Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    10-Apr-2018

مَنْ يُديرُ مَنْ ؟ - ناديا هاشم العالول

 الراي - هل تديرنا طاحونة الغضب أمْ العكس صحيح.. من يدير من؟ سؤال يجدر التوقف عنده «وما بدْها فصاحة ولا فلسفة زايدة»، فثمة مؤشّرات لعنف متفاقم آخذ بالتألق مهما حاول المجمّلون نفيه زاعمين بأن اليوم جميل يشبه البارحة..

كلاّ وألف كلاّ.. فاليوم لا يشبه البارحة.. و كيف؟ وشعار (أنا اولا ومِنْ بعدي الطوفان)
بات مطلبا للبعض.. وهذا البعض بتزايد!
حاول المستنيرون بنظرتهم الاستشرافية ومقدرتهم على القراءة بين السّطور استباق الحلول بتقديم
الوقاية قبل العلاج، ولم يعرهم أحد أيَّ اهتمام، فتفاقَمَ العنف مولدا ربيعا عربيا بحلَل مختلفة عكست
نفسها على بعض الأقطار العربية، لتصلنا نفحاتها السلبية مقطّعة شرايين التواصل قاضية على الحوار
بين الأفراد والجماعات..
فمن انتحار هنا الى اقتحام بنوك هناك بسبب فقر او بطالة او حتى من أجل التباهي وتقليد «أفلام الأكشن» بعنجهية ما بعدها عنجهية!
فعلا عيْن «صابت» قناعتنا ودفء علاقاتنا الإجتماعية بمقتل فحملنا راية «داحس والغبراء» نافخين بأبواق «حرب البسوس» لكهْرَبة الأفراد والجماعات وتأزيم البلاد والعباد وهاتْ بعدها دبِّرها..هاتْ!
مصيبتنا تكمن بالتقليد الأعمى فلا نفعل الشيء لرغبة داخلية نابعة منا، وإنّما لتقليد الآخرين بلبسهم
بعفْشهم بأفكارهم حتى إذا فتح احدهم محلا لبيع الزهور نفعل الشيء نفسه وعلى بعد امتار منه..
هل يا تُرى، بسبب الغيرة؟ أم لضعف بالتفكير ونقص بالإبداع؟ هذه واحدة..
اما الثانية: نحن كعرب نتميز بالصخب الجميل، صفات محبّبة تعمّ سكاّن حوض البحر الأبيض المتوسط.. حيث تتشابه الطباع بحكم الجيرة والتداخل الجيني والبيئي مبلورة دمّا حارّا تتخلله حدّية الأقوال والأفعال بين الحين والآخر، إلا ان أوروبيي حوض المتوسط يمتازون عنا باعترافهم بمشاكلهم لحلّها بحينها، بالمقابل نحن بإصرار نغمض أعيننا عنها.. فمثلا:
*مشكلتنا تكمن بالخمول.. أكل وشرْب ونوْم وأرجيلة وسجائر ومراقبة الناس تميت صاحبها هما! فتتحول الطاقة الحبيسة إلى اكتئاب داخلي او عدوان خارجي..
* مشكلتنا بالفراغ العقلي لعدم المطالعة!
*مشكلتنا بالتستّرعلى مرتكبي الجرائم..
فكما الرّيادة علم فكر جرأة ابداع تطبيق على ارض الواقع تنمي وتطور، إلا أن التهوّر قد تتوفر فيه بعض * مشكلتنا بخلط المفردات فهنالك شعرة فارقة بين الشيء وضدّه.. فشتان ما بين التطوّر والتهور!
العناصر ولا تتوفر الأخرى، فالتهوّر هو جرأة عالية لا تستند إلى فكر، اما التطورّ فهو عمل مدروس له
استراتيجية، بينما التهور اندفاع، بدون تفكير كتغليب العاطفة على العقل، وللأسف نسبة التهوّر مرتفعة عندنا وهذه ثالثة الأثافي، يفاقمها التستر على المتهورين من مرتكبي المخالفات والجرائم بالإشارة الى اسماء مرتكبيها برموز مثل (س.ص.ع )، متقنين علْم «الجَبْر» فقط «بجَبْر الخواطر» عبر تجبير المكسور والتكتّم على المستور!
فكشْف المستور- وفقا لاجتهادات البعض – يخلق حالة من الهلع العام، فيُتجنَّب الإعترافُ بوجود مشكلة..
علما أن معالجتها بحينها كان مقدورا عليه من خلال اصلاحات علمية وتعليمية وثقافية ونفسية وتربوية
إضافة إلى معالجة الأسباب الأخرى من اقتصادية.. وقانونية بتطبيق القانون على الجميع!
فلنبحث بداية ظاهرة تفريغ البعض لشحنات غضبهم «لفظيا» على رؤوس غيرهم والمتكاثرة بسبب وبدون سبب، فهي تستحق الدراسة والمعالجة عبر إخضاعهم لدورات بإدارة الغضب، وكفانا مجاملة لكل ما هو غلط!
فالغاضبون بطبعهم هم المسؤولون المعبّدون للبنية التحتية الجاذبة لكل عنف حالي ومستقبلي،
بمبادراتهم السلبية الفردية والجمعية بشقّيْها اللفظي والجسدي. ولهذا تأهيلهم «واجب وطني» مطلوب يخضعهم لدورات «إدارة الغضب» المنتشرة تقنياتها عند الشعوب المتطورة الشرقية والغربية على حد
سواء منمّين مهارات « كظْم الغيظ» عند الغاضب والمغضوب عليه!
ناهيك عن تعلم مهارة «العفو «.. إضافة للنصائح الأخرى من التدرّب على الصبر والتماس الأعذار للغيْر وتمارين التنفّس وتغيير البيئة وغيرها..
ولا عجب في ذلك فكظم الغيظ والعفو هما من تعاليم ديننا الحنيف.. وما ينقص البعض هو التجسير بين العبادات والسلوكيات.. فقد قال االله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَااللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
– سورة آل عمران (134-( ناهيك عن أهمية الحلم وسعة الصدر والصبر ودورها في «كظم الغيظ «.. علاوة على أنّ رسولَ االله–صلى االله عليه وسلم–قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشديد من يملك نفسه عند الغضب»..
ويكفي أن صفة «العفو» هي من أسماء االله الحسنى، نكتسبها بتطبيق العبادات على السلوكيات.. وإلا ستكون عباداتنا بواد وممارساتنا بواد اخر!
فكفانا خمولا ولنبدأ بتصفية النيّة مشيا وهرولة لتفريغ مخزون الطاقة المتراكم بثقله السلبي الرازح على الصدر همّا ثقيلا، ليفرغه البعض على الآخرين غضبا وانفعالا بحالة عدم استهلاكها..
وكفى االله المؤمنين شرّ القتال!