Friday 29th of March 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    05-Apr-2018

التسلط داخل البيت الأُسَريِّ - الأب نادر سليم ساووق

الراي -  الأسرة هي النواة الأولى في المجتمع، وركيزته الأساسية، على هذه القاعدة فلا بدَّ من أن ترتقيَ مكونات الأُسْرَة لتكون على هذا المستوى. وينبغي في هذه الحالة أن تكون العلاقة التي تربط الوالِدَين رُوحية وإنسانية، بحيث تكون بمنأىً عن أية مظاهر للتسلط والعنف، وقريبة في الوقت نفسه من القيم السامية التي تؤكد عليها الكتب المقدسة بما في ذلك الروابط الإنسانية والمثاليات والقيم.إن التسلُّط وفرض الرأي والنيل من كرامة ومكانة أي طرف سواء الأب أو الأم يستحق ان يُطلق عليه أنه نوعٌ من الرعب في داخل البيت الأُسَرِيِّ.

وفي محاولة لقراءة مراحل نمو هذا النوع من الرعب نجد أنه يبدأ بنقص المرونة وعدم استيعاب رأي الآخر، وعند غياب الحوار ينفتح الطريق للتسلُّط الذي يتبعه في ظروفٍ العُنف بما يُشيع جواً من الخوف والرعب داخل البيت الأُسَريِّ.
قد ينبع تسلط الزوج من مفاهيم خاطئة تَعلّمها أو ورثها من أسرته أو من المجتمع. من هذه المفاهيم
:الطاعة والخضوع: يعتقد الرجل أحياناً أنَّ من واجبه إخضاع زوجته، فيلجأ إلى أساليب خاطئة وذلك بالغاء شخصيتها وعدم السماح لها بالنقاش على أساس أنَّ واجبها إطاعة أوامره وتعليماته فقط. أو بالتحكم بها كشيء يمتلكه فيفصلها عن أسرتها أو يسمح لأهله بالتسلط عليها. إن على كل زوج أنْ يعي المفهوم السليم للطاعة في المحبة والمودة وأن يتفهّم طبيعتها كإمرأة ويحترم مشاعرها ويقدّرها كإنسانة مساوية له في الكرامة. السُّلطويّة: قد تبدأ بالايذاء النفسيّ من خلال إهانات وشتائم وعنف لفظي، ثم تتحوّل في بعض الأحوال إلى الإيذاء الجسدي. هنا ننصح كل رجل قاسٍ أن يَعلم أنّه بإهانته زوجته إنّما يهين نفسه. إذ يتحول إلى مصدر خوف لها، عندها إمّا تَقبل الوضع بِذُلٍ، أو سيطفح كيلها وقد تهرب طالبةً الانفصال أو الطلاق. العنف: على الزوج الذي ُيبرّر العنف مراجعة حياته فيفتش عن إنسانيته ليوقف العنف ضدها، فيرى حقوق زوجته كأولوية له. وذِكر الحقوق من دون الواجبات أنانية، ومطالبة الآخر فقط بالواجبات تعسّف، فالزواج مسؤولية مشتركة أساسها الحب والإحترام المتبادل، وشراكة متساوية في الحقوق والواجبات.
أمّا الزوجة، فقد تتحول إلى مصدر خوف ورعب للأسرة، نتيجة مفاهيم خاطئة تفرضها بوسائلٍ، مثل: قوّة الشخصيّة مع العِناد: إذا اتصفت المرأة بشخصية أقوى من الرجل، أو بمركز اجتماعيّ أو مالي أفضل منه فقد تسعى إلى تهميش دوره في الأسرة ورعاية الأبناء، فيحيا بلا كرامة أمام الناس. وهي تعتقد خطأً أنَّ التسلط يُشبع كبرياءها. وعندما تتشوّه صورة الأب لدى الأبناء خصوصاً البنات قد يعمل هذا على فشلهم في الزواج في المستقبل. الدلال: إنها تستغل حب زوجها لها فترهقه بطلبات من دون مراعاة ظروفه، فتضغط عليه وتشعره بتقصيره المستمر في تحقيق رغباتها. وتدفعه إلى العمل ليلاً و نهاراً. وقد تكون هذه الزوجة مًسرفةً، لاتعرف قيمة المال، ولا تقدّر تَعَبَ زوجها، مما يُثقلهما بالديون.
إن المرأة التي تقنع بما قَسَم االله لها ولزوجها مِن رِزْقٍ، ولا تتطلع إلى مَتَاع الدنيا، وتسلك سبيل القناعة تكون سعيدة في حياتها وتحافظ على تماسك بيتها، وإلاّ كانت الدُّنيا وما فيها لا تكفيها. النكد والعصبيّة: هاتان الصِّفتان إن توفرتا في الزوجة وبالأخص هذه التي لا ترى سوى السلبيات في الحياة، ولها نظرة سوداويّة في الأمور، فتتفنّن في هذا الأسلوب السلبيّ، وبدلاً من أنْ تجعل من بيتها مكاناً آمناً ومريحاً يأوي إليّه الجميع بعد تعب النهار بارتياح ولهفة، تكون سبباً في هروب زوجها إلى المقاهي أو إلى لقاء أشخاص ربما تكون سيرة حياتهم غير حميدة فيبدأ بالإنحراف وينعكس هذا علي البيت الزوجي بمن فيه.
وخلاصة القول: هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة التي تفسدُ الزواج والأسرة، وتؤدي إلى انهيار البيوت والعلاقات الأسرية، ومن هنا يترتب علينا مسؤولية كبيرة كرجال دين ضرورة تأهيل المقبلين على الزواج، ليكونوا على قدر المسؤولية التي سيتحمّلونها، وتزويدهم بالخبرات والمهارات اللازمة لبناء أسرة متماسكة سعيدة.