Wednesday 24th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    06-Jun-2017

« السيد الكمبيادور» - د. محمود عبابنة
 
الراي - انتهيت مؤخراً من قراءة كتاب عبدالله عنان المؤرخ المغربي عن المسلمين في الاندلس واطلعت على كتاب الأستاذ الدكتور المؤرخ محمد عبده حتاملة عن الاندلس ، والمطالعة عن تاريخ الاندلس هي اكثر ما شدني في مطالعاتي التاريخية حتى أنني كرست وقتا اثناء دراستي في بريطانيا للاطلاع على التاريخ العربي في الاندلس طبقا لوجهة نظر المؤرخين الغربيين بحثا عن الموضوعية والانصاف ، ولقد سررت في مرات وحزنت في مرات أخرى مما كنت اقرأ ، فالأوروبيون يقرون بالفم الملآن باسهام حواضرالاندلس في الحضارة الإنسانية ، والعلوم المتقدمة ، والادب الرفيع ، كفن الموشحات ويذكرون ابداعات ابن رشد وابن عربي وابن خلدون والزهراوي وابن الهيثم واخرين كثر، ويتحدثون عن قرطبة حاضرة العالم في تلك العصور ، ويتغزلون بقصر الحمراء ، اعجوبة المعمار والهندسة في غرناطة ، الا ان هذه المصابيح المضيئة على مدى مئات السنين لم تبدد ظلام وظلم حكام ملوك الاندلس ولم تخلُ صفحاتهم من تاريخ مشيــن ، فبعيد انتهاء حكم الخليفة الاموي عبد الرحمن الداخل والمنصور العامري انقسمت الاندلس الى ممالك تحكمها الطوائف والقبائل وانخرط ملوك الاندلس بالحروب الداخلية وحياكة المؤامرات ضد بعضهم البعض مما اضعفهم واضطرهم لدفع الجزية لملوك قشتالة وارغون ونافارا و زاد ذلهم ذلا بالتسابق على الاستعانة بأعدائهم في حروب على الرياسة والنفوذ لقاء دفع الأموال الباهظة ، حتى خسروا جميع مدنهم وقصورهم ووصلت ذروة مأساتهم عندما اقدم اخر ملوكهم المدعو أبو عبدالله الصغير بتسليم مفتاح مملكته غرناطة لملوك قشتاله وارغون دون قتال لقاء خروجه سالما مع ثلاثين الف جنيه قشتالي وبعض المقتنيات بالإضافة الى عائلته وجواريه وحاشيته وأعوانه ، وتعد هذه الحادثة في الثاني من تشرين الثاني من عام 1494 رمزاً للتخاذل العربي فقد باع حاكم غرناطـــة مدينته بأبراجها وابوابها وقصورها ، وتخلى عن شعبه ليواجه مصيره من التنكيل والتهجير من قبل محاكم التفتيش.
 
ما لفت انتباهي بهذه القراءة المعروفة لجميع الملمين بالتاريخ الاندلسي هو شخصية محارب اسباني يدعى رودريجو ولقـب بالفارس (الكمبيادور) واطلـق عليــــه العرب اسم «السيد EL CID» او القمبيطور ، وقصة هذا الفارس تتلخص بأنه محارب لا يشق له غبار، ويتمتع بالدهاء وسعة الحيلة ويتبعه مئات من المرتزقة الفرسان الاسبان ، ويحارب لمن يدفع له، وقد استجار به كثير من حكام الفتنة في الاندلس وخطبوا وده وصادقوه ، وكان يتبختر بقصورهم كالطاووس ، وقيل ان ابن هود حاكم سرقسطة كان يدفع له 1000 دينار ذهبا لكل أسبوع مقابل ان يعيد له مدينة بلنسية ، الا ان طامعا اخر بالمدينة من الحكام المسلمين دفـــع لـه اكثر من ذلك فانقلب على ابن هود ومارس دور الارتزاق والبلطجة مع العرب بأبشع صورها ، فعندما دخل مدينة بلنسية اختصها لنفسه ولكن تحت مظلة التاج الاسباني ، وأرهق شعبها المسلم بالضرائب وارهق اغنياءها بالخاوات.
 
بالطبع لا نتعاطف كعرب مع هذه الشخصية المرتزقة ولكن التاريخ الاسباني يذكره كفارس مغوار وقبره في اسبانيا مزار وهو يستحق حب شعبه الاسباني له لان جهوده اثمرت في حرب الاسترداد بعد ان افرغ خزائن ملوك الطوائف في الاندلس الذين اعتبروه حامي الحمى في مواجهة بعضهم البعض مما سرع بنهايتهم ورحيلهم عن فردوسهم المفقود الذي عاثوا به فسادا ومجونا.