيش قفزنا قفزات كبيرة في مضمار التمدن, وهاهي «كادبي» تكتب سطراً جديداً من سطور حكاية التوطين من خلال توطينها للمعرفة التكنولوجية لتقفز بنا قفزة نوعية في مضمار التمدن, من خلال مجمعها الصناعي ومنطقتها الحرة التي فوق أنها وطنت التكنولوجيا, فقد وفرت مئات فرص العمل لأبناء وبنات المنطقة بكل ما لذلك من دور في صناعة التحضر والتمدن. وهكذا فإن كادبي تواصل حكاية جيشنا مع التوطين, ولكن بصورة مختلفة تتناسب مع روح العصر وللحديث صلة.
 
Bilal.tall@yahoo.com