Thursday 25th of April 2024 Sahafi.jo | Ammanxchange.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
  • آخر تحديث
    24-Mar-2018

قناة الاتصال الهادئة بين كحلون ورام الله - نوعا لنداو

 

هآرتس
 
الغد- التوتر حول أيام الغضب التي اعقبت الاعتراف الأميركي بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل، لوحظ جيدا، الفلسطينيون مفصولون تماما عن الإدارة الأميركية، صفقة السلام بعيدة أكثر من أي وقت مضى وإلى قلب المقاطعة أخطأ وزير كبير في الحكومة الإسرائيلية وأعلن باللغة العربية وابتسامة واسعة على وجهه: "راحت القدس". في زمان ومكان آخر كان هذا بالتأكيد سيكون افتتاحية لمؤامرة إعلان حرب، لكن هذه القصة التي حدثت في نهاية الشهر الماضي رد الحضور بتسامح وقاموا بمصافحة الضيف – وزير المالية موشيه كحلون من حزب كلنا.
هذه لم تكن الزيارة الأولى لكحلون في رام الله، ولم يكن هذا اللقاء الأول مع شخصيات رفيعة من السلطة الفلسطينية. الإعلان استقبل بتسامح لأن المشاركين عرفوا اسلوب كحلون المباشر والفكاهي. منذ دخوله إلى مكتب وزير المالية فإن عضو الليكود السابق الذي هو الآن رئيس حزب بدون برنامج سياسي واضح، نجح في تطوير قناة اتصال هادئة مع القيادة الفلسطينية. بدأ على اساس التنسيق والتعاون الاقتصادي وبرعاية الاجهزة الأمنية، وبعد ذلك في مواضيع اخرى وبرعاية أميركية. عمليا، منذ إعلان الفلسطينيين انهم لن يجلسوا حول طاولة مفاوضات بوساطة واشنطن، بقي كحلون هو قناة الاتصال الوحيدة في المستوى السياسي.
على الرغم من أن اجراء الاتصالات بحد ذاته ليس سريا، فإن كحلون يحاول التقليل من هذا الجانب بالفعل. والعلاقة بدأت عند توليه منصب وزير المالية بعد الانتخابات في 2015 بمكالمة هاتفية من نظيره الفلسطيني شكري بشارة، التي تطورت إلى لقاء انضم اليه وزير الشؤون المدنية، حسين الشيخ. الأمر لم يكن يتعلق ببادرة حسن نية استثنائية أو استعراض للنوايا الحسنة. إسرائيل ملتزمة، حسب اتفاق باريس من اتفاقات اوسلو، الذي تم تحديثه في 2012 من قبل رئيس الحكومة نتنياهو الذي قال في حينه بأن هذه الاتفاقات أعدت من اجل "دعم المجتمع الفلسطيني وتقوية اقتصاده"، تنسيق وجهات النظر الاقتصادية المختلفة مع السلطة الفلسطينية ومنها نقل الأموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل. 
مع ذلك ومع مرور السنين حولت حكومات إسرائيل الأموال الفلسطينية إلى رهينة وجمدت أو أخرت في مرات كثيرة نقلها في ظروف مختلفة كوسيلة ضغط وعقاب. في واقع كهذا، أيضا قرار تسوية نقل الأموال يتحول إلى قرار سياسي مهم، وهكذا أيضا القرار في أي مستوى عمل يجري اللقاء.
في العام 2017 بدأ كحلون بالالتقاء، بعلم من نتنياهو ومباركته، مع رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله. الاثنان التقيا حتى الآن ثلاث مرات في رام الله، وقريبا يتوقع لقاء آخر في القدس. إضافة إلى ذلك، تجري بينهما وبين طواقمهما محادثات هاتفية.
في ظل غياب خطوات سياسية ملموسة، فإن الجيش الإسرائيلي يرى نفسه منذ فترة طويلة المسؤول عن الحفاظ على قنوات الحوار مع الضفة وقطاع غزة في معظم مجالات الحياة. الهدف المعلن دائما هو الحفاظ على السيطرة الامنية. في الجيش يؤمنون بأن "قنوات لبناء الثقة" مهمة لمنع الاحتجاج العنيف. "خطوات كابحة"، هكذا يسمون ذلك في اجهزة الامن. في هذه الخطوات يشرك الجيش بين الحين والآخر المستوى السياسي. كحلون كان مناسبا لها تماما. حزبه الجديد كان متحررا بما فيه الكفاية من القيود السياسية التقليدية، وقد أظهر الرغبة في تحريك عمليات جذرية، وتوجد له مؤهلات معينة في الكيمياء الانسانية. 
اللقاء الاول بين كحلون والحمد الله جرى في حزيران 2017 في رام الله، حيث جلسا على طاولة الافطار في رمضان، منذ عشر سنوات لم تكن زيارة بهذا المستوى في مناطق السلطة. منذ ذلك الحين انزلقت المحادثات بين الطاقمين أيضا إلى مواضيع متعلقة بتسهيلات على بناء الفلسطينيين في مناطق ج، المستوطنات، الوضع في القطاع، المصالحة بين الفصائل والإرهاب. الجزء الاساسي من النقاشات خصص للمواضيع الاقتصادية، ومنها زيادة تصاريح العمل للعمال الفلسطينيين في إسرائيل، علاج أزمة المياه والمجاري، مشروع ريادي لمنطقة صناعية مشتركة فيها حوالي 2000 عامل من الحريديم والفلسطينيين في موديعين عيليت، وصندوق مشترك من رسوم الإدارة التي تجبيها إسرائيل من الضرائب والذي سيتم تخصيصه لتشجيع مبادرات هاي تيك مشتركة ("نفترض أن شركة من رعنانا تريد العمل مع شركة من رام الله، عندها ستحصلان على منح"، تشرح مصادر مطلعة على الامر).
لكن عدد من الجهات الفلسطينية تقوم بتبريد الحماسة، حسب اقوالهم العلاقة مع كحلون موضوعية تماما وهي تنبع من الحاجة إلى ادارة الاتفاقات الاقتصادية مع إسرائيل. ويقولون إنه ليس لدى شخصيات كبيرة في السلطة أي تفضيل بشأن الجهة التي تجري الاتصالات معهم، طالما أنهم غير مستوطنين. إضافة إلى ذلك هم يشرحون بأنه في اوساط الجمهور الفلسطيني يوجد من يريدون قطع أي اتصال مع إسرائيل، لكن هؤلاء لا يفهمون أنه لا يمكن فعل ذلك.
داخل شبكة العلاقات المركبة والمتطورة، هذه دخل تقريبا بعد تولي ترامب رئاسة الولايات المتحدة، المبعوث الأميركي جيسون غرينبلات، لقد بدأ بالالتقاء مع الجنرال يوآف مردخاي وبعد ذلك عرف أيضا عن الدور الذي يقوم به كحلون. "رؤية السلام الاقتصادي" لاءمت منذ البداية مبعوث الرئيس ترامب، لكن اهميتها تعاظمت عندما تحولت لتصبح الامكانية الوحيدة على الطاولة في ظل القطيعة الشديدة مع القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس. غرينبلات ووزير المالية الأميركي ستيف مينوتسن التقيا مع كحلون عدة مرات وبدأوا في تعزيز التعاون، ولا سيما عرض نتائج. الصور القليلة عن اللقاءات يمكن ايجادها في صفحة تويتر لغرينبلات، الذي بدرجة معينة يخرج بصورة ثابتة الطرفين من الصندوق الذي كانوا يفضلون ابقاءه مغلقا.
مثلا في اللقاء الثاني بين كحلون والحمد الله في تشرين الأول الماضي والذي بقي سريا إلى أن كشف في "إذاعة الجيش"، تحدثا بتشجيع أميركي عن توسيع ساعات العمل في معبر اللنبي (جسر الملك حسين) والمعابر الاخرى في الضفة الغربية. وفد برئاسة مدير عام وزارة المالية تجول في مدينة روابي من اجل دعم شق طريق للوصول اليها.
وزير الاقتصاد ايلي كوهين (من حزب كلنا) زار الضفة من اجل ترويج اقامة منطقة صناعية مشتركة. بعد ذلك التقى كوهين في باريس مع نظيرته الفلسطينية عبير عودة. وفي كانون الثاني وقف كحلون مع ممثلين أميركيين وفلسطينيين لالتقاء صورة احتفالية في تدشين ماكينة فحص جديدة في معبر اللنبي التي اشتريت بمساعدة اوروبية.
نتنياهو وعباس يعرفان ما يجري في اللقاءات. إن وضع كحلون في مقدمة المنصة يلائم الجميع. عندما تكون منصة للتفاخر فإن نتنياهو الذي طوال سنوات روج بنفسه فكرة "السلام الاقتصادي" يمكنه أن ينسب الفضل لنفسه امام الادارة الأميركية. وعندما يأتي انتقاد من اليمين يستطيع اتهام كحلون. بقي سؤال إلى أين كحلون نفسه سيأخذ دوره الجديد. خطة سياسية متبلورة أو حتى جزئية حتى الآن لم تخرج من هذا.